مصر: حملة لمقاطعة شراء الدجاج احتجاجاً على ارتفاع أسعارها

09 يناير 2023
ارتفاع كبير في أسعار الدجاج (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

دعا مصريون إلى مقاطعة شراء الدجاج، اعتباراً من يوم غد الثلاثاء، ولمدة شهر، احتجاجاً على ارتفاع أسعارها 20%، خلال اليومين الماضيين.

جاءت الدعوة من شخصيات عامة وكوادر وظيفية عليا بمؤسسات حكومية، ومستهلكين ينتمون للطبقة المتوسطة، أفزعتهم الزيادة الكبيرة في أسعار الدجاج، إذ ارتفع سعر الكيلوغرام من 54 جنيهاً إلى 64 بالمناطق الريفية والشعبية ومن 65 إلى 73 جنيهاً بالأحياء المتوسطة (الدولار = نحو 27 جنيهاً). 

رفع المحتجون شعارات غاضبة، عبر وسم هاشتاغ (# مقاطعة_ الفراخ_ 10_ يناير_ لمدة _ شهر)، مشيرين إلى أنّ الزيادة تصاعدت بشكل متسارع، بما يفوق قدرات الأسر المتوسطة، بينما الفقيرة لن تتمكن من شراء الأرجل التي أصبح لها ثمن بالأسواق.

عبّر المحتجون عن ضيقهم من عدم قدرة الحكومة على ضبط الأسعار في الأسواق، بعد إلغاء قيود استيراد الأعلاف ومستلزمات الإنتاج من الخارج. قال موزعون في لقاء مع "العربي الجديد": "قلة المعروض من الطيور في المزارع وراء زيادة أسعار التوريد".

وفسّر أعضاء رابطة الدواجن زيادة الأسعار بأن الإعلاف التي خرجت من الموانئ خلال الأيام الماضية لم تصل إلى صغار المنتجين، ومن يحصل عليها يكون ذلك بأسعار باهظة تصل إلى 24 ألف جنيه للطن. أرجع منتجو الدواجن قلة الإنتاج إلى ندرة الإعلاف وارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية ومستلزمات التشغيل.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

نظم مواطنون عدة حملات لمواجهة الزيادة الكبيرة في أسعار السيارات والسكر والبيض والملابس والسلع المعمرة التي بالغت في أسعارها، منذ يوليو/ تموز الماضي، مع ظهور آثار قرار البنك المركزي بوقف تمويل الواردات من الخارج، في فبراير/ شباط 2022.

أشعرت حملة السيارات والملابس الموزعين بأزمة قلة الطلب، ووفقاً لمؤشر مديري الشركات كانت زيادة التضخم مدفوعة بتراجع الطلب وارتفاع الأسعار الحافز الأكبر لضعف المبيعات.

من ناحية أخرى، واصل مؤشر منظمة الأغذية والزراعة "فاو" لأسعار الأغذية عالمياً في ديسمبر/ كانون الأول الماضي انخفاضه للشهر التاسع على التوالي، عن قيمته المسجلة، منذ عام، مع الهبوط الحاد في الأسعار الدولية للزيوت النباتية، وبعض الانخفاضات في أسعار الحبوب واللحوم.

كشف المؤشر في تقريره الشهري الصادر مساء يوم الجمعة الماضي عن زيادة معتدلة في أسعار السكر ومنتجات الألبان، مع تراجع عام بمقدار 2.6%، عن مستواه المسجل في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وبمتوسط سنوي، مرتفع بنسبة 14.3%، عن عام 2021.

وأوضح المؤشر تراجع أسعار القمح والذرة والشعير، مدفوعة بتوافر الإنتاج في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية.

يعزو رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية بالإسكندرية، حازم المنوفي، زيادة أسعار السلع خلال الأيام الماضية إلى ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه، وندرة الحصول عليه للموردين.

يبشر المنوفي في تصريح لـ "العربي الجديد" بأن تؤدي قرارات الحكومة التي نفذتها مؤخراً بالإفراج عن بضائع قيمتها نحو 6.5 مليارات دولار محجوزة بالجمارك منذ أشهر إلى تهدئة أسعار السلع، في الفترة المقبلة.

