بالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة الفقر، المقرر في 17 أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام، قدمت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"(منظمة مجتمع مدني) كشف حساب للحكومة المصرية على أخطاء أساسية في التعامل مع قضية الفقر، تتمثل أبرزها في ملف دعم الطاقة، وجائحة "كوفيد-19"، وما ترتب عليه من كشف لأوضاع نظم الصحة والتعليم والمساعدات الاجتماعية.
وفي تقرير لها بعنوان "فاتورة الأخطاء الأربعة: الخطة المصرية- الصندوقية لرفع أسعار الطاقة"، قالت المبادرة إن" دعم الطاقة يعتبر من الموضوعات المثيرة للجدل. حيث يرى معظم الاقتصاديين أنه يفيد الأغنياء أكثر من الفقراء. لذا تتفق معظم الأدبيات الحديثة على أنه ينبغي التخلص منه وتعويض الفقراء بوسائل أخرى. كما أنه يضع عبئا على الموازنة العامة، ويسهم إلغاؤه في تقليص عجز الموازنة أو في تمويل الإنفاق الاجتماعي والتعليم والصحة".
وأضافت المبادرة أنّ "مصر شرعت في تحرير أسعار مواد البترول والكهرباء منذ عام 2014، واستمرت موجات رفع أسعار الطاقة (خاصة الكهرباء) حتى عام 2020، ومن المنتظر أن تستمر إلى العام 2021 على الأقل. واليوم، تبرز أهمية تقييم التجربة المصرية في رفع أسعار الطاقة وآثارها الاجتماعية والاقتصادية، وذلك في ضوء متغيرين جديدين: البرنامج الاقتصادي الجديد، وجائحة كورونا".
وفي ما يتعلق بالبرنامج الاقتصادي المتبع في مصر، أشارت المبادرة إلى أنّ مصر تبدأ برنامجاً اقتصادياً جديداً، لمدة عام واحد، مع صندوق النقد الدولي، مقابل قرض بقيمة 5.2 مليارات دولار، بعد أربعة أعوام على برنامجها السابق، ومن المتوقع أن يستمر في ضوئه نفس نمط تخفيض دعم الطاقة، القائم على رفع أسعار الطاقة للمواطنين مقابل تخفيضها لبعض أصحاب المصانع، ومن ثم تأتي أهمية تقييم البرنامج الماضي لتعظيم مزاياه وتفادي تكرار أخطائه.
أما جائحة فيروس كورونا الجديد "كوفيد-19"، فقد قالت المبادرة إنّ "الحائجة تستلزم زيادات كبيرة في الإنفاق على الصحة والتعليم والمساعدات الاجتماعية. وبالتالي من المهم التعرف على حجم الوفورات التي تحققت من تحرير أسعار الطاقة، وأوجه الإنفاق التي توجهت إليها تلك الوفورات. كما يتوقع أن تؤدي الجائحة إلى زيادات كبيرة في معدلات الفقر والجوع، وتدهور مستويات المعيشة لدى الأغلبية العظمى من السكان، ما يحتم النظر أكثر من أي وقت مضى في عدالة توزيع عبء زيادات أسعار الطاقة".
وأضافت "لكن يبدو من التجارب الدولية أن القول أسهل من الفعل، كما توضح العديد من تلك التجارب أن الفقراء هم دائما من يدفعون الثمن أكثر من غيرهم حين ترتفع أسعار الطاقة. ويفقد كثير من الناس جزءاً من دخولهم الحقيقية. وكثيرا ما تقترن عملية التخلص من دعم الطاقة بقلة الشفافية والحوار المجتمعي، ولا تعتبر التجربة المصرية استثناء من ذلك. لذلك ترفض الورقة مبدأ رفع الدعم على الطاقة.
ولفتت المبادرة إلى أنّ كل ما أشارت إليه من أخطاء قابلة للإصلاح إذا ما توافرت النية السياسية للقيام بذلك. وقالت "توضح تجربة البرنامج السابق المتفق عليه مع صندوق النقد أنه لا يعول عليه للتحقق من مدى عدالة وشفافية خطة تخفيض دعم الطاقة. لذلك يجب فتح نقاش عام شفاف بحيث يمكن مواصلة تخفيض فاتورة الدعم من دون الإضرار بالفئات الأدنى أو بجموع المستهلكين. ولكن يتطلب ذلك توافر النية السياسية والتي تبدأ بإتاحة المعلومات السليمة".