مصر: شبكات فساد تعطل نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة

28 يوليو 2022
جانب من مناقشات لجنة المشروعات الصغيرة بجمعية رجال الأعمال المصريين (العربي الجديد)
+ الخط -

حمّل برلمانيون ورجال أعمال في مصر موظفي الجهاز الإداري بالدولة، مسؤولية تعثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وعدم تطورها لتصبح قاطرة التنمية الاقتصادية حسب الخطط الحكومية. وكشفت مناقشات موسعة للجنة المشروعات الصغيرة بجمعية رجال الأعمال المصريين، عن وجود 17 وزارة، ما زالت تتحكم بأساليب متعارضة، في إصدار تراخيص وأعمال المشروعات الصغيرة بالمحافظات.
أظهر المتحدثون أن القوانين التي يسنها البرلمان، والقرارات التي تصدرها الحكومة لتسهيل أعمال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تواجه بعنت شديد من طبقة المديرين والموظفين التنفيذيين بالوزارات والإدارات الحكومية المختلفة، بما يحول دون حصول المستثمرين على الحقوق التي تقررها الدولة، وتدفعهم للعمل بعيدا عن السوق الرسمية.
اتفق الحاضرون على ضرورة تعديل قانون المشروعات الصغيرة، رقم 152 لسنة 2020، والذي يضع الإطار التشريعي لإقامة وتمويل المشروعات الصغيرة، والجهات المشرفة عليها، بما يوحد تلك الجهات، لتعمل بنظام "الشباك الواحد"، وتوحيد جهة الإصدار والإشراف على المشروعات.
دعا عضو جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس اللجنة، حسن الشافعي، خلال اجتماع موسع مساء أول من أمس إلى ضرورة تحرك الحكومة لحل مشاكل المستثمرين، خاصة من شباب الأعمال، الذين يبحثون عن وسائل تمكنهم من رفع الإنتاجية، وتمكينهم من تصدير منتجاتهم، مع توجيه برامج التعليم، توفر العمالة الفنية اللازمة، لتلك المشروعات.

قال الشافعي إن الجهات الرسمية لا تملك أية أرقام واقعية، تبين حجم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الكلي للدولة، لتعدد الوزارات المشرفة على تلك الأنشطة، مشيرا إلى أنه من خلال رصد أعمال الشركات وتعاملاتها مع البنوك، تبين أن تلك المشروعات، يتراوح حجمها ما بين 20% و25% من الاقتصاد الكلي.
ذكر الشافعي أن حل مشاكل صغار المستثمرين، التي تتمثل في تعقيدات الإجراءات الحكومية وصعوبة الحصول على التمويل، والتضخم وارتفاع أسعار المواد الأولية، يمكن أن يدفع بتلك المشروعات إلى أن تصبح "قاطرة التنمية" في الدولة خلال المرحلة المقبلة.
وأكد أن القضية المحورية، لإنقاذ المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تتعلق بحل مشاكل الإنتاج، ورفع كفاءة التشغيل، وتمكين أصحاب المشروعات من تصدير منتجاتهم في الأسواق المحلية والدولية.
استشهد الشافعي بدور المشروعات الصغيرة والمتوسطة، في تصدير 90% من قيمة صادرات سويسرا، و50% في اليابان وماليزيا وكوريا الجنوبية.
وفي المقابل، دافع رئيس لجنة المشروعات الصغيرة بمجلس النواب، محمد كمال مرعي، في حديثه أمام المستثمرين، عن الحكومة، بتأكيده على وجود تنسيق بين البرلمان والحكومة، لتعديل القوانين واللوائح الخاصة، بالمشروعات الصغيرة، مؤكدا أن المسؤولية في العثرات ترجع إلى تمسك الموظفين بسلطاتهم القديمة، لتفشل المنظومة الجديدة، خوفا من الاستغناء عن خدماتهم، أو لمآرب خاصة، تدفع صغار الموظفين إلى المقاومة الشديدة، لأي تغيير في صالح المستثمرين وتسهيل الأعمال.
أرجع النائب المشكلة إلى غياب الكفاءات الفنية القادرة على إدارة الجهات المشرفة على المشروعات، ونقص المعلومات، وغياب الوعي لدى المواطنين الذي يدفعهم للعمل بعيدا عن الاقتصاد الرسمي، بالرغم من وضع ضمانات أمامهم تخفف من قيمة الضرائب، وتمنح أصحاب المشروعات، رخصة التشغيل خلال شهر من التقدم بطلبها، ورخصة مؤقتة في حالة العمل على أرض غير مخصصة للبناء أو البناء بالمخالفة للقانون، لمدة 5 سنوات، تجدد لحين تدبير أرض بديلة للمشروع.
التمس النائب البرلماني العذر للحكومة، في عدم امتلاكها قاعدة معلومات مركزية عن كافة المشروعات، أو القدرة على تلقي شكاوى المستثمرين ومتابعتها لحظيا، على مواقع خاصة بالإنترنت، لعدم وجود اعتمادات مالية كافية لتشغيل نظام آلي يمكن أصحاب المشروعات من التواصل عبره، من هواتفهم وأجهزتهم الخاصة.
وأرجع النائب إزاحة رئيس هيئة تنمية صناعية سابق، لاكتشاف شبكة فساد واسعة تدير عمليات توزيع الأراضي على الراغبين في إقامة مشروعات صغيرة، وفق أهوائهم ومصالحهم الخاصة، والتلاعب في الإجراءات الرسمية التي تحرم المستثمرين من الحصول على تلك الأراضي.

