- رئيسة الجامعة، نعمت مينوش شفيق، استخدمت الشرطة لتفريق الاحتجاجات وفصلت طلابًا، مما أثار جدلًا حول حرية التعبير والتظاهر.
- الجدل يبرز التأثير الكبير للتبرعات على تمويل الجامعات الأميركية ويسلط الضوء على التوتر بين الحقوق الأكاديمية والمالية في جامعة كولومبيا.
لوّح مليارديرات ورجال أعمال أميركيون بارزون، مثل روبرت كرافت وليون كوبرمان، بوقف تبرعاتهم لجامعة كولومبيا الأميركية، وسط تصاعد التوترات في الحرم الجامعي، على خلفية احتجاجات الطلاب المؤيدة للحقوق الفلسطينية، والمنددة بجرائم جيش الاحتلال ضد أهالي غزة، على مدار 200 يوم.
وترأس جامعة كولومبيا نعمت مينوش شفيق، وهي خبيرة اقتصادية دولية تولت مناصب رفيعة في صندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسسات مالية وتعليمية أخرى، والتي اتخذت موقفاً عنصرياً ضد الطلبة المحتجين على جرائم الإبادة الجماعية التي تمارسها قوات الاحتلال في غزة على مدى 200 يوم، واستدعت الشرطة لتفريق التظاهرات، وفصلت عشرات الطلاب بشكل نهائي، في حين اعتقلت الشرطة عدداً آخر.
وتصاعدت حدة الاحتجاج في جامعة كولومبيا في الأيام الأخيرة، وسط تقارير إعلامية عن تحركات زعم البعض أنها معادية للسامية داخل وحول الحرم الجامعي، حيث أقام الطلاب مخيمات للاحتجاج على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وممارسة جيش الاحتلال جرائم الإبادة العنصرية.
وأدان كرافت، رجل الأعمال الشهير الذي تبرّع بملايين الدولارات للجامعة العريقة، الاحتجاجات يوم الاثنين، بعد ساعات من إعلان رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق أن الفصول الدراسية ستُعقد افتراضياً "لتهدئة ضغينة" الاحتجاجات.
وتظهر القوائم المالية لجامعة كولومبيا للسنة المالية المنتهية في 30 يونيو/حزيران 2023، التي اطلع عليها "العربي الجديد"، تلقي الجامعة تبرعات بقيمة تقدر بنحو 562 ألف دولار، مقارنة بنحو 573 ألف دولار تلقتها في العام السابق، بخلاف ما يقرب من 1.228 مليون دولار من هبات وعقود حكومية في العام نفسه.
وتعتمد الجامعات الأميركية على التبرعات بدرجات متفاوتة، حيث تحتاج المؤسسات الخاصة عادةً إلى سد فجوة تمويل أكبر تُغطى بالتبرعات مقارنة بالجامعات الحكومية.
وفي الولايات المتحدة فإن الجامعات الحكومية تمولها في المقام الأول حكومات الولايات. وغالباً ما تشكل رسوم الدراسة جزءاً أصغر من ميزانيتها. ولا تزال التبرعات مهمة لهذه الجامعات، لكنها تميل إلى تمويل مشاريع أو برامج معينة، بدلاً من تكاليف التشغيل الأساسية.
أما الجامعات الخاصة فتلعب التبرعات دوراً أكثر أهمية، حيث إن رسوم الدراسة وحدها قد لا تغطي جميع النفقات. ويمكن أن تدعم هذه التبرعات المنح الدراسية، ومبادرات البحث، وتوظيف أعضاء هيئة التدريس، وتحسين البنية التحتية.
وقال كرافت في بيان: "لست مرتاحاً لدعم الجامعة حتى تتخذ الإجراء التصحيحي. آمل أن تواجه كولومبيا وقيادتها هذه الكراهية، من خلال إنهاء هذه الاحتجاجات على الفور، وأن تعمل على استعادة احترام وثقة الكثيرين منا ممن فقدوا الثقة في المؤسسة". ودعا نواب من الحزبين الجمهوري والديمقراطي يوم الاثنين، معظمهم يتلقى تبرعات ضخمة من اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، شفيق إلى كبح جماح الاحتجاجات أو التنحي عن منصبها.
وكرافت هو رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة كرافت العملاقة ومؤسس مؤسسة مكافحة معاداة السامية (FCAS). كما أنه يمتلك فريق كرة القدم الأميركية نيو إنجلاند باتريوتس. وفي عام 2000، افتتحت جامعة كولومبيا مركز كرافت للحياة الطلابية اليهودية باسمه، وفي عام 2007، خصصت المدرسة له ملعباً رياضياً "لإسهاماته السخية للغاية".
وقال متحدث باسم الجامعة، في بيان، إن "جامعة كولومبيا ممتنة للسيد كرافت على سنوات كرمه وخدمته لها. هذا وقت أزمة للعديد من شركائنا، ونحن نركز على تقديم الدعم الذي يحتاجون إليه، مع الحفاظ على الحرم الجامعي آمناً".
ولم تكن شركات كرافت وحدها التي تفكّر في وقف التبرعات السخية للجامعة، حيث قال ليون كوبرمان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمكتب عائلة أوميغا، وهو معروف بمواقفه المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي، لشبكة "سي أن بي سي" الاقتصادية: "أنا غير مرتاح لما يحدث في الجامعة. لكن كما تعلمون لا أريد تحميل الإدارة مسؤولية التظاهرات. هؤلاء الأطفال هم الذين خرجوا عن نطاق السيطرة. لديهم أدمغة سيئة"، على حد زعمه. ومع ذلك، قال كوبرمان إنه لا يستطيع أن يقول إنه سيتوقف عن التبرع فوراً، بل إنه سيواصله "عندما يطلبون منه".
ويمثل كوبرمان وكرافت حتى الآن أقلية من المانحين الأثرياء لجامعة كولومبيا الذين يتحدثون علناً عن الاحتجاجات، حيث رفض جيمس جورمان، الرئيس التنفيذي لبنك مورغان ستانلي الاستثماري المعروف ورئيس مجلس إدارة كلية كولومبيا للأعمال، التعليق عندما تواصلت معه وسائل الإعلام في وقت متأخر من يوم الأحد بشأن الاحتجاجات في الحرم الجامعي. ورفض ديفيد جرينسبان، مؤسس شركة Slate Path Capital وعضو مجلس إدارة كلية كولومبيا للأعمال، التعليق، كما أفاد متحدث باسمه.
وقالت "سي أن بي سي" إنها تواصلت مع ست مؤسسات أدرجتها جامعة كولومبيا على قائمة المانحين لما لا يقل عن مليون دولار للجامعة منذ عام 2014. ولم يرد أي منها على طلبات التعليق. والخميس الماضي، قام ضباط شرطة نيويورك بعملية تمشيط لمخيم الاحتجاج، بناء على طلب رئيسة الجامعة شفيق، واعتقلوا 108 طلاب معارضين لجرئم الاحتلال ضد أهالي غزة.