نقص حاد في عمال البناء يقوّض خطط الحكومة البريطانية لبناء المساكن

13 ديسمبر 2024
كير ستارمر يزور مشروع بناء شرق إنكلترا، 12 ديسمبر 2024 (كريس رادبورن/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تواجه الحكومة البريطانية تحديات في تحقيق هدف بناء 1.5 مليون منزل بحلول 2029 بسبب نقص العمالة في قطاع البناء، مما يهدد خطط النمو الاقتصادي.
- يعاني القطاع من فقدان 500 ألف عامل بسبب التقاعد، وتخطط الحكومة لإنشاء 32 مركزاً للمهارات لتدريب 5000 متدرب سنوياً بحلول 2028، لكن نظام التعليم الحالي غير كافٍ.
- تعقيدات سياسات الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تزيد من صعوبة سد النقص في العمالة، وتسعى الحكومة لتدريب القوى العاملة المحلية لتقليل الاعتماد على العمال الأجانب.

يقوّض النقص الحاد في عمال البناء أسس خطط الحكومة البريطانية لبناء 1.5 مليون منزل بحلول عام 2029 في إنكلترا من أجل تحفيز النمو الاقتصادي. فمنذ فاز حزب العمال بزعامة رئيس الوزراء كير ستارمر في انتخابات يوليو/تموز الماضي، كان فوزه بناء على تعهد بتعزيز النمو وتحسين البنية التحتية، فضلاً عن إصلاح الخدمات العامة، علماً أن هذا القطاع يمثل 6% من الناتج المحلي الإجمالي، لكنه يدعم النمو في قطاعات أخرى.

وقد رحّب المطورون بتفاصيل خططه لإصلاح نظام التخطيط البريطاني وتحرير المزيد من الأراضي للبناء، يقول كثيرون إن طموحات حكومة ستارمر غير قابلة للتحقيق ما لم تتم معالجة نقص العمال والمهارات. وأثارت هذه الفجوات تساؤلات حول ما إذا كانت بريطانيا بحاجة إلى إعادة التفكير في نظام الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب التدريب الأفضل لإدخال المزيد من الشباب إلى القوى العاملة المتقدمة في السن.

وفي هذا الصدد، قال الرئيس التنفيذي لشركة ليونكورت هومز، كولين كول: "ليس لدينا ما يكفي من العمال لبناء الحجم الذي نريد بناءه الآن، ناهيك عن التفكير في أننا سنصل إلى 1.5 مليون منزل على مدى السنوات الخمس المقبلة"، مضيفاً: "لذا فهي قضية كبيرة". وقال كول إن عمال ليونكورت البالغ عددهم 1000 عامل، ومعظمهم من المقاولين من الباطن، يعملون بكامل طاقتهم للتعامل مع عبء العمل الحالي.

وكول الذي من المقرر أن تفتتح شركته ثاني أكبر موقع إسكان لها حتى الآن في مدينة ووستر بوسط إنكلترا الشهر المقبل، أضاف: "سنكافح للحصول على أعداد المقاولين لتلبية هذا الطلب". وتهدف ليونكورت إلى زيادة مبيعاتها إلى 250 منزلاً في غضون 12 شهراً من مارس/آذار 2025 إلى مارس 2026، من 165 في الأشهر الـ12 السابقة، وإلى 500 على مدى السنوات الخمس التالية، وهي خطط تسبق إعلانات الإصلاح الحكومية الجديدة.

عمال البناء وواقع الوظائف في بريطانيا

لقد افتقرت بريطانيا منذ فترة طويلة إلى المرشحين لشغل الوظائف، وهي المشكلة التي تفاقمت بسبب تصويت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في عام 2016 وكورونا، مع ارتفاع عدد الوظائف الشاغرة عن مستواها قبل الوباء. كما هو الحال في العديد من البلدان الأخرى، يجب على قطاع البناء التعامل أيضاً مع العديد من العمال المهرة الذين يقتربون من سن التقاعد. وتتوقع جمعية منتجات البناء أن يخسر القطاع 500 ألف عامل بسبب التقاعد على مدى السنوات العشر إلى الخمس عشرة المقبلة، وهو ما يثل نحو 25% من إجمالي القوى العاملة.

