بعد 107 أيام من العدوان الإسرائيلي غزة، أعلنت حكومة القاهرة أن مصر أكبر دولة ساهمت بتقديم مساعدات إنسانية إلى المنكوبين داخل القطاع.
جاء البيان الرسمي على لسان وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج، في إطار حملة علاقات عامة لمحو السمعة السيئة التي ألصقتها إسرائيل بمصر، عندما حملتها مسؤولية عرقلة ووصول قوافل الإغاثة إلى المتضررين من الحرب، التي أدت إلى سقوط أكثر من 25 ألف شهيد و71 ألف مصاب و7 آلاف مفقود، وتدمير 70% من المباني والمستشفيات والمرافق.
ترفض أجهزة الأمن المصرية السماح للراغبين في دخول غزة من الأطباء والممرضين والناشطين المصريين وقيادات المجتمع المدني والقوى السياسية، في وقت تتعالى نداء من نقابات الصحافيين والأطباء والمحامين وأحزاب بإعادة فتح معبر رفح للتعامل المباشر بين مصر وفلسطين، رافعين شعارات "أخرجوا الجرحى أدخلوا المساعدات والوقود والمواد الطبية".
يبذل النظام المصري جهوداً مكثفة لإبعاد شبهة تقصيره في توصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة. التقى وزير الدفاع المصري محمد زكي، نهاية الأسبوع، بالمنسق العام للشئون الإنسانية سيغريد كاغ، يوم 8 يناير/ كانون الثاني الجاري، لتنسيق الجهود المصرية والدولية بما يضمن تدفق المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة بالكميات الكافية لسكان القطاع، في ضوء النقص الشديد في الاحتياجات الأساسية، واستمرار العدوان الإسرائيلي على القطاع.
تفقدت المبعوثة الأممية مخازن المساعدات التي أقامتها السلطات بمدينة العريش، وقوافل الإغاثة برفح، التي تستقبل المساعدات الدولية بحرا وجوا، والتي تأتي برا من الجمعيات الأهلية والمتطوعين المحليين، عقب مقابلات أجرتها مع وزير الخارجية ومسؤولين مصريين ودوليين عن استقبال المساعدات شمالي سيناء.
تشير إحصائية للهلال الأحمر المصري إلى أن عدد الشاحنات التي عبرت من منفذ رفح البري إلى قطاع غزة بلغ 9125 شاحنة، منذ بدء دخول المساعدات إلى دخل القطاع في أكتوبر 2023 حتى نهاية الأسبوع الماضي. تظهر البيانات أن المساعدات تضمنت 7 آلاف طن مواد طبية و50 ألف طن مواد غذائية، و20 ألف طن مياهاً نقية، 1000 قطعة من الخيام والمشمعات ومواد الإعاشة و11 ألف طن مواد إغاثية و88 سيارة إسعاف، و4.5 أطنان من الوقود وغاز الطهي للمنازل.
تبين الإحصاءات استقبال مطار العريش 498 طائرة من مختلف الدول والمنظمات منذ بدء الأزمة، من بينها 406 طائرات حملت أكثر من 13.5 ألف طن من المساعدات المتنوعة ومواد الإغاثة، مقدمة من 50 دولة عربية وأجنبية ومنظمة دولية وإقليمية، ونقلت 92 طائرة وفودا رسمية وشخصيات عالمية جاءت لإظهار تضامنها مع المتضررين من العدوان الإسرائيلي.
تظهر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بيانات مختلفة حول استلام طواقمها 5939 شاحنة من الهلال الأحمر المصري عبر معبر رفح منذ 21 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، خصص منها 4001 شاحنة للهلال الأحمر، و1938 شاحنة لوكالة غوث اللاجئين "أونروا" وجهات إنسانية دولية. ووفقا للبيان الأخير للجمعية،احتوت الشاحنات على طعام ومياه نقية ومستلزمات طبية وأدوية، و88 سيارة إسعاف، يجرى توزيعها، بالتنسيق مع "أونروا" ووزارة التنمية الاجتماعية، على المستفيدين داخل غزة.
وأكدت الجمعية وصول 1472 شاحنة مساعدات إنسانية عبر معبر كرم أبو سالم، خلال نفس الفترة، تابعة لمؤسسات الأمم المتحدة وأونروا.
