نازحو شمالي سورية يكتوون بأسعار مواد التدفئة

24 أكتوبر 2024
يعاني النازحون من ارتفاع تكلفة وسائل التدفئة مع دخول الشتاء (العربي الجديد)
+ الخط -

شهدت أسعار المواد اللازمة للتحضير لفصل الشتاء في مناطق شمال غربي سورية ارتفاعاً لافتاً في الوقت الذي لا تزال القدرة الشرائية فيه ضعيفة لدى الأهالي.

وسجلت أسعار الحطب ارتفاعاً ملحوظاً عن الأعوام السابقة، وصلت إلى 200 دولار للطن الواحد، بدلاً من 125 دولاراً العام الماضي، في حين أصبح تأمين المازوت حلماً بعيد المنال، نظراً لتكلفته العالية، إذ وصل سعر البرميل الواحد من النوع الرديء إلى 250 دولاراً.

كما قفزت أسعار الفحم الحجري، فضلاً عن زيادة واضحة في أسعار معدات الشتاء كالمدافئ والسجاد والأغطية التي أصبحت تباع بالدولار ما يضع الفقراء في مواجهة شتاء قاس ومخاطر متزايدة.
يقول النازح المقيم في مخيمات الوحلة شمال إدلب، أحمد الطه، إن "الوضع يزداد سوءاً عاماً بعد عام، كنا نعتمد على الحطب لكنه الآن أصبح مكلفاً، وتجاوز سعر الطن قدرتنا المادية بكثير، حاولنا الانتقال لمواد أقل تكلفة، لكنه أصبح مكلفاً أيضاً، لا أعلم كيف سنقضي فصل الشتاء هذا العام".

لا يجد الطه عملاً ثابتاً ويعاني من ضعف الفرص والأجور التي لا تتجاوز ثلاثة دولارات في اليوم، ويخشى على صحة أطفاله الأربعة من البرد القارس بخاصة أنهم مصابون بأمراض صدرية ويعيشون في خيمة مهترئة، ولا يملك لردّ البرد عنهم غير الملابس والبطانيات.

حاول بعض الأهالي إيجاد حلول للتخفيف من التوتر والخوف من ضعف الاستعدادات للشتاء، عبر الاستفادة من الموارد المتاحة، ومنهم النازحة حياة البيلوني التي قررت الاحتفاظ بمخلفات الزراعة في خيمتها الواقعة شمالي إدلب، كبقايا مشاتل الخضراوات وأغصان الأشجار المتساقطة، لاستخدامها في التدفئة، علها تساعدهم في تأمين بعض الدفء وتسخين الطعام. تقول إنّ فصل الشتاء عبء كبير عليهم بما يحمله من تكاليف إضافية لا قدرة لهم على تحملها، فحتى المدافئ ارتفعت أسعارها أيضاً هذا العام لتتراوح بين 200 و300 دولار، وكذلك أسعار المفروشات الشتوية، ما دفعها للتوجه نحو أسواق البضائع المستعملة للحصول على مدفأة ومفروشات أقل تكلفة.

وتشير البيلوني إلى ضعف الاستجابة الإنسانية من قبل منظمات المجتمع المدني هذا العام، حيث كانت تحصل في السابق على بعض البطانيات ومادة الفحم، أو مبالغ مالية لشراء هذه المواد، غير أنها لم تعد موجودة مؤخراً، وهو ما زاد الأعباء عليهم بشكل كبير.

 

صعوبات توفير المواد الإغاثية في سورية

من جانبه، يقول مدير مخيم الرحمة، شمال إدلب، خالد الصغير، إن "المنظمات الإغاثية تواجه صعوبات متزايدة في توفير المواد الإغاثية، بخاصة مع تناقص التمويل الدولي، وتزايد الفقر والاحتياجات، والكميات المتوفرة لا تكفي لجميع العائلات الأكثر فقراً وسكان المخيمات، ويجري وضع معايير تعجيزية للحصول عليها كوجود معاقين وأرامل وأعداد كبيرة من الأفراد المعالين في العائلة الواحدة". ويطالب المعنيون بالبحث عن سبل وحلول لمساعدة النازحين الفقراء الذين يحتارون بتأمين قوت عوائلهم، وتأمين بعض مستلزمات الشتاء، مما يرفع بعض الأعباء عن كواهلهم المثقلة.
وفي تقرير نشره، أمس الأربعاء، قال فريق "منسقو استجابة سورية" إن مناطق شمال غرب سورية تشهد خلال الفترات الأخيرة زيادة كبيرة في الاحتياجات الإنسانية للمدنيين، بالتزامن مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية إلى أكثر من 4.4 ملايين نسمة يشكل 80% منهم القاطنون ضمن المخيمات.
وأضاف الفريق أنه إلى جانب الارتفاع المستمر في أسعار المواد والسلع الأساسية في المنطقة، هناك تزايد في معدلات البطالة بين المدنيين بنسب مرتفعة للغاية، وصلت إلى 88.82% تقريباً مع اعتبار أن عمال المياومة ضمن الفئات المذكورة.

ولفت الفريق إلى إجراء استبيان حول احتياجات النازحين ضمن مخيمات الشمال السوري، بالتزامن مع بدء دخول فصل الشتاء، شمل الاستبيان نحو 67494 نازحاً من مختلف الفئات العمرية، ضمن أكثر من 471 مخيماً منتشرة في محافظة إدلب وريفها، إضافة إلى مناطق ريف حلب الشمالي.
وضم الاستبيان نحو 30833 من النساء واليافعات، إضافة إلى 5722 طفلاً وطفلة، و2387 من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وتركزت الاحتياجات الأساسية للنازحين في تلك المخيمات على تأمين معدات إطفاء الحرائق في المخيمات، خاصة مع زيادة المخاوف من ارتفاع أعداد الحرائق ضمن المخيمات، نتيجة استخدام مواد غير صالحة للاستخدام. وكذلك تأمين مواد التدفئة وضمان استمرارها خلال أشهر الشتاء، وتأمين دعم المياه داخل المخيمات، وزيادة الكميات المقدمة، واستبدال الخيام التالفة نتيجة العوامل الجوية المختلفة، وتأمين عوازل حرارية داخل الخيام.

وأكد الفريق ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية للنازحين ضمن المخيمات، بالتزامن مع انخفاض القدرة الشرائية للنازحين، وبناء على ذلك، أطلق "منسقو استجابة سورية" نداء مناشدة عاجلاً لتغطية القطاعات الإنسانية شمال غربي سورية، وتغطية الحد الأدنى من التمويل الخاص لكل قطاع. وناشد الفريق جميع الجهات المانحة التي تقدم الدعم الإنساني في مناطق شمال غربي سورية، المساهمة بشكل عاجل وفوري لتوفير متطلبات احتياجات الشتاء للنازحين.

المساهمون