معركة تاكسي الجزائر: تطبيقات النقل تُغضب السائقين وتربك الحكومة

18 يونيو 2024
موقف للسيارات الأجرة في الجزائر، 3 أغسطس 2011 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- سائقو تاكسي في الجزائر يهددون بالإضراب بسبب توسع شركات التطبيقات الهاتفية للنقل دون تراخيص من وزارة النقل، مما أثار غضب نقابات سيارات الأجرة وسائقي النقل الخاص.
- الفراغ القانوني يخلق تحديات لسائقي شركات النقل عبر التطبيقات، مع مواجهة صعوبات مثل سحب رخص القيادة، رغم الإقبال الكبير من الجزائريين على هذه الخدمات.
- الحكومة الجزائرية تسعى لتنظيم القطاع عبر قانون "المقاول الذاتي" الذي يسمح بتسوية وضعية شركات النقل عبر التطبيقات، في خطوة نحو ضمان خدمة تتماشى مع التطور التكنولوجي.

يهدد سائقو تاكسي الجزائر بالإضراب على خلفية توسع شركات التطبيقات الهاتفية، فيما تحظى الأخيرة بشرعية من وزارة التجارة، وتمتنع وزارة النقل عن ترخيصها. حيث تضغط نقابات سيارات الأجرة وسائقو النقل الخاص في الجزائر من أجل تجميد عمل شركات تطبيقات النقل عبر الهواتف النقالة التي تنشط من دون رخص من وزارة النقل، وهو ما دفع السائقين إلى التهديد بتنفيذ إضراب عام، في حال لم تضع الحكومة حلاً قانونياً للمشكلة.

وقال رئيس النقابة الجزائرية للناقلين عن طريق سيارات الأجرة، آيت الحسين سيد علي إن "قطاع النقل يعيش حالة غضب وسخط على خلفية اقتحامه من قبل دخلاء يريدون التعجيل في زوال نشاط سيارات الأجرة، نحن نرفض محاولات المساس بنشاطنا من خلال اللجوء إلى خلق قطاع موازٍ وإقحامه في قطاع النقل الخاص دون أية صبغة قانونية".

وأضاف لـ "العربي الجديد" أن "نشاط سائقي سيارات الأجرة تراجع كثيرا منذ ظهور هذه التطبيقات، وزاد هذا الأمر من تعقيد مشاكل المهنيين المتراكمة منذ عشرين سنة، خاصة ما يتعلق بتجميد رخصة الاستغلال، وراسلنا وزارة النقل والتجارة لتقديم توضيحات، ولم نتلق أي رد، والغريب أن شركات النقل عبر تطبيقات الهاتف تستفيد من قروض بنكية ولديها إشهارات (إعلانات) في الصحافة الورقية والسمعية البصرية ولافتات في الطرق السريعة، لذلك نحن نطالب بتنظيم عملها وإلا سنُدفع إلى الدفاع عن قوت أبنائنا بكل الطرق".

أزمة تاكسي الجزائر

وتعيش شركات نقل الأشخاص عبر تطبيقات الهواتف النقالة، ضغطا كبيرا بسبب الفراغ القانوني الذي ينظم نشاطها، وسط تخبط بين وزارات الحكومة، فيما يبقى سائقو سيارات هذه الشركات في معركة يومية مع شرطة المرور التي تعتبر نشاطهم خارجا عن القانون وغير مصرح به. وفي وسط العاصمة الجزائرية، أجّرت "العربي الجديد" سيارة مع سائق عبر أحد التطبيقات المتخصصة "يسير"، للوقوف على معاناة السائقين مع الشرطة خاصة، حيث أكد السائق طارق ك. أنه "في معركة يومية مع الشرطة التي سحبت منه رخصة القيادة مرتين خلال أربعة أشهر".

