شدد رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، نجيب ميقاتي، على أن "لا مخرج للأزمة الاقتصادية النقدية الراهنة التي تعاني منها البلاد من دون إقرار الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي".
ولفت إلى أن "الخروج من المأزق يجب أن يكون من طريق حلّ عام وتسوية عامة تنطوي قبل كل شيء على انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن وتشكيل حكومة جديدة والاسراع في عجلة الإصلاحات المنشودة".
وأشار ميقاتي إلى أن الاتفاق مع صندوق النقد يؤمن تدفق مداخيل بالعملات الأجنبية إلى لبنان، أكان من خلال الصندوق مباشرةً، أم عبر الدول المانحة فيما بعد، التي لن تمدّ يد المساعدة إذا لم يكن هنالك مراقب دولي للإصلاحات، ألا وهو صندوق النقد.
كذلك فإنّ إبرام الاتفاق سيمكّن من وضع البلاد على سكّة النمو الاقتصادي الإيجابي، ويحدَّ من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها الأسر اللبنانية عموماً، يقول ميقاتي.
أتى كلام ميقاتي خلال رعايته اليوم الخميس افتتاح فعاليات "منتدى بيروت الاقتصادي 2022" الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية تحت عنوان "التجارب العربية في الإصلاح الاقتصادي وصولاً إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي".
1/4 رعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي افتتاح فعاليات "منتدى بيروت الإقتصادي 2022" الذي ينظمه إتحاد المصارف العربية في فندق فينيسيا صباح اليوم، تحت عنوان: "التجارب العربية في الإصلاح الاقتصادي وصولا الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي" ...#مجلس_الوزراء #نجيب_ميقاتي pic.twitter.com/5DYy08xMDS
— رئاسة مجلس الوزراء 🇱🇧 (@grandserail) November 24, 2022
وفي إبريل/ نيسان الماضي، توصّلت السلطات اللبنانية وفريق صندوق النقد الدولي إلى اتفاق على مستوى الموظفين بشأن السياسات الاقتصادية الشاملة التي يمكن دعمها بترتيب تمويل مدّته 46 شهراً، مع طلب الحصول على 2.1 مليون وحدة حقوق سحب خاصة، أي ما يناهز 3 مليارات دولار.
ويعتمد البرنامج الإصلاحي الذي تعهّد لبنان تنفيذه على ركائز عدّة، أبرزها، توحيد سعر الصرف، وإقرار الموازنة العامة، إعادة هيكلة القطاع المصرفي، تحسين المالية العامة، إصلاح القطاع العام ومؤسساته، وخاصة قطاع الكهرباء، تحسين الحوكمة ومحاربة الفساد، تعديل قانون السرية المصرفية، وغيرها من الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتلقي الدعم المالي النقدي.
وأقرّ لبنان بعض القوانين تلبية للشروط الدولية، منها: الموازنة العامة، رفع السرية المصرفية، زيادة تعرفة الكهرباء، وبدء مسار توحيد سعر الصرف، من خلال اعتماد سعر صرف 15 ألف ليرة في المرحلة المقبلة، تنطلق الشهر المقبل مع الدولار الجمركي، مع خطوة باتجاه إعادة هيكلة المصارف في خضمّ إجراءات إدارية من جانب البنك المركزي بدأت تطاول بعض المصارف المتعثرة.
وقابل هذه الخطوات ملاحظات اقتصاديين، يعتبرون أنها تأتي ارضاءً لصندوق النقد الدولي، لكنها ناقصة وعشوائية وتضرّ المواطنين والمودعين بالدرجة الأولى الذين تُرمى عليهم أعباء الازمة، وتحمي أصحاب الأموال والمصارف والسياسيين، وتبقيهم خارج المساءلة أو المحاسبة، أو دفع ثمن الانهيار الذي سبّبوه.
ولفت ميقاتي في كلمته إلى أن القطاع المصرفي اللبناني يعاني اليوم من أزمة قاسية وخطيرة، بحيث ينبغي تضافر جهود كل السلطات السياسية والنقدية والمصرفية من أجل احتواء الاختلالات القائمة والنهوض بالقطاع نحو التعافي والخروج من كبوته الحالية.
وذكّر ميقاتي بأن القطاع المصرفي ساهم بفعّالية في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي الدخل الفردي الذي بلغ 8 آلاف دولار قبيل الأزمة الأخيرة، ما وضع لبنان بين البلدان متوسطة الدخل عالمياً، ووفّر ما نسبته 60% من الاحتياجات التمويلية للقطاع العام، و50% من تمويل التجارة الخارجية. كذلك ساهم في تمويل القطاع الخاص بمحفظة تسليفات إلى الناتج المحلي الإجمالي تجاوزت عتبة الـ100%.
ورأى ميقاتي أن "الأزمة الراهنة التي يعاني منها القطاع المصرفي منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019، أزمة قطاعية تعود جذورها إلى أوضاع اقتصادية غير منتظمة وإلى مالية عامة واهنة، في ظلّ تعرض ملحوظ لميزانيات المصارف لمخاطر القطاع العام".
واعتبر أن "هناك خيارين متاحين اليوم: الأول الذي يجب تجنّبه بكافة الطرق، يتمثّل بسيناريو المراوحة والجمود واللاإصلاح، والذي قد يؤدي في نهاية المطاف إلى (الليلرة) المطلقة، في حين أن الخيار الثاني يقوم على إعادة هيكلة منتظمة وفق برنامج إصلاحي مع صندوق النقد الدولي، من شأنه أن يكون المفتاح للتصحيح الضروري للوضع المالي بشكل عام".
ولفت ميقاتي إلى أن هذه السنة حقق الاقتصاد اللبناني نمواً بنسبة اثنين في المئة، وينتظر أن يكون النمو العام المقبل 3 ونصف في المائة، وسنة 2024 خمسة في المائة"، مشيراً إلى أننا "من الدول والاقتصاديات التي ستنمو سريعاً، وسنقدم درساً في كيفية التعافي بعد الأزمة الكبيرة التي حصلت".