حذر عدد من أعضاء مجلس النواب المصري، اليوم الاثنين، من تداعيات استمرار سياسات الحكومة بشأن التوسع في الاقتراض من الخارج، وتحميل الأجيال المقبلة أعباء هذه الديون، لا سيما مع ارتفاع مخصصات فوائد الدين من 579 مليار جنيه إلى 690 ملياراً، وسداد القروض المحلية والأجنبية من 593 مليار جنيه إلى 965 ملياراً، في موازنة العام المالي الجديد (2022-2023).
وقال عضو لجنة الخطة والموازنة في البرلمان محمد بدراوي إن "تأزم الأوضاع الاقتصادية الراهنة في مصر يستوجب تغيير سياسات النشاط الاقتصادي، لأن نسب الفقر ارتفعت كثيراً مقارنة بما كانت عليه قبل سنوات قليلة"، متابعاً "هناك ما يقرب من 30 مليون مواطن يعيشون بأقل من 25 جنيهاً يومياً، و30 مليوناً آخرين بأقل من 50 جنيهاً في اليوم".
وأضاف بدراوي، في جلسة مناقشة الحساب الختامي للسنة المالية المنقضية (2020-2021)، إن هذه الأرقام صادرة عن "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء"، وتعني أن هناك 60 مليون مصري يعيشون في أوضاع اقتصادية صعبة، وبحالة من "الكرب الشديد"، مطالباً الحكومة بضرورة وضع سقف زمني محدد للحد من ملف الاقتراض سواء الداخلي أو الخارجي.
وزاد قائلاً إن "الزيادة المستمرة في فرض الضرائب والرسوم أثرت بشكل كبير على أوضاع المصريين المعيشية، لأنها لا تتناسب مع ثبات دخولهم، خصوصاً العاملين في القطاع الخاص، والذين تأثروا سلباً بتداعيات خفض قيمة الجنيه أمام الدولار أخيراً بنسبة تصل إلى 17%".
وأعلن النائب ضياء الدين داوود عن رفضه للحساب الختامي لموازنة 2020-2021، قائلاً: "مصر لن تقف على قدميها بإصلاح مالي لا يصاحبه إصلاح اقتصادي، حيث إن زيادة الناتج المحلي الإجمالي تعود إلى تنفيذ مشروعات كبرى، كالعاصمة الإدارية الجديدة، والتي تسببت بدورها في حدوث أزمة تمويلية ضخمة".
وقال داوود: "إلى متى سيظل الدين العام يرتفع بهذه الصورة؟ بعدما وصل إلى 5 تريليونات و547 مليار جنيه بزيادة 796 ملياراً"، محذراً من مواجهة الدولة المصرية "أزمة كارثية" بسبب زيادة الديون.
وقال النائب ياسر عمر: "نحن في حاجة إلى تقليل الفساد بعض الشيء في أجهزة الدولة، وإلا سنواجه مشكلة كبيرة في المستقبل"، موضحاً أن "التجاوزات المالية تصل إلى ملايين الجنيهات في بعض الصناديق الخاصة، وهي أوعية موازية لا تخضع للرقابة في الوزارات والهيئات الحكومية".
وطالب ممثل الهيئة البرلمانية لحزب "الإصلاح والتنمية" أيمن أبو العلا الحكومة بموافاة مجلس النواب بعدد المستشارين في جميع الوزارات والجهات الحكومية، وكشف ما يتقاضونه من رواتب وبدلات، قائلاً: "عدد هؤلاء المستشارين في الوزارات كبير للغاية، ولا أحد يعلم ماذا يفعلون نظير الرواتب والبدلات الضخمة التي يتقاضونها!".
