ملفات اقتصادية شائكة تنتظر رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمد مصطفى

18 مارس 2024
قدّر مصطفى كلفة إعادة إعمار المرافق السكنية في غزة بنحو 15 مليار دولار (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- محمد مصطفى، الرئيس الجديد للوزراء الفلسطيني، يواجه تحديات اقتصادية كبرى بما في ذلك إعادة إعمار غزة بتكلفة تزيد عن 90 مليار دولار وأزمة مالية حادة تعيق توفير المبلغ المطلوب.
- الحكومة تصارع لدفع أجور الموظفين العموميين بسبب الفجوة بين الدخل والنفقات، مما أدى إلى صرف 80% فقط من الراتب الشهري والبحث عن حلول مثل التقاعد المبكر وإيرادات غير تقليدية.
- تواجه الحكومة تحديات إضافية تتمثل في اقتطاعات أموال المقاصة من إسرائيل وضرورة استعادة ثقة المانحين الدوليين والعرب، الذين خفضوا المساعدات بسبب مزاعم عدم الشفافية وقرارات سياسية.

سيكون رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمد مصطفى أمام ملفات اقتصادية شائكة يرثها عن سلفه رجل الاقتصاد ورئيس الوزراء الحالي محمد اشتية.

والأسبوع الماضي، صدر قرار رئاسي بتعيين مصطفى - رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني - لتشكيل حكومة جديدة برئاسته، خلفا للحكومة المستقيلة، والتي تسير الأعمال حاليا، بانتظار الإعلان عن الحكومة الجديدة.

في رام الله، يتحدث الجميع عن الملفات التي تنتظر رئيس الحكومة الجديد، أبرزها اقتصادية، تبدأ من إعادة إعمار غزة ولا تنتهي بتنفيذ إصلاحات اقتصادية ومالية في القطاع العام.

إعادة إعمار غزة

وبينما تواصل آلة الحرب الإسرائيلية بكل قوتها العمل في قطاع غزة للشهر السادس على التوالي، فإن نحو 60% من المرافق السكنية في القطاع لم تعد صالحة للاستخدام الآدمي.

كما تعرض اقتصاد القطاع، الذي تبلغ قيمة ناتجه المحلي قرابة 5 مليارات دولار، لتدهور حاد بسبب الحرب القائمة، التي تسببت بأكثر من 31 ألف شهيد، و80 ألف جريح، وأكثر من مليوني نازح.

كان رئيس الوزراء المكلف محمد مصطفى قد شارك في أعمال منتدى دافوس في يناير/كانون الثاني الماضي، وخلال جلسة له، قدّر كلفة إعادة إعمار غزة - المرافق السكنية - بنحو 15 مليار دولار على الأقل.

والأسبوع الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن كلفة إعادة الإعمار (سكنية، تجارية، بنية تحتية)، بناء على دراسة أعدتها مؤسسات مصرية، ستتجاوز 90 مليار دولار.

واليوم، لا تملك الحكومة الفلسطينية مليار دولار واحد من مبلغ إعادة الإعمار المتوقع، وسط أزمة مالية متصاعدة تعاني منها السلطة الفلسطينية منذ عام 2017.

وإلى جانب إعادة الإعمار، فإن الحكومة المقبلة ستكون على موعد مع استعادة زخم اقتصاد الضفة الغربية الذي يبلغ ناتجه المحلي 16 مليار دولار.

وتراجع الاقتصاد الفلسطيني بحدة في فترة الربع الأخير من عام 2023، بنسبة تتجاوز 20%، وسط تراجع الإيرادات المالية المجباة محليا.

حل أزمة فاتورة الأجور

ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021، يتسلم الموظفون العموميون في فلسطين (147 ألف موظف مدني وعسكري)، أجورا منقوصة بسبب عدم قدرة الحكومة على تحقيق إيرادات مالية تكفي كامل فاتورة الأجور.

تبلغ فاتورة أجور الموظفين العموميين نحو 160 مليون دولار شهرياً، تضاف إليها 120 مليون دولار أخرى شهريا، تمثل أجور المتقاعدين، وأشباه الرواتب (مخصصات الأسرى وذوي الشهداء والجرحى ومخصصات أخرى).

وبجمع الرقمين، تكون الحكومة مطالبة شهريا بـ280 مليون دولار، دون احتساب النفقات التشغيلية وسداد أقساط القروض المستحقة وفوائدها ومستحقات للقطاع الخاص، ليكون مجمل الإنفاق الشهري 400 مليون دولار.

في المقابل، يبلغ مجمل الدخل الفلسطيني - باحتساب أموال المقاصة - قرابة 380 مليون دولار، ما دفع الحكومة منذ نوفمبر 2021 إلى صرف 80% من الراتب الشهري.

ولحل أزمة فاتورة الأجور ستكون الحكومة أمام حلول قاسية، منها فتح باب التقاعد المبكر الإلزامي أو الاختياري، أو البحث عن إيرادات غير تقليدية.

حل أزمة المقاصة

اليوم تعاني الحكومة الفلسطينية للشهر السادس على التوالي من أزمة مقاصة مع إسرائيل، بدأت منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، وقرار وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش اقتطاع حصة غزة من أموال المقاصة.

تبلغ حصة غزة من هذه الأموال قرابة 75 مليون دولار من إجمالي المقاصة البالغة 220 مليون دولار شهريا.

وتقوم إسرائيل بجمع الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية مقابل واردات الفلسطينيين على السلع المستوردة، وتسميها "أموال المقاصة"، بمتوسط شهري 220 مليون دولار.

وتعتمد السلطة الفلسطينية على أموال المقاصة من أجل دفع رواتب موظفيها، وبدونها لن تكون قادرة على الإيفاء بالتزاماتها تجاه فاتورة الأجور، وتجاه نفقات المؤسسات الحكومية.

وإلى جانب المبلغ المقتطع المخصص لغزة، تقتطع إسرائيل ما تقول إنها ديون شهرية على الفلسطينيين لصالح شركات مياه وكهرباء ومشاف وغرامات، وأقساط قرض حصلت عليه الحكومة الفلسطينية من إسرائيل، ومقابل ما تقدمه الحكومة الفلسطينية للجرحى والأسرى من مخصصات، بمجموع كلي 60 مليون دولار.

بذلك، يكون إجمالي الاقتطاع من أموال المقاصة قرابة 135 مليون دولار شهريا على الأقل.

استعادة ثقة المانحين

منذ عام 2017، بدأت المنح الخارجية الموجهة للجانب الفلسطيني بمتوسط سنوي يبلغ 1.1 مليار دولار تتراجع على نحو حاد، بقيادة الولايات المتحدة والدول العربية.

اليوم يبلغ متوسط الدعم الخارجي لفلسطين قرابة 350 مليون دولار سنويا، 80% من قيمة هذا الدعم قادمة من الاتحاد الأوروبي، والنسبة المتبقية من البنك الدولي ومانحين منفردين.

وكان المانحون يتهمون السلطة الفلسطينية بعدم الشفافية، ما دفع جزءاً منهم لخفض المنح، وآخرين أوقفوها، بينما أوقفت الولايات المتحدة المنح بناء على قرار من الكونغرس عام 2017، عندما كان الرئيس دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.

أما المانحون العرب بصدارة السعودية، فلم يوضحوا صراحة سبب تعليق المنح والمساعدات الموجهة للحكومة الفلسطينية، ما أوقع الأخيرة في أزمة مالية متصاعدة. 

(الأناضول)

المساهمون