من بريتون وودز إلى مراكش.. نقاشات صندوق النقد والبنك الدوليين تتكرر

07 أكتوبر 2023
في التحضيرات لمؤتمر مراكش (Getty)
+ الخط -

لم تغب مشكلات البلدان الصاعدة والفقيرة عن النقاشات التي أثيرت في الطريق إلى مراكش من أجل تنظيم الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، غير أن التساؤلات طرحت حول ما إذا كانت المؤسسات المالية الدولية والبلدان الكبرى ستبادر إلى اتخاذ مبادرات تصحح وضعاً مختلاً محكوماً بلحظة تأسيس مؤسستي بريتون وودز.

لم تكن الحرب العالمية الثانية قد انتهت، عندما استضافت الولايات المتحدة الأميركية في يوليو/ تموز 1944 مؤتمراً يضع أسس نظام اقتصادي جديد لمرحلة ما بعد الحرب. نظم المؤتمر في فندق ماونت واشنطن في المدينة السياحية الشتوية بريتون وودز، التي تقع في ولاية نيوهامبشير في الولايات المتحدة.

وقد توخى منظمو المؤتمر الذي شارك فيه 730 مندوباً، يمثلون أربعاً وأربعين دولة، وضع أسس نظام اقتصادي ومالي يفضي إلى تجنب عدوى الأزمات بين الدول. 

ويلاحظ أرنست فولف، مؤلف كتاب "صندوق النقد الدولي - قوة عظمى في الساحة الدولية"، أن ثلاثينيات القرن الماضي "شهدت معدلات تضخم عالية، وجرى فيها تبني الكثير من المعوقات التجارية، وتحققت فيها طفرات كبيرة في أسعار الصرف الأجنبي، وندرة ملحوظة في معدن الذهب، وتراجع النشاط الاقتصادي بأكثر من 60 في المائة، إضافة إلى التوترات الاجتماعية".

نظام جديد

تصور النظام الجديد ساهم في صياغته بشكل حاسم كل من الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز وموظف الخزينة الأميركية هاري ديكستر وايت. يلاحظ الاقتصادي داني رودريك أن كينز ووايت كانا يختلفان حول العديد من الأمور، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمصلحة الوطنية، إلا أن ما كان يوحدهما هو الإطار الفكري الذي يستحضر التجربة التي عاشها العالم بين الحربين.

وكانت تتوخى الولايات المتحدة، حسب إيريك هيلناير، مؤلف كاتب "الماضي المنسي لنظام بروتن وودز"، تجنب انجذاب البلدان الأوروبي والآسيوية التي تضررت من الحرب نحو الشيوعية.

وقد أفضى المؤتمر إلى نشأة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك إعادة الإعمار والتنمية، الذي يعتبر اليوم فرعاً من البنك الدولي.

وقد رأت بلدان من العالم الثالث في نظام بروتون وودز نوعاً من هيمنة بلدان الشمال على دول الجنوب، واعتبر مراقبون أن ذلك النظام يكرس هيمنة الولايات المتحدة على الاقتصاد العالمي. فقد كرس الدولار عملة عالمية، والعملات الأخرى لديها سعر صرف ثابت في علاقتها بالدولار.

ويتجلى من النقاشات التي عكستها وثائق مفاوضات بروتون وودز أن العديد من البلدان احتجت على حصص عضوية الصندوق التي خصصتها لها الولايات المتحدة.

حصص العضوية

ويعرف الصندوق حصص العضوية بأنها "اللبنات التي يتألف منها الهيكل المالي وهيكل الحوكمة في الصندوق. ونصيب كل بلد عضو من حصص العضوية يمثل في الأساس انعكاساً لمركزه النسبي في الاقتصاد العالمي. وتحرَّر هذه الحصص بحقوق السحب الحاصة، وهي وحدة الحساب التي يستخدمها الصندوق".
وكان الاقتصادي كيرت شولتر قد عكس في كتاب استند فيه إلى محاضر بروتن وودز التي عثر عليها بالصدفة في مكتبة الخزانة الأميركية، الوزارة التي كان موظفاً بها، النقاشات التي حصلت، ضمنها موقف المندوب الإيراني مثلاً الذي اعتبر، بعد الإشادة بالخطاب المؤثر للمندوب الأميركي، أن الحصص المخصصة لبلده غير مقبولة، وكذلك حال مندوبي الصين وفرنسا.

وعبر ممثل مصر في بريتون وودز عن تطلع إلى إتاحة مقعد لبلدان الشرق الأوسط، باعتباره كياناً اقتصادياً واحداً، معتبراً أنه يجب أن تحظى البلدان الصغيرة بتمثيل جيد في مجلس الإدارة.

ويعود نظام الحصص ليطرح من جديد في مؤتمر مراكش، حيث يسعى صندوق النقد الدولي إلى زيادة حصص الدول الأعضاء، وهو توجه تدعمه الولايات المتحدة، دون أن ينعكس ذلك على تصويت الدول.

وهذه القضية من بين القضايا التي سيبحث المشاركون في الاجتماعات السنوية بمراكش فيها، بالإضافة إلى القضاء على الفقر الذي يشغل رئيس البنك الدولي أجاي بانغا، والبحث عن تمويل التحول المناخي والتعامل مع مستويات الديون المرتفعة.

المساهمون