موسكو خزنة الأسد: تهريب أموال السوريين المنهوبة منذ بداية الثورة

17 ديسمبر 2024
الأسد وبوتين وزوجتاهما في موسكو (سيرجي شيريكوف/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بدأت الجهود الدولية لتعقب واستعادة الأموال التي نهبها بشار الأسد وعائلته بعد هروبه إلى روسيا، حيث استخدم شبكة معقدة من البنوك والشركات الخارجية لنقل الأموال.
- تمتلك عائلة الأسد ثروة ضخمة مخبأة في حسابات خارجية واستثمارات متعددة، تقدر أصولهم بين 45 و95 مليار جنيه إسترليني، مما يواجه تحديات كبيرة في تعقبها واستعادتها.
- فرضت الحكومات الغربية عقوبات على أفراد من عائلة الأسد، وجمدت أصولًا في باريس ولندن، مع استمرار الدعوات لاستخدام القوانين الدولية لاستعادة الأموال.

بدأ البحث عن الأموال التي نهبها الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وعائلته بعد هروبه منذ حوالي الأسبوع إلى روسيا، ونطلق البحث العميق عن الملفات المالية لعائلة الأسد، وسط محاولات لتنظيم حجم السرقات وتوثيقها في مقدمة لرفع ملفات إلى الدول الخارجية لحجزها وإعادتها إلى سورية، وفقاً لعدد من المتابعين لهذا الملف.

وفي رحلة البحث عن ثروة الأسد، أظهر تقرير منظمة "غلوبال ويتنس" تحت عنوان "رجال الأسد في موسكو" أن الأسد كان يستعد لهروبه منذ بدايات انطلاقة الثورة في سورية. ويشير التقرير المنشور في عام 2020 إلى أنه في عام 2012 سافر محمد مخلوف، خال الأسد، إلى موسكو لتوفير ملاذ آمن لأموال عائلة الأسد في حال انهيار النظام. وهناك، التقى مخلوف مع مدلل خوري الوسيط والممول القديم للنظام في موسكو، والذي كان قد بنى شبكة معقدة من البنوك والشركات والكيانات الخارجية التي يبدو أنه استخدمها لنقل الأموال لنظام الأسد إلى روسيا ودول أخرى.

ويكشف تحقيق المنظمة عن آلية العمل داخل شبكة غسل الأموال المعقدة التابعة لخوري، وكيف يبدو أنها استخدمت لتقديم مساعدات مادية حيوية لنظام الأسد المحاصَر. وفي أحدث التقارير المتعلقة بثروة بشار الأسد المنهوبة والمهربة، أكدت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية يوم الأحد أن البنك المركزي السوري هرّب نحو 250 مليون دولار نقدًا إلى روسيا بين عامي 2018 و2019 على 20 دفعة عبر الطائرات الخاصة، فيما كان الأسد حينها مدينًا للكرملين مقابل الدعم العسكري.

وفي التفاصيل أن الأسد نقل شحنات كبيرة من الدولار واليورو إلى روسيا بين مارس/آذار 2018 وسبتمبر/أيلول 2019. وفي مايو/أيار 2019، أُرسلت طائرة تحمل 10 ملايين دولار من فئة 100 دولار نيابة عن الحكومة المركزية السورية، وهبطت في مطار فنوكوفو في موسكو. وفي وقت سابق من ذلك العام، نقل البنك المركزي أيضًا 20 مليون يورو في أوراق نقدية بقيمة 500 يورو.

وفي المجمل، كان هناك ما لا يقل عن 21 رحلة جوية من مارس/آذار 2018 إلى سبتمبر/أيلول 2019 تحمل أكثر من 250 مليون دولار، حسب ما ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز. وتظهر بيانات الصحيفة البريطانية أن الأسد أرسل نحو طنين من فئة 100 دولار إلى مطار فنوكوفو في موسكو. علماً أن البنك المركزي السوري كان يواجه جفافاً في الاحتياطي الأجنبي مع انهياره من 20 مليار دولار في عام 2010 إلى 700 مليون دولار في نهاية عام 2015 وفقاً لتقرير للبنك الدولي.

