مصر: عراقيل أمام استكمال "مونوريل" العاصمة الإدارية

09 يونيو 2023
وزارة النقل تواصل إنشاء البنية التحتية للمونوريل (العربي الجديد)
+ الخط -

حضر "المونوريل" بدون محطات وغاب الطريق، هكذا يسخر العاملون بمشروع القطار المعلق، الذي خطط أن يكون حلقة اتصال المواصلات العامة لمسافة تمتد 90 كيلومتراً بين غرب ووسط القاهرة، بالعاصمة الإدارية الجديدة.

انتهت شركة ألستوم الفرنسية المكلفة بتصنيع قطارات المونوريل بمصانعها بمدينة ديربي البريطانية، من تصنيع 40 قطاراً، التزمت بتسليمها إلى مصر مطلع العام الحالي، لتشغليها بالعاصمة الإدارية الجديدة.

أرسلت الشركة الدفعة الثانية من عربات القطار إلى ميناء الإسكندرية، خلال الأيام الماضية، وفوجئ المستخلصون الجمركيون بإفراج السلطات عن عدد محدود من العربات وطلبهم تكديس الأغلبية داخل منطقة التخزين داخل الميناء، انتظاراً لتعليمات حكومية. تسبب القرار الحكومي في صدمة لدى الموردين الذين يسعون إلى تسليم الوحدات المتفق عليها، للخط الأول بشرق العاصمة، وفقاً لجدول زمني بدأ تنفيذه أول أغسطس/ آب 2019.

تعرض المشروع لأعطال فنية عديدة، حيث اكتشفت الحكومة بعد تحديد مسار المونوريل تعارضه مع عدة كباري أنشئت حديثاً، فقامت بإزالة بعضها وشق أخرى لإتمام المسار الأول الذي يضم 22 محطة تربط بين استاد القاهرة بمدينة نصر وقلب العاصمة الإدارية الجديدة.
تأخر الموعد الرسمي لافتتاح المشروع من أول يوليو/ تموز 2021، إلى مطلع فبراير/ شباط الماضي، الذي تأجل مرة أخرى ليواكب احتفالات النظام بأحداث 30 يونيو/ حزيران.

تعرض المشروع لنكبتين؛ الأولى عندما فرض البنك المركزي قيوداً على الاستيراد من الخارج، والثانية تعويمه للجنيه، بما أدى إلى ارتفاع هائل في قيمة مستلزمات التشغيل ومواد البناء، رفعت التكلفة الإجمالية للمرحلة الأولى من 4.5 مليارات دولار، وفقاً لخطط وزارة النقل، إلى نحو 6 مليارات دولار، كما تؤكد مصادر لـ "العربي الجديد".
أدت الأزمات المتتالية إلى تعطل أعمال المشروع، الذي ينفذه تحالف يضم مجموعة ألستوم الفرنسية التي تولت تدبير العملة الصعبة عبر قروض أوروبية وتصنيع القطارات، كما ستصبح المسؤولة عن التشغيل والصيانة والتركيبات الكهربائية، وقطع الغيار، بينما تتولى شركتا المقاولون العرب وأوراسكوم إنشاء المسار الإسمنتي وبناء محطات الركاب.
تعطلت أعمال التنفيذ في المسار الشرقي، المتجه للعاصمة بطول 56.5 كيلومتراً، حيث بلغت معدلات تنفيذ الإنشاءات الخرسانية نحو 55%، ولم تصل إلى 10% للتركيبات الهندسية والكهربائية، وما زالت محطات الركاب غير مكتملة الإنشاءات.
تتراجع نسبة الأداء بالجانب الغربي الذي يربط بين مدينتي الجيزة و6 أكتوبر، بطول 42 كيلومتراً، إلى 40% في الأعمال الإنشائية، ولم تبدأ أية تركيبات هندسية وكهربائية على طول المسار، وبناء محطات الركاب، وفقاً لزيارات ميدانية للمشروع قام بها مراسل "العربي الجديد" على مدار الأسبوع الماضي.
أكدت مصادر في قطاع مقاولي التشييد والبناء بالمشروعين عدم التزام الحكومة بالجدول الزمني لدفع مستحقات الشركات المحلية المنفذة للمشروع، على مدار عام كامل، مع توقفها نهائياً خلال الأشهر الماضية، أدت إلى تباطؤ شديد في إنجاز الأعمال المكلفين بها، بينما انتهت الشركة المصنعة القطارات من التزاماتها، وفقاً للجدول الزمني، مع استكمالها الحصول على قروض بضمانات من الحكومتين المصرية والفرنسية، العام الماضي، لتمويل المكون الأجنبي للمشروع من بنوك فرنسية وأوروبية.

أطلع مسؤولون فنيون بمشروع "المونوريل" "العربي الجديد" على خطة وزارة النقل، لتركيب قطارين على مسار الخط الشرقي، بوسط العاصمة الجديدة، لتوظيفه في التصوير الإعلامي، والترويج لافتتاح المشروع، يوم 3 يوليو/ تموز المقبل، بينما لم تنته الأعمال الإنشائية والكهربائية على المسار.
حددت وزارة النقل تركيب 4 وحدات من القطارات، خلال أيام، لتشكل نموذجاً للمونوريل، يجرى تصويره بالمحطة الوحيدة التي قاربت على الانتهاء، في العاصمة الإدارية، وتسويقه للمواطنين على أن المشروع دخل حيز التشغيل، دون أن يكتمل في أية مرحلة أخرى.
أكدت المصادر صعوبة التزام الشركات بإنهاء المرحلة الأولى خلال عام 2023، رغم تأخرها عن موعدها الرسمي نحو عامين، مع تعرض خط 6 أكتوبر لمزيد من الأعطال التنفيذية، بما سيؤدي إلى تأجيل آخر لافتتاحه المجدول في يوليو 2024، لوجود نقص حاد في السيولة المالية، ووقف صرف مستحقات المقاولين.
كان وزير النقل قد سافر إلى لندن مطلع أغسطس/ آب 2021، لافتتاح خط إنتاج قطارات المونوريل للعاصمة الإدارية و6 أكتوبر، بمصانع ألستوم الفرنسية بمدينة ديربي البريطانية التي تنتج القطارات فائقة السرعة بالاتحاد الأوروبي.
شهد بناء المونوريل معارضة شديدة من خبراء النقل والبيئة، يرون أنه غير ضروري للربط بين المدن والأحياء في شوارع واسعة، يمكن مدها بشبكة نقل و"ترام" أرضية، أرخص وأكثر أمناً للجمهور.
أشارت المصادر إلى أن وزارة النقل قامت بإسناد المشروع بالأمر المباشر للتحالف المنفذ للمونوريل، وأعطته حق الامتياز للتنفيذ والتشغيل والصيانة على طول الخطوط، لمدة 30 عاماً، في سابقة أولى من نوعها زمنياً، مع تحميل القروض الدولية والمحلية لموازنة العامة للدولة، في حسابات مديونيات هيئة مترو الأنفاق المملوكة بالكامل للدولة.

المساهمون