نضوب مصادر دخل معظم الفئات العاملة في اليمن

07 مايو 2024
مزارع في أحد حقول صنعاء يوم 23 مايو 2023 (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- اليمن يعاني من تدهور كارثي في قطاع التشغيل بسبب الصراع المحلي والتأثيرات الخارجية، مما أدى إلى زيادة معدلات الفقر والبطالة بشكل كبير، وتراجع النشاط الاقتصادي ونضوب مصادر الدخل.
- انهيار المنظومة القانونية والتعاقدية وتفكك مؤسسات الدولة أثر سلباً على التشغيل في القطاع الخاص، مع تدهور جودة الوظائف وانخفاض أجورها وانعدام الأمان الوظيفي.
- محاولات لإعادة تفعيل أنشطة الجمعيات التعاونية في القطاعات الإنتاجية لمواجهة التدهور الاقتصادي، مع التأكيد على الحاجة الماسة لإصلاحات اقتصادية واجتماعية شاملة لمكافحة الفقر والبطالة.

بينما يستمر قطاع التشغيل في اليمن بالتدهور الكارثي من عام إلى آخر بسبب الصراع المحلي في البلاد، جاء العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة وحرب السفن في البحر الأحمر ليصبا المزيد من الزيت على النار، خاصة في القطاعات التي كانت تكافح بصورة مضنية للصمود في وجه العواصف التي تواجهها.

يأتي ذلك، في وقت أفرز فيه الصراع العديد من الظواهر السلبية، إذ زاد معدل الفقر إلى قرابة 80%، بحسب تقارير الأمم المتحدة، وقفز معدل البطالة بين الشباب إلى أكثر من 75%، إلى جانب التراجع الكبير في النشاط الاقتصادي في جميع القطاعات الإنتاجية والخدمية. كل تلك المؤشرات أدت إلى نضوب مصادر الدخل لمعظم الفئات العاملة، كما أن تزايد سعر صرف الدولار سبّب تدهور القوة الشرائية للريال اليمني، وأصبحت السلع الغذائية والضرورية بعيدة المنال عن متناول معظم المواطنين بالأخص الفئات العمالية منهم.

الخبير القانوني المتخصص في أنظمة العمل علي الدبعي، يشير لـ"العربي الجديد"، إلى أن الأوضاع الراهنة التي يمر بها اليمن بفعل الصراع الدائر في البلاد سبّبت بتدني جودة الوظائف وانخفاض أجورها وعدم انتظامها مع انعدام الأمان الوظيفي الأمر الذي يجعل الكثير من المواطنين يقبلون بأي فرصة عمل متاحة من دون النظر إلى أجرها، خاصة الفئات العمالية النازحة من القطاع العام بسبب انقطاع الرواتب.

يعتبر تقرير صادر عن البنك الدولي منتصف العام الماضي، بناءً على نتائج مسح أجراه البنك على عينة من الموظفين في مناطق طرفي الصراع، أن 33% من الوظائف دائمة بطبيعتها، بمعدلات تتراوح بين 40% في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً، و29% في مناطق الحوثيين.

يتطرق الدبعي إلى نقطة مهمة في هذا السياق، تتمثل في انهيار المنظومة القانونية والتعاقدية التي كانت تنظم العلاقة بين جميع أطراف العمل، مرجعاً سبب ذلك إلى تفكك مؤسسات الدولة وانقسامها وتراجع عملية التشغيل في القطاع الخاص، إضافة إلى انهيار الكيانات النقابية وتعرضها للتجريف، حيث استهدفتها أطراف الصراع بكل الوسائل الممكنة لتفريغها وإضعاف نشاطها ودورها. 

من جانبه، يؤكد النقابي اليمني، حمدي غانم، لـ"العربي الجديد"، أن هناك حراكا بدأ يتشكل، خلال الفترة الماضية، لإعادة تفعيل أنشطة الجمعيات التعاونية في أهم القطاعات التشغيلية باليمن مثل القطاعين الزراعي والسمكي، لافتاً إلى أنّ اهتزاز هذه القطاعات الإنتاجية وتدهورها والتي تستوعب النسبة الأكبر من الأيدي العاملة كان له أثر كبير في تلاشي مصادر الدخل وتمدد الفقر والبطالة في البلاد.

يعدد غانم مجموعة من الأسباب التي أدت إلى تدهور القطاعات التشغيلية في اليمن مع انهيار القطاع العام، أهمها التغيرات المناخية التي أثرت على القطاع الزراعي وتقلص منافذ التصدير وتبعات ذلك أيضاً على القطاعات النفطية وأداء النقابات العمالية في هذه القطاعات. ووفق النقابي اليمني، يأتي ذلك فضلاً عن الأحداث الأخيرة بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة وحرب السفن المحتدمة في البحر الأحمر ومختلف الممرات المائية اليمنية والتي طاولت تأثيراتها فئة عمالية كبيرة تتمثل بالصيادين وسلسلة الأعمال والأنشطة المرتبطة بقطاع الصيد.

ويربط خبراء اقتصاد بين الأمن الغذائي والتوظيف، إذ تعاني الأسر التي لا يعمل أي من أفرادها، أو التي يعمل أفرادها بوصفهم عمالةً زراعية موسمية في جميع أنحاء البلاد انعدامَ الأمن الغذائي.

وكان القطاع العام مصدراً مهمّاً للوظائف قبل الحرب في اليمن، إذ تذكر إحصاءات منظمة العمل الدولية أنّ أكثر من 30% من القوى العاملة اليمنية كانت تعمل في القطاع العام قبل الحرب، في حين تشير الأرقام الرسمية إلى أن كشوف المرتبات العامة تحتوي على حوالي 1.25 مليون شخص.

كانت مرتبات القطاع العام تدعم ما يصل إلى ستة ملايين يمني أي أكثر من خمس سكان اليمن قبل الحرب عام 2015، بينما كان ما يقرب من ثلث العمال، أي حوالي 477 ألف شخص، موظفين مدنيين في الدوائر الإدارية، وفق بيانات رسمية.

الباحث الاقتصادي منير القواس، يرى في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ اليمن يعيش على وقع تغير جذري في سوق العمل مع انهيار سبل العيش ونضوب مصادر الدخل المتاحة واهتزاز أهم جهة تشغيلية في اليمن حيث كان القطاع العام هو الذي يقود عملية التشغيل في البلاد.

ودفع استمرار عدم صرف رواتب موظفي الخدمة المدنية في 11 محافظة يسيطر عليها الحوثيون إلى تغيبهم عن العمل. وتشير تقارير "يونيسف" إلى أن 171 ألف معلم، أي نحو 64% من إجمالي عدد المعلمين في اليمن، لم يتلقوا رواتبهم بانتظام منذ 2016. أما في قطاع الصحة، فتشير تقارير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن 26 إلى 30 ألف عامل صحي لا يتلقون رواتبهم بانتظام.

وظلت رواتب عام 2014 سارية من دون تغيير حتى عام 2019 عندما أضافت الحكومة المعترف بها دولياً بدلاً بنسبة 30% من الراتب للتعويض عن أثر التضخم، وعلى الرغم من ذلك شهدت القوة الشرائية لرواتب موظفي الخدمة المدنية تراجعاً كبيراً منذ نحو 10 أعوام.

المساهمون