صفقات عائلة الأسد

وكان تحقيق أجرته صحيفة فاينانشال تايمز عام 2019 خلص إلى أن عائلة الأسد الموسعة اشترت ما لا يقل عن 18 شقة فاخرة في العاصمة الروسية، في محاولة لإبقاء عشرات الملايين من الدولارات خارج سورية خلال الحرب. ووفق موقع إكسبرس البريطاني، جمع بشار الأسد ثروة شخصية تقدر بما بين مليار جنيه إسترليني و1.5 مليار جنيه إسترليني خلال 24 عاماً من وجوده في السلطة.

ويُعتقد أن ثروة عائلة الأسد، والتي أُخفي معظمها في حسابات خارجية ومن خلال هياكل مالية معقدة، ومن خلال الاستثمارات في قطاعات مثل الاتصالات والعقارات والنفط والخدمات المصرفية، يسيطر النظام على أصول بقيمة تتراوح بين 45 مليار جنيه إسترليني و95 مليار جنيه إسترليني. تملك عائلة الأسد أيضًا عقارات فاخرة، مثل المنازل الفخمة في دبي وموسكو ولندن، فضلاً عن ممتلكات عقارية كبيرة في سورية، وفق الموقع البريطاني.

وتشمل أصول بشار الأسد السيارات الفاخرة والعقارات الراقية وشبكة من الأعمال والاستثمارات المنتشرة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وخارجه، بحسب الموقع ذاته. ومن المعتقد على نطاق واسع أنه يمتلك عقارًا بقيمة ستة ملايين جنيه إسترليني في ماريلبون بلندن، مرتبطًا به عبر شركات خارجية، بالإضافة إلى عقار آخر في منطقة بلغرافيا الفخمة. ومن المعروف أيضًا أنه يمتلك أسطولًا كبيرًا من المركبات الفاخرة.

وقد تمكنت عائلة الأسد، التي حكمت سورية منذ عام 1970، من بناء شبكة واسعة من الاستثمارات في مختلف أنحاء العالم. بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال". والتحدي الأساس يكمن في تعقب باقي الأصول المخبأة في دول متعددة، حيث تنشط فرق قانونية ومؤسسات حقوق الإنسان في محاولة لاستعادة هذه الأموال لمصلحة الشعب السوري. ولا أحد يعرف الحجم الدقيق لثروة عائلة الأسد أو أي فرد من أفراد العائلة يسيطر على الأصول.

وذكر تقرير صادر عن وزارة الخارجية في عام 2022 أنه من الصعب تحديد رقم، لكن تقديرات الأعمال والأصول المرتبطة بعائلة الأسد قد تصل قيمتها إلى 12 مليار دولار، أو ربما مليار دولار. وذكر التقييم أن هذه الأموال تم الحصول عليها في كثير من الأحيان من خلال احتكارات الدولة والاتجار بالمخدرات، وخاصة الكبتاغون، وإعادة استثمارها جزئيًّا خارج نطاق القانون الدولي. قال أندرو تابلر، المسؤول السابق في البيت الأبيض الذي حدد أصول أفراد عائلة الأسد من خلال العمل على العقوبات الأميركية: "ستكون هناك عملية مطاردة دولية لأصول النظام. لقد كان لديهم الكثير من الوقت قبل الثورة لغسل أموالهم. وكان لديهم دائمًا خطة بديلة وهم الآن مجهزون جيدًا للمنفى".