أعلنت الحكومة عن 32 مركزاً للمهارات لتوفير تدريب سريع لـ5000 متدرب إضافي في مجال بناء المنازل سنوياً بحلول عام 2028 في مهن مثل البناء بالطوب والسقالات

وتابع أن 65% من عمال البناء في ليونكورت تزيد أعمارهم عن 45 عاماً وحوالي 45% أكبر من 55 عاماً، علماً أن أقل من 10% تتراوح أعمارهم بين 25 عاماً أو أقل. ويقول خبراء الصناعة والشركات إن نظام التعليم في بريطانيا لا يوفر للجيل القادم من عمال البناء المهارات اللازمة. وتظهر بيانات اتحادات بناة المنازل أن واحداً فقط من كل أربعة طلاب يكملون دورات البناء بدوام كامل يدخلون العمل بعد الانتهاء من التعليم الإضافي.

وأعلنت الحكومة عن 32 مركزاً للمهارات لتوفير تدريب سريع لـ5000 متدرب إضافي في مجال بناء المنازل سنوياً بحلول عام 2028 في مهن مثل البناء بالطوب والسقالات. وأفاد مجلس تدريب صناعة البناء والذي يمثل البنية التحتية وكذلك بناء المنازل، بأن هناك حوالي 33600 متدرب في برامج تدريب طويلة الأجل في 2022-2023، وهو أقل من 50 ألف مطلوب كل عام للحفاظ على النشاط.

وإحدى الإجابات المحتملة هي أن يعكس القطاع تنوع سكان بريطانيا، فيما قال معهد البناء المعتمد أن 6% فقط من العمال يأتون من خلفية سوداء أو آسيوية أو أقلية عرقية، مقارنة بـ18% من عامة الناس. وفي الوقت نفسه، 15% فقط من القوى العاملة من النساء.

علاقة نقص عمال البناء بسياسة الهجرة البريطانية

قد يجبر العثور على عمال للقيام بالبناء ستارمر على إيجاد طريقة للتوفيق بين وعوده بخفض مستويات الهجرة القياسية واحتياجات أصحاب العمل. وقالت الخبيرة الاقتصادية البريطانية في كابيتال إيكونوميكس، آشلي ويب: "يمكنك أن تزعم أن العمال الأجانب سيكونون في الواقع رافعة مفيدة للغاية هنا لمساعدتهم على بناء المعروض من العمالة المطلوبة".

وقبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، كان لمواطني الاتحاد الأوروبي حقوق غير مقيدة للعيش والعمل في بريطانيا. وتقول الشركات الآن إن نظام رعاية العمال الأوروبيين يجعل من الصعب للغاية سد النقص. وذكر المدير التنفيذي لاتحاد بناة المنازل، ستيف تيرنر، إن عملية رعاية أصحاب العمل للعمال الأجانب لم تكن ناجحة، حتى بعد أن خففت الحكومة المحافظة السابقة ضوابط الهجرة لبعض أدوار البناء بما في ذلك عمال البناء والكهربائيين والنجارين، مضيفاً: "لا يستخدم بناة المنازل النظام على الإطلاق لأنه معقد للغاية ويستغرق وقتًا طويلاً ومكلفاً".

وتريد الحكومة تدريب الأشخاص الموجودين بالفعل في بريطانيا، لتقليل الاعتماد على العمال الأجانب. وقال وزير الإسكان ماثيو بينيكوك يوم الخميس: "نحن لا نفكر في تخفيف القيود، لكننا سنعتمد جزئيا، وجزئيا نتيجة للتغيير الذي أجرته الحكومة السابقة، على بعض العمال الأجانب". ولفت في تصريح لإذاعة إل بي سي: "يتعين علينا أن نبذل المزيد من الجهود لتدريب وتأهيل شعبنا للعمل في هذه الصناعة".

( رويترز، العربي الجديد)

المساهمون