وكشف طارق لـ "العربي الجديد" أن "المشكل يكمن في أن وزارة التجارة منحت سجلاً تجارياً لشركات نقل الأشخاص عبر تطبيقات الهاتف، مع السائق، أي إيجار السيارة مع السائق لمدة محددة وعلى مسار محدد، لكن الإشكال يطرح عند وزارة النقل التي ترفض الاعتراف بهذه الشركات، تحت ضغط نقابات سيارات الأجرة، وعندما نقدم العقد المقدم لنا مع شركات النقل للشرطة تطالبنا برخصة وزارة النقل، وهنا يتم سحب رخصة القيادة وحجز السيارة بمخالفة نقل الأشخاص دون رخصة رسمية".

وشهدت الجزائر منذ 2017 ظهور أكثر من 15 شركة نقل ذكي أو ما يُعرف بـ "VTC"، كانت أولاها شركة "يسير"، ولاقت هذه الشركات إقبالا كبيرا من الجزائريين بسبب تردي شبكة النقل الخاص، وغلاء تسعيرة النقل عبر سيارات الأجرة. كما ساعدت هذه الشركات الجزائريين في ضمان مصدر قوت إضافي خارج ساعات العمل، كون الشركات المختصة بنقل الأشخاص تتعاقد مع السائقين بعقود حرة.

وقال سليم وهو سائق جزائري إن هذه "التطبيقات تساعده في كسب دنانير إضافية تعينه على تحمل غلاء المعيشة، فشركات النقل تأخذ بين 17 و 25% من ثمن الرحلة، على أن يأخذ صاحب السيارة الباقي، لكن المشكل تحول إلى مشكل قانوني خاصة مع شرطة المرور، التي ترفض الاعتراف بنا وتصر على أننا ناقلون خارجون عن القانون، لا نفهم لماذا لا يجمدون نشاط الشركات التي يعرفون عناوينها، ويعاقبوننا نحن الضعفاء".

وأضاف المتحدث نفسه لـ "العربي الجديد" أن "سائقي السيارات باتوا يضعون أيديهم على قلوبهم في كل رحلة توصيل، كما أن دائرة نشاطنا بدأت تضيق، فمثلا نحن ممنوعون من دخول المطارات والمحطات البرية لنقل المسافرين ومراكز التسوق والترفيه، بسبب ضغط سائقي الأجرة". واعتبر حسين بورابة رئيس المنظمة الجزائرية للناقلين الخواص، أن "هذه الشركات تعد خطرا على الاقتصاد وعلى المواطن، فمن غير المعقول أن تستقل عائلة سيارة نفعية ليست لها أي معايير أو مواصفات سيارة أجرة، فلا هي مصبوغة ولا السائق معروف الهوية".

وسأل بورابة في حديث إلى "العربي الجديد": "هل هذه الشركات تعمل بطريقة قانونية ونظامية، هل تحوز اعتماد من وزارة النقل، هل لها سجل تجاري؟ وإذا كانت لديها الرخصة فلماذا لا تسوي وضعية السائقين؟". وفي خطوة منها لإيجاد حل وسط، سنت الحكومة قانونا تحت مسمى "المقاول الذاتي"، يسمح لشركات التي تقدم خدمات عبر الإنترنت بأن تسوى وضعيتها بعد طرح دفتر أعباء ينظم النشاط، وهو ما استحسنته شركات نقل الأشخاص عبر التطبيقات الإلكترونية.

وأكدت ميساء رفاحي المكلفة بالتسويق في إحدى شركات النقل عبر التطبيقات أن "المشكل يكمن في فهم القانون، نحن لدينا سجل تجاري على أننا شركات تؤجر سيارات مع سائق لزمن محدد في اليوم مقابل أجرة، مع وجود فاتورة توثق الخدمة، أي أن كل شيء قانوني، حاولنا تبسيط الأمور مع الشرطة ونقابات الأجرة لكنها تصرّ على رخصة وزارة النقل". وأضافت رفاحي أن "قانون المقاول الذاتي هو حل وسط، الأكيد أننا نريد مصلحة المواطن والبلاد، نحن نعمل وفق القانون ونحاول ضمان خدمة تتماشى والتطور التكنولوجي".

المساهمون