تجميد الأصول

وجمدت محكمة في باريس في عام 2019 ممتلكات بقيمة 90 مليون يورو أي ما يعادل 95 مليون دولار مملوكة لرفعت الأسد، عم بشار الأسد الذي أشرف على حملة قمع وحشية للمعارضة في عام 1982. وقضت المحكمة بأن الأصول تم الحصول عليها من خلال غسل منظم للأموال العامة المختلسة. كذا، أصبح رامي مخلوف فيما بعد الممول الرئيسي للنظام بأصول في القطاع المصرفي والإعلام والمتاجر المعفاة من الرسوم الجمركية وشركات الطيران والاتصالات، حيث بلغت ثروته ما يصل إلى 10 مليارات دولار، وفقًا لوزارة الخارجية الأميركية.

فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على مخلوف في عام 2008 بسبب استفادته من الفساد العام لمسؤولي النظام السوري ومساعدته. واستثمر آل مخلوف أيضًا في الخارج، حيث اشتروا عقارات في دبي بقيمة 3.9 ملايين دولار تقريبًا، بما في ذلك قصور على جزيرة على شكل نخلة في الإمارة، وفقًا لدراسة أجريت عام 2018 بواسطة مركز دراسات الدفاع المتقدمة، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، والذي فحص بيانات العقارات المقدمة من مصادر سرية.

قال رامي مخلوف في طلب للحصول على الجنسية النمساوية حصل عليه مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد، وهي منظمة غير ربحية لمكافحة الفساد، إن عائلة مخلوف اشترت أيضًا سلسلة فنادق في فيينا بقيمة 20 مليون يورو وامتيازًا مرتبطًا بـ "بوذا بار"، الصالة الراقية التي يعود أصلها إلى باريس. وبحسب تحقيق أجرته منظمة مكافحة الفساد غلوبال ويتنس في عام 2019، فإن أفراد عائلة مخلوف يمتلكون أيضًا عقارات بقيمة 40 مليون دولار تقريبًا في ناطحات سحاب فاخرة في موسكو.

وقد أشرفت أسماء الأسد على الاستيلاء على الأصول داخل سورية التي كانت يديرها آنذاك شركاؤها، بما في ذلك السيطرة على شركة اتصالات كبرى، بحسب مستشار للنظام السابق ودبلوماسي أوروبي. في عام 2020، فرضت وزارة الخارجية الأميركية عليها عقوبات، مدعية أنها وأفراد أسرتها أصبحوا من "أكثر المستفيدين من الحرب في سورية شهرة". وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن أسماء الأسد وعائلتها جمعوا "ثروات غير مشروعة على حساب الشعب السوري من خلال سيطرتهم على شبكة واسعة غير مشروعة لها روابط في أوروبا والخليج وأماكن أخرى".

وقالت مصادر مصرفية لصحيفة "آي بيبر" البريطانية إن 163 مليون جنيه إسترليني قام الأسد وعائلته وحلفاؤه بوضعها في حسابات في المملكة المتحدة. وتشير وثائق قضائية تعود إلى عام 2011 إلى أن الأسد كان لديه نحو 40 مليون جنيه إسترليني في حساب مصرفي في بنك HSBC في لندن.

ومع ذلك، لأن الأموال كانت مجمدة بموجب العقوبات البريطانية ضد نظامه، ولم يتمكن الأسد من الوصول إليها، فقد استمرت في اكتساب الفائدة، وتبلغ قيمتها الآن أكثر من 55 مليون جنيه إسترليني (69.4 مليون دولار). كما جمدت الحكومة البريطانية أيضًا أصول رفعت الأسد، عم الأسد، بما في ذلك منزل مكون من ستة طوابق بقيمة 26 مليون جنيه إسترليني (32.8 مليون دولار) في مايفير. وتقول الصحيفة إن هناك دعوات الآن إلى وزراء في المملكة المتحدة لاستخدام قانون عائدات الجريمة لعام 2002 للسيطرة على الأموال وإعادتها إلى سوريا بمجرد تشكيل حكومة جديدة. وينص التشريع على ما يشكل ممتلكات إجرامية ويسمح باسترداد الأصول الإجرامية من خلال الوسائل المدنية.

المساهمون