دشنت صحف ومواقع وقنوات محسوبة على النظام المصري، حملة استباقية لقرار الحكومة المنتظر برفع أسعار بعض أنواع الوقود، تزعم فيها أن أسعار البنزين في مصر "بين الأرخص في العالم"، قياساً على متوسط سعر بيع اللتر بالدولار، من دون الأخذ في الاعتبار تدني منظومة الأجور في البلاد، ومعاناة نحو 60% من السكان، البالغ عددهم 105 ملايين نسمة، من الفقر، وفق تقديرات البنك الدولي.
واعتاد المصريون رؤية هذه الحملة الممنهجة قبل إقرار أي زيادة على أسعار الوقود، أو بعد فرضها مباشرة، في محاولة من وسائل الإعلام الموالية للنظام لتبرير الزيادة، التي يتبعها بطبيعة الحال ارتفاع في أسعار المواصلات ووسائل النقل العامة والخاصة، كما السلع والمنتجات الأساسية، بسبب زيادة تكاليف نقلها.
وخلال الساعات الأخيرة، كثفت المواقع الإخبارية والقنوات التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، المملوكة مباشرة لجهاز المخابرات العامة، من نشر الأخبار والتقارير التي تتحدث عن انخفاض أسعار الوقود في مصر، مقارنة بأسعار بيعها في الولايات المتحدة وكندا ودول الاتحاد الأوروبي والخليج، على الرغم من التفاوت الكبير في مستويات الدخل والمعيشة بين هذه الدول ومصر.
ونقلت قنوات ومواقع رئيسية، مثل القاهرة الإخبارية وإكسترا نيوز واليوم السابع والوطن والدستور ومبتدأ، عن موقع يدعى "غلوبال بترول برايس"، أن مصر تحتل المركز السابع كأرخص دولة بالعالم في أسعار بيع البنزين، بمتوسط سعر يبلغ نحو 0.351 دولار في السوق المحلية، وذلك بعد دول فنزويلا وليبيا وإيران وأنغولا والجزائر والكويت على الترتيب.
وأضافت هذه المواقع، في صياغة خبرية موحدة، أن متوسط سعر بيع البنزين عالمياً بلغ نحو 1.30 دولار للتر، أي ما يعادل 40 جنيهاً بسعر الصرف الحالي، بينما لا يزال يُباع بقيمة تتراوح ما بين 9.25 و10.75 جنيهات للتر في مصر. وأشارت إلى أن سعر البنزين هونغ كونغ مثلا سجل 2.941 دولار للتر، بما يعادل 90 جنيهاً مصرياً.
ويتوقع أن تقر وزارة البترول المصرية، في الساعات القليلة المقبلة، زيادة جديدة في أسعار البنزين بأنواعه، هي السابعة في غضون عامين فقط، بناءً على توصية لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية بشأن الربع الأول من العام الجاري (يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار)، علماً بأن سعر السولار الحالي هو 7.25 جنيهات للتر، وبنزين 80 أوكتان 8 جنيهات للتر، وبنزين 92 أوكتان 9.25 جنيهات للتر، وبنزين 95 أوكتان 10.75 جنيهات للتر.
وحسب حديث سابق لمصدر برلماني مطلع مع "العربي الجديد"، فإن الزيادة ستطاول أسعار بيع البنزين من دون السولار (الديزل)، إثر توصية صندوق النقد الدولي بتقديم الحكومة الدعم للكيروسين والسولار بدلاً من البنزين.
ورجّح المصدر ارتفاع سعر بيع بنزين 80 من 8 إلى 8.75 جنيهات للتر، وبنزين 92 من 9.25 إلى 10 جنيهات للتر، وبنزين 95 من 10.75 إلى 11.50 جنيهاً للتر.
وحين توصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد على حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أورد تقرير لخبراء الصندوق التزامها بمجموعة من الإصلاحات النقدية والمالية، منها السماح لأسعار معظم المنتجات البترولية بالارتفاع حتى تتماشى مع آلية مؤشر الوقود في البلاد، وذلك لتعويض التباطؤ في هذه الزيادات خلال السنة المالية الماضية (2021-2022).
وتستند آلية التسعير التلقائي للمنتجات البترولية في مصر لأهم مؤثرين ومحددين لتكلفة إتاحة وبيع الوقود، وهما: تغير سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، ومتوسط السعر العالمي لبرميل خام برنت في الأشهر الثلاثة السابقة لقرار لجنة التسعير، وتُعدل أسعار البيع بنسبة لا تزيد على 10%، ارتفاعاً وانخفاضاً، كل ربع عام.
وارتفع سعر بنزين 80 المعروف بـ"بنزين الفقراء" في مصر بنسبة قياسية بلغت 788%، منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم عام 2014، وبنزين 92 بنسبة 400%، وبنزين 95 بنسبة 84%، والسولار بنسبة 559%. والأخير هو المستخدم في تسيير القطارات، وسيارات النقل الثقيل، والنقل الجماعي، وفي أعمال البناء والزراعة.
(الدولار= 30.60 جنيهاً مصرياً)