تأتي بشرى المنوفي مخالفة لواقع يعتبره مستهلكون مريراً، مع الزيادة اليومية التي يتحملونها في قيمة السلع، دون قدرة من الدولة على وقف تصاعدها. تعاني مصر من شح شديد في العملة الصعبة، مع زيادة حاجتها السنوية لاستيراد السلع الغذائية من الخارج، بخاصة القمح والزيوت والسكر واللحوم.

يرى خبير الاقتصاد الزراعي صقر النور أنّ أزمة الغذاء وتوفير السلع الغذائية ستظل مستمرة للسنوات المقبلة، في ظل "استراتيجية تنموية، لا تعطي الاهتمام الكافي بالزراعة وإنتاج الغذاء، وتعديل نظام دعم الغذاء عبر وزارة التموين من الدعم العيني إلى المادي، مقابل حصص نقدية في حدود 50 جنيهاً، و5 أرغفة مخففة الوزن للفرد، لتخفيض ميزانية الدعم، منذ عام 2017.

يوضح خبير الاقتصاد الزراعي أنّ معظم المشروعات الزراعية الحالية تسير وفق مخططات معتمدة في ظل الرئيس السابق حسني مبارك، وتنفذ حالياً تحت إشراف مباشر وشخصي من الرئيس عبد الفتاح السيسي ودوائر ضيقة محيطة به، غالباً من دون دراسات جدوى.

ويلفت إلى أنّه "إن أجريت لما نفذ 25% منها، لما لها من آثار لا تهدد فقط النظم الزراعية الغذائية الحالية، لكن تهدد استدامة الموارد ومستقبل الأجيال القادمة".

وأكد النور في دراسة اقتصادية على التراجع المستمر في مساهمة الزراعة والصيد والغابات في الناتج القومي، إذ بلغت 18.5% عام 1990، و15.5% عام 2000، و11.3% عام 2015 و11.8% عام 2021.

يرى خبير الاقتصاد الزراعي صقر النور أنّ أزمة الغذاء وتوفير السلع الغذائية ستظل مستمرة للسنوات المقبلة، في ظل "استراتيجية تنموية، لا تعطي الاهتمام الكافي بالزراعة

 

ترصد الدراسة وجود تضارب كبير في أرقام المشروعات الزراعية التي تستهدفها الحكومة، والتي تهيمن عليها شؤون مؤسسة الرئاسة مباشرة، عبر مخصصات ضخمة لكيانات أجنبية ومصرية، تستهدف زراعة نحو 3 ملايين فدان واستزراع 100 ألف فدان بصوب (دفيئات) زراعية، منها 1.85 مليون فدان تتبع شركات الجيش، بينما يظل الفلاح البسيط محروماً من قدرته على المساهمة في رفع الإنتاجية الزراعية.

تظهر الدراسة أن الأمن الغذائي ما زال متوقفاً عند حدود عام 2013، لتحقيق معدلات الاكتفاء الذاتي بنسبة 60% من احتياجات الدولة من السلع الغذائية الأساسية.

وتواجه الحكومة عجزاً متصاعداً بين الصادرات والواردات، يبلغ نحو 40 مليار دولار سنوياً، بضغط من ارتفاع واردات القمح والزيوت والسلع الاستراتيجية ومستلزمات الإنتاج للأغذية والمنتجات الصناعية التي تعتمد على الخارج، بنحو 65% من احتياجات البلاد سنوياً.

ويحذر مدير المجموعة الثالثة عشرة بالبنك الدولي، ديفيد مالباس، في تحليل أصدره في ديسمبر الماضي، من استمرار ارتفاع أسعار محاصيل السلع الأولية والأسمدة مع ارتفاع استهلاك الإمدادات المتاحة من جانب أصحاب الدخول والإعانات الأعلى من مثيلاتها في الدول الأفريقية من بينها مصر.

 

المساهمون