ووجدت 24% من البضائع والصادرات الإسرائيلية صعوبة في شق طريقها إلى الأسواق الآسيوية التي تراهن عليها في السنوات المقبلة.
وأصبحت السفن القادمة من آسيا والمتجهة إلى تلك الموانئ تسلك حاليا طريقاً بحريا آخر يدور حول أفريقيا حيث رأس الرجاء الصالح شبه الآمن، وهو ما يجعل زمن الرحلة أطول بثلاثة أسابيع وأكثر تكلفة سواء لسفن الشحن العالمية أو للأسواق الإسرائيلية التي واجهت ارتفاعا في أسعار بعض السلع بسبب التطورات الجارية في البحر الأحمر.
ميناء إيلات، أشهر موانئ دولة الاحتلال على ساحل البحر الأحمر ورئة إسرائيل التجارية مع دول آسيا، بات فارغا تماما وفي حال شلل تام
كما بدأت السفن المتجهة من آسيا إلى موانئ أخرى أبرزها أوروبا تتفادى المرور قبالة السواحل اليمنية وتستخدم طريق أفريقيا الأطول للوصول إلى دول القارة رغم كلفته العالية حتى لا يتم استهدافها من قبل جماعة الحوثي اليمنية، التي هاجمت سفن شحن عملاقة ترفع العلم الإسرائيلي، أو سفن تجارة متجهة إلى موانئ إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة وذلك على مدى الأسابيع القليلة الماضية.
ودفعت تلك الهجمات أيضا سفن شحن عالمية كبرى تحمل نفطا وغازاً طبيعياً مسالاً إلى تغيير مسارها في الأيام القليلة الماضية، لتتجنب منطقة البحر الأحمر عالية المخاطر.
ومنذ يوم الخميس الماضي كان ميناء إيلات، أشهر موانئ دولة الاحتلال على ساحل البحر الأحمر ورئة إسرائيل التجارية مع دول آسيا، فارغا تماما وفي حال شلل تام، والسبب زيادة حدة استهداف الحوثي للسفن القادمة إلى ذلك الميناء الحيوي.
زاد من الأزمة ارتفاع منسوب التوتر والمخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط والبحر الأحمر مع دخول القوات الأميركية والبريطانية من جراء تعاظم فرص صدام مسلح مع جماعة الحوثيين، ومواصلة الجماعة استهداف موانئ ومدن دولة الاحتلال، علما بأنه منذ بدء العدوان على غزة أطلقت الجماعة أكثر من 70 طائرة مسيرة وصاروخاً بالستياً باتجاه إسرائيل.
هذه التطورات دفعت مسؤولين إسرائيليين إلى الشعور بالقلق والذعر تجاه تأثيرات ما يحدث في البحر الأحمر على تجارة إسرائيل الخارجية، وتحديدا مع دول الشرق الأقصى مثل الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ وغيرها، خاصة مع تعطل دخول وخروج السفن من الموانئ الإسرائيلية، وإلغاء صفقات لمصدرين إسرائيليين كبار، وتعطل وصول المواد الخام ومدخلات الإنتاج من شرق آسيا والتي تعتمد عليها الصناعة الإسرائيلية.
تعطل دخول وخروج السفن من الموانئ الإسرائيلية، وإلغاء صفقات لمصدرين كبار، وتعطل وصول المواد الخام ومدخلات الإنتاج من آسيا والتي تعتمد عليها الصناعة
وامتد التوتر لموانئ أخرى، منها أسدود وحيفا، الواقعة على البحر المتوسط مع تحذيرات تداعيات استهداف سفن الشحن المتجهة إلى إسرائيل في البحر الأحمر على عمليات استيراد السلع والخامات وقطع الغيار والمواد الوسيطة.
مسؤولون أميركيون اعترفوا بأن وصول السفن إلى ميناء إيلات توقف بشكل شبه كامل بسبب هجمات الحوثيين، وسارعت الولايات المتحدة وأعلنت على لسان وزير دفاعها لويد أوستن، يوم الاثنين، عن إطلاق عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر من الهجمات الصاروخية التي يشنها الحوثيون.
تحركات الولايات المتحدة السريعة لم تقلل من قلق كبار المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين على تجارة دولة الاحتلال مع منطقة آسيا ودول الشرق الأقصى.
فحتى في حال نجاح الولايات المتحدة في تشكيل قوة متعددة الجنسيات في البحر الأحمر؛ لردع الحوثيين عن شنّ مزيد من الهجمات على السفن الإسرائيلية، فإن الخطوة قد لا يكتب لها النجاح الكامل في ظل اعتراض بعض القوى الإقليمية على القرار الأميركي، حيث عبر وزير الدفاع الإيراني، محمد رضا أشتياني، يوم الخميس الماضي، عن رفض بلاده للخطة الأميركية المتعلقة بإنشاء قوة ردع متعددة الجنسيات لضمان السلامة البحرية في البحر الأحمر.
كما أن جيش الاحتلال استبعد مهاجمة الحوثيين رغم هجماتهم المتواصلة على السفن الإسرائيلية حتى يتم التركيز على غزة ولا تتسع دائرة الصراع في المنطقة، وهو ما يعني مواصلة الجماعة اليمنية هجماتها على السفن المتجهة لموانئ الاحتلال.
لا يتوقف قلق العالم على موانئ الاحتلال، بل امتدت لأوروبا أيضا حيث تعطلت التجارة بين آسيا والقارة العجوز عبر البحر الأحمر وباب المندب، وباتت سفن الشحن الكبرى تفضل رأس الرجاء الصالح على قناة السويس، وهو ما يعني مزيدا من الوقت والكلفة والتأمين ضد المخاطر. وهذا ما سنتطرق إليه في مقال لاحق.