استمع إلى الملخص
- إيران تستعد للرد بقوة على أي هجوم إسرائيلي، حيث يهدد الحرس الثوري باستهداف البنية التحتية الإسرائيلية، بينما يسعى وزير النفط الإيراني لطمأنة الأسواق.
- الهجوم المحتمل قد يؤثر على أسواق الطاقة العالمية، لكن يمكن تعويض النقص من دول أخرى، رغم الضغوط الدولية لتجنب زيادة أسعار النفط.
السؤال الأهم لم يعد: ماذا لو بات نفط إيران في مرمي إسرائيل؟ وماذا لو استهدفت إسرائيل صناعة النفط الإيرانية من حقول وأنابيب ومصافٍ وموانئ ومنشآت ومحطات تصديرية؟ لكنه أصبح: متى تستهدف تل أبيب تلك الصناعة الحيوية، وبالتالي توجه ضربة قوية للاقتصاد الإيراني وقطاعه المالي؟ وما هي السيناريوهات المحتملة والتوقعات على أسواق السلع وفي مقدمتها مشتقات الوقود والحبوب؟
السؤال يأتي على خلفية زيادة الحديث عن احتمالات توجيه إسرائيل ضربة عسكرية لإيران وشن "هجوم واسع وكبير" في إطار الرد على هجوم صاروخي واسع جرى يوم الثلاثاء، ومن بين المواقع الاستراتيجية التي يجري الحديث بشأن استهدافها من قبل جيش الاحتلال حقول ومصافي النفط الإيرانية، إلى جانب استهداف المواقع النووية ومواقع حيوية أخرى مثل منشآت الغاز ومحطات الطاقة والتكرير وغيرها.
وقد صدرت عدة إشارات من إسرائيل وخارجها بشأن احتمال استهداف قطاع الطاقة الإيراني الحيوي في القريب العاجل، حيث نقل موقع أكسيوس الإخباري الأميركي يوم الأربعاء عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن إسرائيل ستوجه "رداً كبيراً" قد يستهدف منشآت إنتاج النفط داخل إيران. وتوقع هؤلاء قيام إسرائيل بشن غارة جوية واسعة النطاق ضد صناعة النفط الإيرانية، وربما شن هجوم على أهداف عسكرية مرتبطة بالبرنامج النووي.
صدرت عدة إشارات من إسرائيل وخارجها بشأن احتمال استهداف قطاع الطاقة الإيراني الحيوي في القريب العاجل
ولأنّ إيران تستشعر الخطر من احتمالية استهداف إسرائيل قطاعها النفطي، المولد الرئيسي للإيرادات النقدية، فقد جاء رد فعلها سريعا حيث لوّح قيادي في الحرس الثوري باستهداف البنية التحتية الإسرائيلية، بما يشمل مصافي النفط إذا شنت تل أبيب هجوماً على إيران، وأعلن الحرس يوم الجمعة، أنه سيستهدف مصافي التكرير وحقول الغاز الإسرائيلية إذا هاجمت تل أبيب طهران. وقال نائب القائد العام لحرس الثورة في إيران علي فدوي "إن أخطأ كيان الاحتلال، فسنستهدف كل مصادر الطاقة ومحطات الطاقة وجميع المصافي والحقول الغازية لديه".
كما جاءت تحركات وزير النفط الإيراني، محسن باك نجاد، السريعة لطمأنة أسواق الطاقة والدول المشترية والعاملين في هذا القطاع الحيوي حيث زار مواقع نفطية مهمة يومي السبت والأحد منها عسلوية، عاصمة الطاقة في البلاد، وجزيرة خارك، وسط مخاوف من وقوع نفط إيران في مرمي إسرائيل، واستهداف دولة الاحتلال للميناء النفطي هناك وهو الأكبر في الدولة.
هجوم إسرائيل الكبير المتوقع على نفط إيران ستكون له تأثيرات كبيرة على أسواق الطاقة في العالم إذا ما صاحبه إغلاق إيران مضيق هرمز، العنق الرئيسي للنفط في العالم، في وجه صادرات النفط الخليجي والعراقي، أو صاحبه استهداف طهران موانئ ومنشآت نفطية في منطقة الخليج وهو أمر، إن حدث، يمثل خطورة لأسواق الطاقة، إذ إن نحو 40% من إمدادات وتجارة النفط والغاز في العالم تأتي من منطقة الخليج الغنية بمنتجات الطاقة وعبر مضيق هرمز أهم شريان نفطي، وبالتالي قد تشهد الأسواق حالة من الهلع بسبب توقف موانئ الشحن والتصدير في المنطقة، ومن هنا جاءت التوقعات بحدوث قفزة في أسعار النفط مرة واحدة، وكذا حدوث موجة تضخم، في حال توجيه إسرائيل ضربة لإيران.
نحو 40% من إمدادات وتجارة النفط والغاز في العالم تأتي من منطقة الخليج الغنية بمنتجات الطاقة وعبر مضيق هرمز أهم شريان نفطي
لكن ورغم تلك التوقعات فإن العالم يمكنه على المدى القصير التعايش بدون النفط الإيراني في ظل عدة اعتبارات منها مثلا أن السعودية والإمارات يمكن أن تعوضا جزءا كبيرا من صادرات إيران المعطلة، كما أن باقي دول منظمة أوبك يمكن أن تسد أي نقص متوقع في الأسواق في حال استهداف قطاع الطاقة الإيراني، خاصة وأن الأسواق تشهد بالفعل تراجعا في الطلب على النفط وزيادة في الاحتياطيات النفطية.
ورغم تلك الاعتبارات وغيرها فإن الضربة الإسرائيلية للنفط الإيراني قد تكون محدودة وغير واسعة النطاق، فالإدارة الأميركية غير راغبة في زيادة سعر النفط ومشتقات الوقود في هذا التوقيت، لأنه ليس في صالح المرشحة كاملا هارس التي تخوض سباقا شرسا ضد دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية المقبلة، ومن هنا جاءت دعوة جو بايدن إسرائيل لعدم استهداف منشآت النفط الإيرانية، لكن هل يستجيب نتنياهو للدعوة؟
العالم غير مستعد للدخول في موجة تضخمية تشبه تلك التي جرت في بداية عام 2022 وعقب حرب أوكرانيا وجرّت الأسواق لموجة غلاء فير مسبوقة، كما أن ضربة كتلك قد يعقبها ضرب إيران وحزب الله منشآت الغاز الإسرائيلية الواقعة في شرق البحر المتوسط والتي تمثل أهمية قصوى لاقتصاد إسرائيل في الوقت الذي تهاوت فيه إيرادات النقد الأجنبي من أنشطة أخرى منها صادرات السلاح وقطاع التقنية والاستثمار المباشر مع استمرار الحرب.