نفط ليبيا ورقة ضغط في التسوية الشاملة: صراع الإيرادات

24 نوفمبر 2020
النفط المصدر الرئيسي للدخل في البلاد (فرانس برس)
+ الخط -

تصاعد الخلاف بين المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس والمصرف المركزي حول الإيرادات المالية، إذ أعلنت المؤسسة عن احتجاز الإيرادات في حساباتها لدى المصرف الليبي الخارجي "بشكل مؤقت" إلى حين الوصول إلى تسوية سياسية شاملة، والتي من أهم مخرجاتها الاستخدام العادل للإيرادات بين كل مدن وقرى ليبيا.
وأوضحت المؤسسة عبر بيان، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أن الإيرادات النفطية في ليبيا بلغت 186 مليار دولار خلال التسع سنوات الماضية.
وذكرت أنها بصدد التعاقد مع إحدى الشركات العالمية الكبرى للمراجعة والتدقيق المالي لأنظمتها المالية والإدارية، مؤكدة أن كافة إيرادات الدولة الليبية وأيضا حقوق الشركاء الأجانب موثقة توثيقا دقيقا ومحتجزة في حسابات المؤسسة لدى المصرف الليبي الخارجي.
ووفق المؤسسة الوطنية للنفط، فإنه حتى ذلك الحين ستحتفظ بالمال في المصرف الليبي الخارجي، لافتة إلى أنها بصدد التعاقد مع إحدى الشركات العالمية الكبرى للمراجعة والتدقيق المالي لأنظمتها المالية والإدارية، وأن "كافة الإيرادات وحقوق الشركاء الأجانب موثقة توثيقاً دقيقاً".
وأشارت إلى أن بيان المصرف المركزي الصادر في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، حول الإيرادات والإنفاق خلال الفترة من 1 يناير/كانون الثاني إلى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2020 "غير دقيق وبه مغالطات وتضليل وادعاءات كيدية".

وكان مصرف ليبيا المركزي قد أعلن، في وقت سابق، أن إجمالي الإيرادات النفطية الفعلية حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول، بلغ 2.4 مليار دينار (1.74 مليار دولار).
لكن مؤسسة النفط ذكرت في بيانها أن الإيرادات النفطية الفعلية والمودعة لدى مصرف ليبيا المركزي بلغت 3.7 مليارات دولار، أي ما يعادل 5.2 مليارات دينار، وليس كما جاء في بيان المصرف المركزي، مضيفة أن الإيرادات النفطية خلال السنوات التسع الماضية بلغت 186 مليار دولار.
وفي هذا السياق، قال المحلل الاقتصادي رمضان السنوسي، لـ"العربي الجديد" إن إيرادات النفط وإيداعها بالمصرف الخارجي تنظمه تشريعات ولوائح، حيث لا سلطان للمؤسسة على هذا الحساب.
وأضاف السنوسي أن الأموال تدرج في ميزانية الدولة وتصدر المخصصات من وزارة التخطيط، مشيراً إلى أن حديث مؤسسة النفط بأنها ستحجب الأموال عن المركزي إلى حين معرفة كيف صرفت هذه الإيرادات، غير سليم، لأنه ليست لها علاقة بالرقابة على الإنفاق.
وتأتي هذه التطورات في ظل سعي الجانبين المتصارعين (حكومة الوفاق المعترف بها دوليا والكيان الموازي في شرق ليبيا)، إلى توحيد عمل المؤسسات المالية والاقتصادية للحد من الأزمات الخانقة التي تعاني منها البلاد، وذلك عبر المفاوضات الجارية بينهما بدعم إقليمي ودولي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ومن جانبه، حذّر المحلل الاقتصادي وئام المصراتي، من أن الصراع بين المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي بشأن الإيرادات النفطية سوف يعقد الوضع الاقتصادي. ودعا إلى ضرورة تدخل ديوان المحاسبة كجهة رقابية مالية للفصل في حقيقة ادعاءات الطرفين.

ولم يعلق بعد البنك المركزي على قرار مؤسسة النفط تعليق تحويل الإيرادات، غير أنه أشار في بيانه الأخير إلى خسارة ليبيا نحو 10 مليارات دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام بسبب توقف الإنتاج والتصدير.
وفي 17 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأت قوات تتبع اللواء المتقاعد خليفة حفتر إغلاق ميناء الزويتينة لتصدير النفط والغاز المسال (شرق)، بدعوى أن أموال بيع النفط تستخدمها الحكومة الليبية المعترف بها دوليا في تمويل المجهود العسكري.
كما أقفلوا موانئ وحقولا أخرى، ما دفع مؤسسة النفط إلى إعلان حالة "القوة القاهرة" فيها، قبل إعلان التوصل إلى اتفاق ينهي الإغلاق في سبتمبر/أيلول، وبدأت الدولة في استعادة الإنتاج تدريجياً.
وانقسمت ليبيا في السنوات الأخيرة بين فصائل متحاربة في الغرب والشرق، مع تقسيم معظم مؤسسات الدولة بين إدارات متناحرة. ولكن الاتفاقيات الدولية ضمنت أن تظل المؤسسة الوطنية للنفط المنتج الشرعي الوحيد للنفط في البلاد وأن تتدفق جميع عائدات التصدير عبر مصرف ليبيا المركزي لتمويل القطاع العام.

ويقع مقر كل من المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي في طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا. وصدّت حكومة الوفاق هجوما استمر شهوراً شنته قوات حفتر للسيطرة على المدينة.

وحسب أحدث بيانات رسمية، بلغ إنتاج ليبيا من النفط 1.250 مليون برميل يوميًا، ويأتي ذلك بعد توقف النفط إنتاجًا وتصديرًا خلال الستة أشهر الماضية، ما تسبب في خسائر باهظة للقطاع.
وسيطر قطاع النفط منذ ستينيات القرن الماضي على الأنشطة الاقتصادية التقليدية في ليبيا، حتى أصبح المصدر الرئيسي للدخل القومي في البلاد، إذ يوفر نحو 95% من الإيرادات المالية، حسب بيانات رسمية.

المساهمون