كشف مصدر خاص لـ"العربي الجديد" من دمشق، أن إعلان إيران إغلاق مصنع سايبا للسيارات في سورية "لا يتعلق بالتوترات القائمة بين البلدين بالفعل بل لأن المصنع سوّيَ بالأرض قبل أسبوعين جراء قصف صواريخ إسرائيلية له"، مضيفاً أن "المعمل كان في مدينة حسياء الصناعية على الطريق الدولي دمشق- حمص".
وأكد المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "التوتر بالعلاقات بين البلدين يتجلى بوقف توريد النفط الخام الإيراني، ما يزيد من أزمة شح الوقود بالسوق السورية وانعكاسها على حياة السوريين، مع حلول الشتاء، وعلى الصناعة والزراعة والنقل"، مشيراً إلى أن " شركة المحروقات الحكومية لم توزع أكثر من 10% من مخصصات مازوت التدفئة وحصة المستهلكين".
وحول توقف المشروعات الإيرانية، يبيّن المصدر أن "الاتفاقات السابقة لم تطبق على الأرض خاصة المتعلقة بالمصرف المشترك واستثمارات الخليوي والفوسفات وحتى قطاع الكهرباء"، مكرراً أن "مصنع سايبا للسيارات الذي هدمته الغارة الإسرائيلية بالكامل لم يكن ينتج بالأصل، سوى بعض أعمال الإصلاح والتدهين وتجميع سيارات بفترات متباعدة". وقال المصدر إنه "تم التكتّم على قصف المصنع من الطائرات الإسرائيلية ويتم اليوم الحديث فقط عن إغلاق المصنع الذي لم يعد موجوداً على الأرض فقد تم تهديمه بالكامل".
وتابع المصدر أن "مصنع سايبا قبل قصفه، كان يحوي على ما قيل إنها 500 طن مساعدات إنسانية للنازحين من لبنان قادمة من العراق أو عبر العراق"، مؤكداً تدمير خط الإنتاج بالكامل واحتراق عشرات السيارات المجمعة داخل المصنع، إضافة إلى سيارات أخرى تحمل موادَّ قيل إنها إنسانية".
وكان الرئيس الإيراني، محمد خاتمي قد طرح فكرة مصنع "سايبا" في سورية عام 2004، ووافقت حكومة الأسد على أن يقام ضمن المدينة الصناعية بحسياء، وبعد التجهيز تم في ديسمبر/كانون الأول 2007، افتتاح خط إنتاج سيارات "برايد"، في حفل رسمي حضره عن الجانب السوري، رئيس النظام بشار الأسد، ورئيس الوزراء محمد ناجي عطري، وعن الجانب الإيراني، وزير الإسكان، محمد سعيدي كيا.
وأخذ المصنع صفة الشركة المساهمة بين البلدين، باسم شركة "سيڤيكو"، وتم تقسيم أسهمها بين شركة "سايبا" (80%) والحكومة السورية (20%)، واستهدف المصنع إنتاج 15 ألف سيارة سنوياً، مع قدرة إنتاج يومية تصل إلى 10 سيارات في الساعة، لكن المعمل لم يقم إلا بتجميع عدد قليل من السيارات، لمكونات تأتي جاهزة ولا تنتج في المعمل، كما يفيد المصدر لـ"العربي الجديد".
أهداف المشروعات الإيرانية في سورية
بدوره، يقول الصناعي السوري، محمد طيب العلو لـ"العربي الجديد" إن "مصنع سايبا كان يقوم بتجميع سيارات سايبا، من مكونات أساسية تأتي من إيران، لكن بعض المكونات كانت تنتج في سورية، مثل الفرش والمتممات، وكان التعويل على نشاط القطاع الصناعي بعد تدشين المصنع عام 2007، لأن إنتاج السيارات ينشّط قطاعات كثيرة ويمتص فائض عمالة".
ويستدرك الصناعي السوري أن "المصنع كان واجهة أو حلماً لم يكتمل، لأن جميع السيارات المنتجة، حتى قصفه الأسبوع الماضي، لا تصل إلى طاقة إنتاج شهر كما جاء خلال التأسيس، وهذا ينسحب أيضاً على مشروع إيراني آخر، هو مصنع "إيران خودرو" لإنتاج السيارات الذي تم تدشينه عام 2009، وهو متوقف عن الإنتاج وأيضاً يقاس ذلك على شركة "سيامكو" الإيرانية السورية لتصنيع السيارات الكائنة بالمدينة الصناعية بعدرا بريف دمشق".
ويضيف العلو أن "المنتج الإيراني، من سيارات وعدد صناعية وآلات، ليست من التطور وتكاليف الإنتاج المغرية، لكن عديداً من المصانع وحتى مشروعات كبرى، كان يتم الاتفاق عليها أو تدشين بعضها، لأهداف تقارب وتوطيد العلاقات وزيادة الوجود الإيراني بسورية، لكنها على أرض الواقع، لا تنتج وإن خرج منها بعض الإنتاج فهو غير منافس ولا يلقى رواجاً بالسوق، كما كانت سيارات سايبا من أرخص وأقل السيارات طلباً بالسوق".
وجاء إغلاق مصنع سايبا للسيارات والذي تكلف نحو 50 مليون دولار، مؤشراً جديداً على انحسار الدور الإيراني والاقتصادي خاصة، في سورية، وقال رئيس الغرفة الإيرانية السورية المشتركة سعيد عارف وفقاً لوسائل إعلام إيرانية وسورية، إن الإغلاق "بسبب مشكلات تتعلق بالبلدين. بينما نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أنّ "إسرائيل والولايات المتحدة تسعيان للحد من نفوذ إيران في سورية، وذلك عبر التعاون مع رئيس النظام السوري بشار الأسد".
وقال وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المعارضة عبد الحكيم المصري في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد" إن "خروج إيران من سورية ليس سهلاً، بعد إنفاقها عشرات المليارات على مشروعها كما أن النظام لا يمتلك القدرة على إخراجها". وأضاف أنه تم تجميد عمل عدد من المشروعات، فضلاً عن تراجع التبادل التجاري بين البلدين في القطاع غير النفطي منذ 2022. وأشار إلى أن العلاقات التجارية والاستثمارية مع إيران، كانت كبيرة حتى قبل وقوف طهران إلى جانب الأسد ضد ثورة السوريين عام 2011، إذ كانت إيران ثالث أكبر مستثمر بسورية قبل الثورة بقيمة 10 مليارات دولار.