مصر: مستثمرون يرفضون مشروعاً حكومياً يلزمهم بدفع 70% من عوائد التصدير للبنوك

23 ديسمبر 2024
سفينة حاويات تعبر في قناة السويس المصرية، 27 مارس 2021 (أحمد حسن/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- طالبت جمعيات رجال الأعمال الحكومة بإلغاء قرار وزير المالية بشأن دعم التصدير، حيث يرون أنه يسبب خسائر للمصدرين ويضعف قدرتهم التنافسية بسبب الشروط المالية الصارمة.
- أظهرت دراسة تراجع قيمة دعم الصادرات وتأثيره السلبي على المنتجين المصريين، مشيرة إلى ضعف الميزانية المخصصة مقارنة بدول أخرى وتأخير صرف المستحقات، مما يسبب أزمة سيولة.
- يواجه قطاع الأعمال في مصر معوقات مثل التضخم وارتفاع تكاليف الطاقة والبيروقراطية، مما يعيق التصدير ويؤثر على قدرة الدولة في الحصول على العملة الصعبة.

طلبت جمعيات رجال الأعمال والمستثمرين الحكومة بالتراجع عن مشروع قرار تقدم به وزير المالية أحمد كوجك صرف دعم التصدير مقابل تنازل المصدرين عن نسبة 70%، من قيمة الصفقات بالدولار للبنوك المحلية، مع احتفاظهم بـ30% فقط، لتغطية النفقات الدولارية، ذات العلاقة بأنشطتهم.

أكد المستثمرون في مذكرات رفعت إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي على مدار الأسبوعين الماضيين عن خطورة لجوء وزير المالية إلى خفض المخصصات المقررة لبرنامج دعم الصادرات، بما يعرض المنتجين لخسائر فادحة، مع صعوبة قدرتهم على مواجهة المنافسة في الأسواق الدولية.

قال رئيس المجلس التصدير للملابس فاضل مرزوق لـ"العربي الجديد" إن الشروط الحكومية الحالية تطلب من المصدرين سداد 50% من حصيلة التصدير للبنوك، مقابل إعادة استخدام قيمتها في تمويل الواردات وتكاليف التشغيل وتطوير المعدات التي تحتاجها المصانع من الخارج.

وشددت مصادر بجمعيات المستثمرين واتحاد الصناعات على خطورة إجراءات الحكومة، التي نفذت بأثر رجعي على برنامج دعم الصادرات التي تمت خلال العام المالي الجاري 2024-2025، مشيرين إلى أنهاء جاءت بعد تنفيذ المصدرين لأكثر من 80% من قيمة التعاقدات المتفق عليها مع الجهات الأجنبية خلال العام الجاري، وعدم قدرتهم على تغيير قيمة وشروط التعاقد، بمنتصف الفترة الزمنية أو تبديلها دون إخطار العملاء بالخارج، قبل فترة زمنية لا تقل عن ثلاثة أشهر.

كما توقع مؤشر بارومتر الأعمال الذي يصدر المركز المصري للدراسات الاقتصادية، للربع الأخير من العام الجاري، تراجع قطاعي الصناعات التحويلية والتشييد والبناء، لأقل من مستوى المحايد، مع استمرار معاناة قطاع الصناعات التحويلية بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصة بعد الزيادات المتكررة في أسعار الطاقة والمياه واضطراب الشحن العالمي، وحركة الملاحة بالبحر الأحمر، مع زيادة تكلفة التمويل مع ارتفاع أسعار الفائدة، والمغالاة في رسوم الخدمات الحكومية وخاصة التراخيص، مع وجود ركود الطلب نتيجة انخفاض القوة الشرائية.

وسجل المؤشر تحسناً في أداء القطاعات الخدمية بالسياحة والنقل والاتصالات والخدمات المالية، التي سجلت جميعاً قيماً أعلى من المستوى المحايد، مع ظهور نتائج تراجع تحديات سعر الصرف والمنظومة الضريبية رغم استمرار تحديات التضخم التي تتصدر قائمة المعوقات لجميع الشركات، ووجود مطالب عمالية برفع الأجور وعدم توافر السيولة النقدية للاستثمار.

في سياق متصل، كشفت دراسة أجرتها نخبة من الخبراء ورجال الأعمال أعضاء المركز المصري، عن خفض الحكومة قيمة رد الأعباء على الصادرات من 42% إلى 17% من قيمة تكاليف الإفراج الجمركي التي يتحملها المصدرون للملابس الجاهزة، خلال الأشهر الأولى من العام الجاري، مع تراجعها لجميع القطاعات الإنتاجية الموجهة للتصدير، رغم مواجهة المنتجين المصريين سوق عالمية شديد التنافسية.

وأشارت الدراسة إلى ضعف الميزانية المخصصة لمساندة الصادرات المصرية التي تقدم من وزارة واحدة، مقارنة بالصين وتركيا والهند والمغرب، التي تقدم حوافز عديدة للمصدرين، عبر عدة وزارات تدعم عمليات النقل والشحن وتسهيل الإجراءات الخاصة بالتصدير ورفع المكون التكنولوجي وتحديث البنية التحتية المرتبطة بالصناعات التصديرية.