وتعد قضية الحصول على الأراضي في المناطق الصناعية، من أكبر العوائق التي تدفع شباب الأعمال والمستثمرين للعمل في مناطق داخل المدن، والعشوائيات، وتحمل أعباء مالية باهظة، في شراء الأراضي، بينما دراسات الجدوى الدولية، تتطلب ألا تزيد قيمة الأرض، عن 20% من التكلفة الإجمالية لأي مشروع.
من جانبها، دعت نائب رئيس لجنة المشروعات الصغيرة بجمعية رجال الأعمال، داليا السواح، إلى ضرورة تكثيف الرقابة على أداء الموظفين، ووضع قياس أداء لأعمالهم، واستطلاع آراء الجمهور في مقياس الأداء، واستبعاد المتسببين في تعطيل القوانين ومصالح المواطنين.
وأشارت إلى أهمية رفع جدارة العاملين، في الإدارات الحكومية والبنوك والقطاع العام، الذين يسببون أكبر مشاكل عند التعامل مع الجمهور، بجهلهم لتحديثات القوانين أو لاستغلال وظائفهم.
وأشارت حنان الريحاني، الرئيس التنفيذي لأكاديمية السويدي للتعليم الفني، إلى معاناة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من ندرة العمالة الفنية القادرة على التوافق مع التطور التقني، وامتلاك خبرات توافق سوق العمل، وفقا للمتطلبات المحلية والدولية.
وأعلنت ممثلة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية بشرق المتوسط، ريم السعدي، عن فرص جديدة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي لا تزيد العمالة بها عن 350 موظفا، مع تقديم تسهيلات واسعة للمشروعات التي تديرها أو تملكها سيدات، والتي تساهم في توفير فرص تشغيل كثيفة العمالة. واتفقت "السعدي"، على تقديم منح وخبرات فنية لصغار المستثمرين، تمكنهم من التوسع في الأعمال، ودراسة الأسواق المحلية والدولية.
أبدت عضو جمعية رجال الأعمال، نانيس طه، دهشتها من عدم وجود سياسة عامة للصناعات المصرية، تحدد المعايير الفنية وتوجهات التصنيع، بحيث تتوافق مع المواصفات العالمية، مشيرة إلى أن صناعات الذهب والتعدين، تجري وفق أهواء أصحابها، بما يحمل المنتج المصري تكلفة باهظة، لا تجعله منافسا للسعر أو التطور الذي تشهده الصناعات المنافسة في الأسواق الدولية.

المساهمون