مواقف صاخبة في مؤتمر نفطي تعكس الانقسام الخليجي الأميركي

31 أكتوبر 2022
خلافات مستمرة حول حجم الإنتاج (Getty)
+ الخط -

دافعت السعودية والإمارات، اليوم الإثنين، عن قرار منظمة أوبك وحلفائها بخفض إنتاج النفط، بالرغم من تحذير مبعوث أميركي من ”حالة عدم استقرار اقتصادي” تنتظر العالم.

أظهرت التعليقات في معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول، على الرغم من كونها ودية، الانقسام الصارخ بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي التي تدعمها عسكريًا في الشرق الأوسط الأوسع.

ألمح وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إلى ذلك في تصريحات مقتضبة للفعالية، مشيرا إلى أن القمتين المقبلتين للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ ستعقدان في مصر والإمارات العربية المتحدة.

قال الأمير وسط تصفيق: ”لسنا مدينين بذلك لأحد غير أنفسنا. لقد تم ذلك من أجلنا، وبواسطتنا، من أجل مستقبلنا، ونحن بحاجة إلى أن نلتزم بذلك".

وهدد سياسيون أميركيون بالفعل بتأثر صفقات أسلحة مع المملكة، ووصفوها بأنها تقف إلى جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وسط حربه ضد أوكرانيا.

وأضاف الأمير أن المملكة والإمارات، تعززان الإنتاج والتكرير وتعملان على مشروعات للهيدروجين النظيف، والدولتان من أكبر البلدان المصدرة للنفط الخام في العالم. وأشار الوزير السعودي إلى أن الدولتين ستصبحان منتجتين نموذجيتين.

واتفقت "أوبك" واتحاد دول أخرى بقيادة روسيا في أوائل أكتوبر/ تشرين الأول على خفض إنتاجها بمقدار مليوني برميل من النفط يوميا ابتداء من نوفمبر/ تشرين الثاني. وأصرت "أوبك"، بقيادة السعودية، على أن قرارها جاء من مخاوف بشأن الاقتصاد العالمي.

موقف الإمارات

وردد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي هذا الدفاع. وبينما قال إن "أوبك" وحلفاءها ”على بعد مكالمة هاتفية فقط إذا كانت هناك متطلبات” لزيادة الإنتاج، لم يقدم أي إشارة إلى أن مثل هذه الزيادة ستكون في طريقها في أي وقت قريب.

وقال المزروعي ”يمكنني أن أؤكد لكم أننا في الإمارات العربية المتحدة، وكذلك زملاءنا في أوبك وأوبك بلس حريصون على تزويد العالم بالمتطلبات التي يحتاجها. لكن في نفس الوقت، نحن لسنا المنتجين الوحيدين في العالم”.

وأضاف الوزير، أن أوبك+ ستظل دائما منظمة فنية موثوقاً بها في تحقيق التوازن بين العرض والطلب على النفط.

بدوره،  قال سلطان الجابر الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، اليوم الإثنين، إن خفض استثمارات الهيدروكربون إلى الصفر بسبب التراجع الطبيعي سيؤدي إلى خسارة خمسة ملايين برميل يوميا من النفط في العام من الإمدادات الحالية.

وأضاف الجابر في منتدى أبوظبي "إذا أوقفنا الاستثمار في الموارد الهيدروكربونية، ستفقد الأسواق 5 ملايين برميل نفط من الإنتاج اليومي سنويا من الإمدادات الحالية وذلك بسبب الانخفاض الطبيعي في الطاقة الإنتاجية"، مشيرا إلى أن البيانات واضحة في هذا الشأن وإلى أن ذلك سيجعل الصدمات التي شهدتها الأسواق هذا العام تبدو ضئيلة.

وتابع قائلا: "العالم يحتاج إلى المزيد من الطاقة بأقل انبعاثات".

تحذيرات أميركية

ويحذر محللون في الولايات المتحدة وأوروبا من حدوث ركود يلوح في الأفق في الغرب من التضخم وما تلاه من ارتفاع في أسعار الفائدة، فضلاً عن تأثر إمدادات الغذاء والنفط بالحرب الروسية على أوكرانيا.

ورد السياسيون الأميركيون بغضب على قرار أوبك+ خفض الإنتاح، حيث من المرجح أن يبقي أسعار البنزين مرتفعة. ويبلغ متوسط سعر غالون البنزين العادي في الولايات المتحدة الآن 3.76 دولارات - انخفاضًا من مستوى قياسي بلغ 5 دولارات للغالون في يونيو/ حزيران، لكنه لا يزال مرتفعًا بما يكفي لقضم محافظ المستهلكين. استقر خام برنت القياسي عند 95 دولارًا للبرميل اليوم الإثنين.

قال عاموس هوكشتاين، المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة، في المؤتمر ذاته: "أعتقد في نهاية المطاف، أننا نواجه حالة من عدم اليقين الاقتصادي على مستوى العالم. يجب تسعير أسعار الطاقة بطريقة تسمح بالنمو الاقتصادي. وإذا لم يكن كذلك فسوف ترتفع للغاية وتسرع الانكماش الاقتصادي، والذي سيكون في نهاية المطاف الشيء الوحيد الذي سيكون فظيعًا بالنسبة للطلب على الطاقة نفسه".

وفي كلمته خلال المؤتمر، أضاف هوكشتاين أن العلاقة بين الولايات المتحدة والإمارات "قوية وقديمة ودائمة". وتابع في تعليقات تعكس الخلاف بشأن سياسة النفط، للصحافيين: "مسموح بالاختلاف. الأمر أقل درامية بكثير مما يعتقده الناس".

أزمة أوسع نطاقاً

الرئيس جو بايدن، الذي سافر إلى المملكة العربية السعودية في يوليو/ تموز وصافح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قبل اجتماع، حذر المملكة أخيرًا من أنه ”ستكون هناك بعض العواقب لما فعلوه”.

وردت المملكة العربية السعودية على ذلك، مدعية علنا أن إدارة بايدن سعت لتأجيل تخفيضات أوبك لمدة شهر واحد قد يساعد في تقليل مخاطر ارتفاع أسعار البنزين قبل انتخابات التجديد النصفي الأميركية في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني.

في السياق ذاته، قال مركز صوفان، وهو مركز أبحاث مقره نيويورك، الإثنين، إنه يبدو أن "الثقة والاحترام المتبادل بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية قد وصلا إلى الحضيض" وسط الخلاف.

أضاف المركز: "يمكن للعلاقة الأميركية السعودية أن تتحول بشكل أساسي إلى علاقة معاملات بحتة تقريبًا، تتميز بـ" الانجراف الاستراتيجي، حيث تواصل الرياض العمل ضد مصلحتها الذاتية، وهي خطوة تنطوي على الحقد وليس الاستراتيجية".

وأردف قائلا: "إذا صوتت السعودية مرة أخرى لخفض الإنتاج، فسيؤدي ذلك إلى مزيد من الخلاف مع الولايات المتحدة، وسيشير إلى تزايد انجراف الرياض نحو موسكو".

والتف منتجو "أوبك+" حول السعودية بعدما اتهمت الولايات المتحدة، حليفة الرياض لفترة طويلة، المملكة بأنها دفعت الدول الأعضاء في "أوبك" دفعا إلى خفض الإنتاج.

ومن المتوقع أن تعقد "أوبك+" اجتماعها المقبل في فيينا في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول، قبل يوم واحد من دخول اتفاق مجموعة الدول السبع للحد من مبيعات النفط الروسية عبر فرض حد أقصى للسعر حيز التنفيذ.

(العربي الجديد، رويترز، أسوشييتد برس)

المساهمون