يشير مراقبون إلى أن الاختلافات في الأرقام بين الطرفين تعود إلى وصول مساعدات من الأردن وبعض الأطراف الدولية عبر الإسقاط المظلي المباشر على أرض غزة، أو الجسر البري الذي ربط بين الأردن ومعبر كرم أبو سالم وغزة، وبعضها جاء عبر البحر من قبرص لمؤسسات الأمم المتحدة مباشرة.
يحمّل مرصد الأزهر الاحتلال مسؤولة عدم دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، باستهدافه ضرب معبر رفح الحدودي 4 مرات متتالية منذ عدوانه على القطاع في أكتوبر الماضي، ما تسبب في مجاعة وتفشي الأوبئة، مع انتهاجه "الإبادة الجماعية" ضد الفلسطينيين.
وأكد المرصد في بيان له أن القتل والتدمير وسرقة الأراضي والممتلكات، وحتى الأعضاء البشرية، هي نهج معتاد لقادة الاحتلال في مواجهة الأغلبية الفلسطينية بالأراضي المحتلة.
ووجه المرصد المواطنين إلى المشاركة في حملة "أغيثوا غزة" التي يديرها بيت الزكاة المصري بإشراف شيخ الأزهر أحمد الطيب، التي تمكنت من إرسال 50 شاحنة محملة بنحو 1000 طن من المستلزمات الطبية المياه والمواد الإغاثية والمعيشية".
أكد مبعوثون أمميون زاروا المناطق المنكوبة بغزة ومستودعات تلقي المساعدات الدولية بمدينة العريش، خلال الأسبوع الماضي، أن دخول المساعدات يتعرض للتذبذب في الكميات اليومية، وفقا للقيود التي يضعها الاحتلال على نوعية المساعدات والكميات.
وأشاروا إلى أن ذلك يعرض الفارين نحو الحدود المصرية إلى كارثة إنسانية، ويبقي ما بين 50 ألفاً إلى 60 ألف شخص منتظرين الرعاية الصحية في ظل نظام صحي منهار، وأعداداً هائلة من الرجال والنساء والأطفال وكبار السن يأتون إلى المستشفيات التي انهارت بنسبة 70% بحثاً عن العلاج وبتر أعضاء لإصابات مروعة وجروح ناجمة عن شظايا وطلقات نارية.
وكشفت منظمات دولية ان إسرائيل دمرت كافة مخازن الأغذية والأدوية داخل القطاع، وتركت 70% من سكان القطاع يواجهون خطر المجاعة والموت، مع وجود أدلة متكررة على الكارثة الإنسانية في غزة التي تتكشف وتزداد سوءًا كل يوم، ومنذ فرض الحصار كاملا على القطاع في 9 أكتوبر الماضي، حرم 2.3 مليون شخص من الماء والغذاء والوقود والأدوية.
أقام الهلال الأحمر المصري مخيما للنازحين في خانيونس مزودا بالمياه والكهرباء والغذاء، لإيواء الأطفال والشيوخ وكبار السن الفارين من مناطق القصف الإسرائيلي على خانيونس الأسبوع الماضي.
تضمنت المرحلة الأولى 300 خيمة تقيم بداخلها حاليا 190 عائلة، يتوقع توسيع عدد الخيام إلى 1000 خيمة لاستيعاب نحو 6 آلاف نازح من أبناء القطاع.
تشير مؤسسة "سيناء لحقوق الإنسان"، على صفحاتها بوسائل التواصل الاجتماعي، إلى بدء السلطات المصرية في تجهيز المرحلة الثانية من المخيم لاستقبال النازحين من شمال ووسط غزة، بالقرب من السياح الحدودي الفاصل بين غزة ورفح المصرية، لاستقبال الفلسطينيين الذين تقطعت بهم السبل، وتأمين الرعاية الصحية وإعادة الروابط العائلية وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والمساعدات النقدية من الهلال الأحمر المصري.
أفصح رئيس فرع الهلال الأحمر المصري بشمال سيناء خالد زايد عن استلام الفرع 60 طناً من الأدوية حملتها طائرتان قطريتان، سلمت إلى الجانب الإسرائيلي من خلال معبر كرم أبو سالم، توجه 25% من كمية الحمولة للأسرى الإسرائيليين لدى "حماس" و75% إلى المتضررين الفلسطينيين شمالي غزة.