توصل باحثون في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن 66% على الأقل من إجمالي العاملين في القطاع الخاص في مصر متوسط أجورهم أقل من 4000 جنيه شهرياً، وهو الحد الأدنى للأجور المقرر اعتباراً من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
كما توصل باحثو المبادرة إلى أن نسبة العاملين من الرجال الذين يقل متوسط أجورهم عن الحد الأدنى للأجور هي 62%، بينما متوسط الأجور لكل النساء في القطاع الخاص بعد إضافة الزيادات أقل من الحد الأدنى للأجور، مما يعني أن كل النساء العاملات في القطاع الخاص سيستفدن في حال جرى توحيد الحد الأدنى للأجور لكل العاملين، وما يقرب من نصف الرجال العاملين في القطاع الخاص كذلك سيستفيدون من ذلك التوحيد.
وحاول باحثو المبادرة حصر من يتقاضون أقل من 4 آلاف جنيه (الحد الأدنى الحكومي الجديد المقرر في أكتوبر/تشرين الأول 2023) في القطاع الخاص، وذلك من واقع آخر الإحصاءات عن الأجور- النشرة السنوية لإحصاءات التوظيف والأجور وساعات العمل لعام 2021- الصادرة في يونيو/حزيران 2022، مضافًا لها 6% الزيادة السنوية المقررة عن العامين، أو 160 جنيها كحد أدنى من قيمة العلاوة عن السنتين، في محاولة للتوصل إلى تقدير متوسطات الأجور لعام 2023، التي جاء ذكرها في قرار المجلس القومي للأجور (إذا ما كانوا قد حصلوا عليها بالفعل).
كان رئيس الجمهورية قد أعلن، في مطلع الأسبوع الجاري، عن زيادة الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع الحكومي، ليصبح الحد الأدنى ﻷجر العامل في أدنى الدرجات الوظيفية في الحكومة أربعة آلاف جنيه شهريًا.
وأوضح وزير المالية محمد معيط، في بيان لاحق، أن تطبيق هذه الزيادة سيبدأ في أكتوبر/تشرين الأول المقبل بعد إقراره من مجلس النواب، وأن الزيادة ستشمل الحد الأدنى لكل الدرجات الوظيفية بما لا يقل عن 500 جنيه لكل العاملين في الجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة الاقتصادية. (الدولار= 30.95 جنيهاً).
وجاء الإعلان ضمن حزمة من القرارات شملت زيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية من 300 إلى 600 جنيه شهريا، ورفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة 25% ليصل إلى 45 ألف جنيه سنويا.
وأكدت الدراسة الصادرة عن المبادرة أن فجوات تنفيذ الحد الأدنى للأجر تؤخره عن ملاحقة الأسعار.
وأشارت في دراستها التحليلية بعنوان "نحو أجر منصف للجميع في مصر.. خيارات تعميم الحد الأدنى للأجور"، إلى أن "4000 جنيه شهريًا لا تغطي التضخم السابق ولا تحمي من موجاته المتوقعة بعد الانتخابات الرئاسية"، ورأت أنه يجب وضع آليات ملزمة لتطبيق الحد الأدنى في القطاع الخاص.
واعتبرت المبادرة أن الزيادة التي أعلنها السيسي مؤخرًا و"الثانية خلال عام واحد للحد الأدنى للأجور"، خطوة في الاتجاه الصحيح، في إطار تحسين الأحوال المعيشية لقطاع من العاملين بأجر في مصر، مع تصاعد معدلات التضخم خلال الشهور الستة الماضية، منذ الإعلان السابق عن رفع الحد الأدنى لأجور العاملين بالقطاع الحكومي إلى 3500 في مارس الماضي. لكن وضعية الأجور الحقيقية تظل أقل كثيرًا من أن تكون منصفة أو كافية لتوقي السقوط تحت خط الفقر.
وقالت إنه "رغم إيجابية خطوة رفع الحد الأدنى للأجور ورفع حد الإعفاء الضريبي للشرائح الدنيا، فإن القرار من جهة لا يغطى سوى العاملين في القطاع الحكومي والهيئات التابعة للدولة، ولا يشمل القطاع الخاص أو العمالة غير الرسمية، وهي النسبة الأكبر من العاملين بأجر في مصر، وقد يتأخر اجتماع المجلس الأعلى للأجور لتحديث الحد الأدنى في القطاع الخاص إلى نهاية العام، تاركًا ملايين العمال دون تدخل. ومن جهة أخرى، فإن طريقة حساب الحد الأدنى قد تتطلب مزيدًا من المراجعة في ضوء معدلات ارتفاع أسعار الغذاء بشكل خاص، بالإضافة إلى التخفيض المنتظر في قيمة الجنيه بعد الانتخابات الرئاسية وربما قبلها، وما سيرتبه من تراجع في القدرة الشرائية لتلك الأجور، بما يلغى أي أثر إيجابي للزيادة على مستوى المعيشة بمجرد حدوثه".
وسجلت دراسة المبادرة تحفظاتها بشأن قضيتين هامتين فيما يتعلق بقرارات المجلس القومى للأجور:
- عدم إشارة قرار المجلس إلى وجود زيادات متدرجة بشكل عام في كل الأجور، على غرار القرارات الحكومية بالنسبة للعاملين لدى الدولة.
- أن المجلس قد قلص 4% من قيمة العلاوة السنوية للعاملين بالقطاع الخاص (بعد أن كانت 7% على الأقل، لتصبح 3%). وهي نسبة متواضعة للغاية، خصوصاً أن تلك العلاوة هي الوسيلة الوحيدة لزيادة الأجور في القطاع الخاص، بعد أن توقف المجلس القومي للأجور منذ تسع سنوات عن إصدار قرارات خاصة بعلاوات غلاء المعيشة للعاملين بالقطاع الخاص، أو أي آليات أخرى لزيادة الأجور، بالتوازي مع الزيادة الدورية التي تصدر بالنسبة للعاملين بالحكومة. (وكان المجلس يقرر زيادة للقطاع الخاص بالتوافق مع القطاع الحكومي حتى عام 2014)؛ كأن ما يمكن أن يُعطى باليمين أُخذ مقابله مسبقًا باليسار.
واقترحت الدراسة آلية عاجلة لزيادة الأجور وتحديد الحد اﻷدنى للأجر، وأشارت إلى إمكانية تطبيق آليات أخرى، لكنها تتطلب وقتًا أطول، وتحتاج إلى تعديل بعض السياسات لكي يتمكن الطرف المغيب عن صنع القرار (العمال) من أن يكون موجودًا وفاعلًا، حتى يتسنى الحديث عن مفاوضة جماعية حقيقية ثلاثية الأطراف.