كما أشار تحليل الخبراء في الدراسة، إلى أنه رغم زيادة معدلات نمو الصادرات وقدرتها على تحقيق كامل إمكاناتها، فإن معدل نمو رد أعباء التصدير ما زال متواضعاً، مقارنة بالدول الأخرى، وإمكانات التصدير بصناعات البتروكيماويات والأسمدة والبلاستك والأدوية.

وأوضح الخبراء أنه حتى في ظل التزام الحكومة بصرف كامل الميزانية المخصصة لدعم الصادرات، في بعض السنوات، فإنها عادة ما تؤخر عمليات الصرف لفترات طويلة، مما يضع المصدرين في أزمة سيولة، لحين صرف تلك المستحقات بالإضافة إلى تعرضهم لمشاكل تراجع قيمة العملة، وارتفاع تكلفة التشغيل جراء التضخم وزيادة الرسوم الحكومية.

وبيّن الخبراء الاقتصاديون أن الحكومة لم تعط أولويات صرف مستحقات أعباء الصادرات، على النحو المحقق قبل عام 2010، رغم رغبتها الملحة في التوجه إلى الصناعات التصديرية، والسعي إلى رفع معدلات التصدير للقطاعات الإنتاجية غير النفطية من 40 مليار دولار لعام 2024 إلى نحو 100 مليار دولار خلال خمس سنوات.

ورصد الخبراء وجود تذبذب واضح في معدلات صرف رد أعباء التصدير من عام لآخر، خاصة في السنوات الأخيرة، رغم تعهد الحكومة بتعويض متأخرات رد الأعباء، مشيرة إلى خطورة ذلك على خفض معدل نمو الصادرات، مع تراجع القدرات الصادرات للدولة، التي تحتاج للعملة الصعبة باستمرار.

كذلك، بينت الدراسة التحليلية تنفيذ الحكومة برنامج رد أعباء الصادرات منذ عام 2002، لتعويض المصدرين عن العوائق التي تكلفهم أموالاً طائلة، عند استيراد مستلزمات الإنتاج والتشغيل ولحين عودتها إلى منافذ التصدير للأسواق الدولية. أوضح التحليل الذي صدر أمس أن ميزانية دعم الصادرات بلغت العام الماضي 2023-2024، 773 مليون دولار رسمياً، بينما لم تعلن الحكومة عن تفاصيل وصول المستحقات للمصدرين من عدمه حتى الآن، مبيناً أنه رغم تزايد حجم الصادرات المصرية، فإن الحكومة لديها اتجاه عام لخفض الموازنة المخصصة لرد أعباء الصادرات، اعتباراً من عام 2010 حتى 2023، إذ صرف 72% من قيمة الدعم عام 2010-2011 و56% لعام 2020-2021 و60% لعام 2022-2021. وأرجع خبراء المركز الفجوة في دعم الصادرات بالنسبة الأولى إلى عدم الاستقرار السياسي، بينما شكل أولويات الانفاق الحكومي السبب الرئيسي في تجاهل الحكومة لدعم الصادرات.

وحدد الخبراء المعوقات التي تواجه بيئة الأعمال خلال الأعوام الماضية وما زالت تعانيها، خلال الفترة من يوليو – سبتمبر 2024، من ارتفاع التضخم وتكاليف الطاقة والمياه، ومشكلات المنظومة الضريبية وبيروقراطية إجراءات التعامل مع الجهات الحكومية، فضلاً عن ارتفاع تكلفة الخدمات الحكومية وغموض توجهات السياسة الاقتصادية. كشف الخبراء عن تضاعف تلك المشكلات بالنسبة للقطاعات التصديرية، الذين يتعين عليهم استيراد العديد من مستلزمات الإنتاج، ولعدم توافرها بالسوق المحلية أو لعدم توفرها بالمواصفات والجودة المطلوبة للمنافسة في الأسواق الخارجية، والوفاء باشتراطات العميل.

وتشمل قائمة المعوقات ارتفاع تكاليف الإفراج الجمركي، في رسوم الأرضيات والتفريغ والنقل خدمة " نافذة" الحكومية لإنهاء الإجراءات التي تشرف عليها نحو 11 وزارة و22 جهة مالية وأمنية وسيادية، والتخليص الجمركي، التي تحول دون قدرة المصدر على تقديم سعر تنافسي لمنتجاته في الأسواق الدولية. وأوضح التقرير خطورة طول فترة الإفراج الجمركي، التي ينتج عنها تكاليف إضافية ورفع تكاليف الإنتاج والتأثير سلباً في قدرة المصدر على الالتزام بتوقيت التسليم، وتدفع المصدر إلى الاحتفاظ بمستلزمات إنتاج لضمان قدرته على الاستمرار بالإنتاج وتوقيتات التسليم للعملاء بما يرفع تكلفة المخزون.

وقد حذر الخبراء من تعدد أجهزة الفحص الحكومية والسيادية، التي تدفع إلى ارتفاع التكاليف، جراء دفع رسوم لكل جهة على حدة، مع إطالة فترة الإفراج الجمركي نتيجة اختلاف متوسط الوقت الذي تستغرقه كل جهة للانتهاء من عمليات الفحص، من جهة إلى أخرى، بالإضافة على المعوقات الجيو - سياسية بالمنطقة والتي تسبب في ارتباك سلاسل التوريد وارتفاع تكلفة الشحن والتأمين وتعقيدات منظومة هيئة سلامة الغذاء التي تديرها بمنافذ الصادرات والواردات بالمحافظات.

المساهمون