- الحكومة تولي اهتماماً بتوفير الإمكانات التقنية والتخزينية لدعم الفلاحين، مع وجود 510 نقاط جمع و610 نقاط تخزين، واستيراد أكثر من 30 مليون قنطار لضمان استقرار السوق.
- الجزائر تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح عبر خطط استراتيجية حتى 2028، مع زيادة أسعار شراء القمح لتحفيز الفلاحين، وإطلاق حملات ضد المتلاعبين بالأسعار لضمان استقرار السوق.
بدأت آلات حصاد القمح في الجزائر في الدوران وحصد أولى السنابل، وسط تفاؤل الفلاحين بموسم وافر بسبب ارتفاع المساحات المسقية بفضل الأمطار الكثيفة التي سجلتها البلاد طيلة موسمي الشتاء والربيع، عكس السنوات الماضية التي تميزت بجفاف حادٍ.
ويبقى هاجس الأسعار وحده يؤرق الفلاحين، ويتوقع فلاحو الجزائر أن يعرف موسم حصاد القمح السنة الحالية، الذي انطلق مع أولى أيام شهر مايو/أيار الحالي، ارتفاع المحصول فوق الأرقام التي سجلت في الموسم الماضي، ما دفعهم لتسميته بـ"عام الخير" الذي ينهي سنوات الجفاف التي عرفت بمواسم "السنابل اليابسات".
وكشف مدير النشاط الفلاحي في وزارة الفلاحة الجزائرية رياض خيري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الوزارة تتوقع أن يلامس إنتاج القمح لموسم 2024، بين 50 مليوناً و55 مليون قنطار، مقارنة بمعدل 35 مليون قنطار في السنوات الماضية".
وأضاف المتحدث نفسه أن "الملاحظ مع انطلاق عمليات حصاد القمح أن حجم الإنتاج في الهكتار الواحد انتقل من 30 قنطاراً إلى 55 قنطاراً، وذلك بفضل عمليات السقي الكثيفة التي تميز موسم حرث القمح وزرعه، سواء عبر الأمطار أو عبر الري التقليدي".
وشدد خيري على أن "الحكومة تولي أهمية كبيرة لموسم حصاد القمح لهذه السنة بالنظر إلى التطورات التي تعيشها الأسواق العالمية، وذلك بتوفير كل الإمكانات التقنية والتخزينية للفلاحين، حيث توجد 510 نقاط جمع للقمح و610 نقاط تخزين، لسد أي خلل في عمليات الاستيراد وتقليصها في الوقت الذي تشهد فيه أسواق القمح ارتفاعا كبيرا في الطلب وتراجعاً في العرض".
حصاد القمح والمخزون
وأضاف: "استوردنا أكثر من 30 مليون قنطار من القمح منذ بداية السنة، ونستعد لإطلاق مناقصات جديدة تسليم يوليو/ تموز وأغسطس/ آب لضمان نهاية سنة من دون أي ندرة، علما أن مخزون البلاد من القمح يلامس 10 أشهر من الاستهلاك، بطاقة تخزين تقدر بنحو 45 مليون قنطار".
وتعتبر الجزائر من بين أكبر الدول المستوردة للقمح اللين في العالم، وتعد فرنسا ممونها الرئيس بقيمة ما بين مليارين وثلاثة مليارات دولار سنوياً، وتتعامل لتوفير الكميات المطلوبة من القمح مع 20 دولة أخرى، بينها ألمانيا والأرجنتين وبولونيا وأوكرانيا والولايات المتحدة وكندا وروسيا.
وتحتل الجزائر المرتبة الثالثة عالميا بعد مصر في استيراد القمح، وتبلغ نسبة الاستهلاك الفردي سنويا 100 كيلوغرام، وهو ضعف النسبة في الاتحاد الأوروبي وثلاثة أضعاف باقي دول العالم. ولتفادي أي ضغطٍ داخلي على الطلب وارتفاع مفاجئ للاستهلاك المحلي، قررت الحكومة الجزائرية سابقا، بأمر من الرئيس عبد المجيد تبون، حظر تصدير المواد الغذائية الأساسية، كالسكر والزيت والمعكرونة والسميد ومشتقات القمح.
ويبقى هاجس السعر الذي يعود مع كل عملية حصاد القمح وحده ما يؤرق الفلاحين الذين يشتكون من الأسعار، بالرغم من رفع الحكومة، مطلع سنة 2023، سعر شراء القمح والشعير، بعد سنوات طويلة من الشد والجذب بين الطرفين. ارتفعت الأسعار بالنسبة للقمح الصلب من 4500 دينار إلى 6000 دينار (43.1 دولاراً)، أما القمح اللين فارتفع سعره من 3500 دينار إلى 5000 دينار (35.9 دولاراً) والشعير من 2500 دينار إلى 3400 دينار (24.4 دولاراً) أما الشوفان فقد ارتفع من 1800 دينار إلى 3400 دينار (24.4 دولاراً)، وهي أرقام يراها الفلاحون ضئيلة مقارنة بتكلفة الإنتاج التي تعادل 90 في المائة من سعر الشراء الجديد.
وفي السياق، اعتبر الأمين العام للاتحاد العام للفلاحين الجزائريين (تكتل يضم 5 ملايين مزارع) عبد اللطيف ديلمي أن "الزيادة وإن كانت لا ترقى إلى تطلعات المزارعين، إلا أنها مقبولة وتراعى فيها الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، فالحكومة تحاول تحفيز المزارعين بعدما شهد الموسم الأخير تراجع المساحات المزروعة مقابل استقرار الواردات من القمح عند مستويات مرتفعة".
وأضاف المتحدث نفسه لـ"العربي الجديد" أن "الاتحاد يدعو إلى مراجعة الأسعار مجددا، خاصة أن فاتورة الواردات عموما شهدت تراجعاً، ويمكن تحويل الأموال الموفرة إلى دعم قطاع الفلاحة، ووصلت إلينا أصداء كثيرة بأن تكلفة الإنتاج ارتفعت مع صعود أسعار الأسمدة والنقل واليد العاملة وغيرها، الفلاح يعيش أيضا في الجزائر وهو يكتوي بغلاء المعيشة والتضخم".
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، كُشف عن الخطوط العريضة للمخطط الاستراتيجي لتنمية إنتاج الحبوب في الجزائر "أكتوبر 2023-2028" الرامي لتوفير الظروف الكفيلة بتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المنتج. وعجزت الجزائر عن تحقيق الاكتفاء في مجال إنتاج القمح، فرغم ارتفاع الإنتاج فوق عتبة 5 ملايين طن سنوياً، إلّا أن ارتفاع الطلب الداخلي، المقدر بـ 15 مليون طن، جعل الجزائر تسجل اسمها على رأس قائمة زبائن القمح الأوروبي والأميركي، بفاتورة واردات ضخمة.
وكانت الحكومة الجزائرية قد أطلقت حملة ضد المتلاعبين بالقمح وأسعاره، أفضت إلى إغلاق عشرات المطاحن الخاصة مع متابعتها قضائياً، والتحقيق مع عشرات المطاحن الأخرى، بتهمة تضخيم الفواتير.