خلال الأسابيع الماضية توسعت العديد من الحكومات العربية في الاقتراض الخارجي، خاصة من صندوق النقد الدولي، مستفيدة من خط التمويل السريع الذي خصصه الصندوق لمساعدة الدول في التصدي لجائحة كورونا وتقليص الأضرار الناجمة عن تفشي الفيروس، سواء الصحية أو الاقتصادية .
فعقب تفشي كورونا وظهور مضاعفات اقتصادية وصحية واجتماعية لها، خصص صندوق النقد، في 4 إبريل/ نيسان الماضي، حزمة إنقاذ وقروض طارئة بإجمالي 50 مليار دولار تقرر منحها لـ28 دولة، من بينها نحو 11 دولة في المنطقة.
واقترض المغرب 3 مليارات دولار، ومصر 2.77 مليار دولار، والأردن 1.3 مليار دولار، وتونس 745 مليون دولار، وكانت هذه الدول العربية في مقدمة المقترضين من صندوق النقد.
وبدأ لبنان أمس الأربعاء مفاوضات جادة مع صندوق النقد تستهدف الحصول على قرض ضخم منه يساعد البلاد على التصدي للأزمة المالية الحادة التي تمرّ بها ودفعتها إلى إعلان التوقف عن سداد الديون الخارجية.
وهناك دول عربية أخرى في طريق الاقتراض من الصندوق للتغلب على الأزمات الاقتصادية والمالية التي تمرّ بها، من بين هذه الدول العراق والجزائر وربما السودان، حتى الدول التي لديها نسب ديون مرتفعة يحق لها الاقتراض من حزمة إنقاذ الصندوق الطارئة.
فقد رفض الصندوق، مثلاً، منح البنك المركزي الإيراني، في شهر مارس/ آذار الماضي، قرضاً بقيمة 5 مليارات دولار لتمويل جهود طهران في مواجهة تفشي فيروس كورونا، رغم أن حصة إيران في الصندوق تتيح لها الاستفادة من خط الائتمان السريع، لكنها السياسة، وتحكّم الإدارة الأميركية في صناعة القرارات بالصندوق، ورغبة دونالد ترامب في خنق الاقتصاد الإيراني.
السؤال هنا: من يسدد تلال الديون المتراكمة تلك التي زادت وتيرتها في معظم الدول العربية خلال السنوات الأخيرة، حتى إن دول الخليج الثرية التي تمتلك النفط والغاز بدأت تعرف طريق الاقتراض الخارجي مع تراجع إيراداتها بشكل صارخ بسبب تهاوي أسعار النفط.
بالطبع، المواطن هو من يسدد تلك الفاتورة من أمواله وضرائبه وقوت يومه، لا الحكومات، والسداد يكون إما بشكل مباشر من طريق زيادة الضرائب والرسوم والأسعار، لتغذية الخزانة العامة بالأموال السريعة لتكون قادرة على سداد أعباء الديون من أقساط وعمولات وأسعار فائدة، وبعدها سداد أصل الدين.
أو أن يسدد المواطن أعباء الدين الخارجي بشكل غير مباشر من طريق تقليص الحكومات مخصصات الدعم المخصصة لسلع أساسية، مثل الكهرباء والمياه والبنزين والسولار والغاز والخدمات، وبالتالي توجه الحكومة الوفر المالي المحقق من التقليص لسداد الديون.
أو أن تجري عملية السداد عبر الحصول على قروض جديدة بتكلفة أعلى، وبالتالي إغراق الأجيال الحالية والمستقبلية في وحل الديون التي يتحمل المواطن سدادها لوحده.