معارك مأرب تفاقم غرق اليمن في الظلمة

10 مارس 2021
تدهور الخدمات يرهق حياة اليمنيين (مروان نعماني/فرانس برس)
+ الخط -

تغرق العاصمة اليمنية المؤقتة عدن بالظلام بعد ما تعدت ساعات انقطاع الكهرباء أكثر من 15 ساعة يومياً بشكل متواصل خلال الفترة الأخيرة، فيما يشكو سكان العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين من ارتفاع قيمة فواتير الكهرباء التجارية مع وصول سعر الكيلوواط إلى 350 ريال من 270 ريال. ويأتي ذلك في ظل أزمات معيشية حادة تعم أغلب المحافظات اليمنية وسط ترد كبير في الخدمات العامة كالكهرباء التي أثرت بشكل بالغ على مختلف قطاعات الأعمال والمهن، بالتوازي مع انهيار قياسي في سعر صرف العملة الوطنية التي وصلت إلى 900 ريال للدولار الواحد لأول مرة منذ عودة الحكومة اليمنية إلى عدن نهاية العام الماضي.
الباحث الاقتصادي، عصام مقبل، يرى في هذا الخصوص، أن ما يجري في عدن يشبه إلى حد كبير ما جرى في صنعاء عقب تشكيل حكومة خالد بحاح، التي تم تشكيلها مناصفة مع الحوثيين بموجب اتفاق "السلم والشراكة" المبرم بين الطرفين، إذ طرأت بعد تشكيلها نهاية 2014 أزمات معيشية حادة وارتفاع قياسي في أسعار الغذاء وانقطاع الكهرباء التي تعرضت في ذلك الوقت لسلسلة اعتداءات وأعمال تخريب لخطوط إمداد الطاقة الكهربائية المتصلة بمحطة مأرب الغازية التي كانت تمد صنعاء ومدنا يمنية اّخرى بالكهرباء.
ويرصد مقبل في حديثه لـ"العربي الجديد"، بعض السيناريوهات المشابهة التي تفضي إلى تشكيل طبقات نفوذ تتحكم بمفاصل الإيرادات العامة والخاصة وفق خطط غامضة أصبحت تستغل المعارك الدائرة في مأرب لبسط نفوذها من خلال التسبب بسلسلة من الأزمات المعيشية وتقويض عمل السلطات المحلية لتسهيل تنفيذ مخططاتهم المشبوهة في عدن وحضرموت تحديداً بعد ما تم ذلك في سقطرى والمهرة. وتشهد عدن والمحافظات المجاورة لها، إضافة لمحافظة حضرموت أزمات معيشية وخدمية متشابهة تفجرت بعد زيارتين في أوقات مختلفة لمحافظ حضرموت فرج البحسني في أغسطس/اّب الماضي ومحافظ عدن أحمد لملس في فبراير/ شباط الماضي، إلى دولة الإمارات.

في السياق، قال المواطن يوسف شداد من سكان حي التواهي في عدن، إنه لا يمكن احتمال انقطاع الكهرباء خصوصاً مع بدء الصيف وارتفاع درجات الحرارة في مدينة ساحلية تجتاحها عديد الأزمات المعيشية مع ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية وأجور المواصلات الداخلية في المدينة بنسبة تزيد على 200%. وحمل شداد في حديثه لـ"العربي الجديد"، المسؤولية للسلطة المحلية بعدن التي يقودها المحافظ أحمد لملس الذي يعد من قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، نظراً لعدم وجود أي تحسن ملموس في الخدمات العامة منذ تعينيه منتصف العام الماضي، وسط تساؤلات عديدة عن الموارد العامة التي يتم تحصيلها ولا يعرف أحد وفق حديث هذا المواطن إلى أين تذهب.
وتعد الكهرباء من المشكلات المزمنة التي تعاني منها معظم المدن اليمنية خصوصاً المحافظات الواقعة جنوب اليمن، في ظل عجز الجهات الحكومية المسؤولة عن إيجاد الحلول المناسبة. هذا الأمر وفق مراقبين ومختصين تسبب في جعل عدن ومحافظات جنوب اليمن بيئة طاردة للأعمال الاستثمارية والتجارية والاقتصادية، وحد من المشاريع التنموية ومشاريع التشغيل كثيفة العمالة لامتصاص البطالة. الباحث الاقتصادي، سلطان الجعدبي، يشخص المشكلة من زاوية اّخرى مهمة تتعلق بما اعتاد عليه سكان هذه المناطق من خدمات مدعومة مثل الكهرباء والمياه وغيرها، في مقابل عجز حكومي عن توفير الموارد المالية المخصصة لاستيراد المشتقات النفطية لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية أو دفع مستحقات التجار الموردين للمازوت المخصص لمحطات الكهرباء.

ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الحكومة في الوقت الراهن تستطيع بالكاد صرف رواتب الموظفين في مناطق نفوذها ومن العملة النقدية المطبوعة والتي لا يتم تشغيلها في القنوات المالية الصحيحة والتي تتيح تشغيل الدورة النقدية والسيطرة على الإيرادات العامة، لافتاً إلى القيود المالية المفروضة عليها وعدم قدرتها على استخدام العائدات المالية الخاصة بالنفط الذي يتم تصديره من الحقول محددة الإنتاج المتاحة أمامها والتي تذهب إلى حساب خاص في أحد البنوك السعودية.
وفي تحرك متأخر وجه محافظ عدن بتفريغ شاحنة الوقود المخصصة لمحطات الكهرباء المحتجزة لأسباب غامضة في ميناء عدن منذ أكثر من عشرة أيام، في حين أصدر تعميما بما تم الاتفاق عليه مع مدراء مكاتب النقل ورئيس نقابة النقل والمواصلات ومشرفي اللجان النقابية، وذلك بإلزام ملاك وسائقي الأجرة بتسعيرة محددة للمواصلات التي تشهد ارتفاعا قياسيا وذلك بنحو 200 ريال و300 ريال للخطوط الواصلة بين المناطق المتباعدة داخل عدن.

لكن مصادر مطلعة قالت لـ"العربي الجديد"، إنه لم يتم تفريغ الشاحنة التي يأتي احتجازها في سياق صراع حاصل بين أقطاب ومكونات حكومية وتصنيف الطرف المتحكم بميناء عدن والمحسوب على المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات.

المساهمون