وأضاف أبو العلا: "يجب أن تأخذ الحكومة في الاعتبار ملاحظات البرلمان والجهاز المركزي للمحاسبات في ما يخص الحساب الختامي لموازنة الدولة، وألا تضرب بتلك الملاحظات عرض الحائط كما يحدث كل عام"، مستطرداً "أصبح لزاماً على الحكومة ترشيد الإنفاق حتى تعطي المثال للمواطنين، خاصة مع الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر نتيجة تداعيات الحرب في أوكرانيا".
وقال ممثل الهيئة البرلمانية لـ"الحزب المصري الديمقراطي" إيهاب منصور إن "الحزب يجدد رفضه للحساب الختامي للموازنة العامة، على خلفية زيادة معدل المصروفات عن الإيرادات، وارتفاع معدلات الاقتراض، وزيادة العجز إلى 472 مليار جنيه، وتجاوز الدين العام 5.5 تريليونات جنيه".
وأضاف منصور مخاطباً الحكومة: "انزلوا إلى الشارع حتى تروا معاناة الناس، وارتفاع أسعار جميع السلع والمنتجات"، مستكملاً "الحكومة تحتاج إلى إعادة ترتيب الأولويات والرؤية، لأنه لا توجد خريطة واضحة لتنفيذ المشروعات، الأمر الذي يؤدي إلى تأخر تنفيذ العديد منها".
من جهته، قال رئيس لجنة الخطة والموازنة فخري الفقي، أثناء استعراضه التقرير الذي أعدته اللجنة عن الحساب الختامي للموازنة، إن بعض مجالس إدارات الهيئات العامة الخدمية لم تعتمد حساباتها الختامية في المواعيد المقررة قانوناً، وهو ما يمثل مخالفة لأحكام المادة 197 من الدستور.
وأضاف الفقي أن اللجنة أوصت بإعادة النظر في هيكل اختصاصات الجهات الداخلة في الموازنة العامة للدولة (وحدات الجهاز الإداري للدولة - الهيئات العامة الخدمية - وحدات الإدارة المحلية)، والتي وصل عددها إلى 648 جهة في 30/6/2021، من خلال دمج الجهات ذات الاختصاصات المتشابهة حتى تتولاها جهة واحدة، في ضوء ما تبين من وجود تكرار وتشابه في الاختصاصات بين الجهات.
وتضمنت توصيات اللجنة إعادة صياغة اختصاصات بعض الوزارات، بما يحقق لها الريادة في مجال الأنشطة التي تقوم بها، ويحقق أقصى مردود للاعتمادات المالية التي تخصص لها سنوياً من الموازنة العامة للدولة، والاعتماد كلياً عند طلب الدراسات والبحوث الاستشارية على المراكز والمعاهد الحكومية التي تباشر أنشطة بحثية، من دون اللجوء إلى غيرها من المراكز إلا في أضيق الحدود.
ودعت اللجنة إلى إعادة النظر في نظام إلحاق ممثلي العديد من الوزارات في البعثات الدبلوماسية والقنصلية المصرية بالخارج، وتوجيه اعتمادات مالية لها بالعملة الصعبة، مع مباشرة أعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية مهام هؤلاء الممثلين.
كما أوصت بإعادة صياغة المادة الأولى من القرار بقانون رقم 63 لسنة 2014 بشأن الحد الأقصى لدخول العاملين بأجر، بغرض شمول جميع الذين يحصلون على أجر من خزانة الدولة، أياً كانت الوظيفة التي يشغلونها، أو السلطة التي تتبع لها الجهة التي يعملون فيها، بسبب خروج العديد من الجهات من عباءة القانون استغلالاً للثغرات اللفظية في مواده.
ودعت اللجنة أيضاً إلى إعادة النظر في نظام الاستعانة بالمستشارين والخبراء بالجهات الداخلة في الموازنة العامة، بما يضمن تطبيق معايير الكفاءة والجدارة والخبرة عند عملية الاستعانة، وأن تكون في أضيق الحدود، في ظل تزايد عدد المستشارين والخبراء في بعض الوزارات، والذي وصل في إحداها إلى 54 خبيراً ومستشاراً.