أعلن "المجلس القومي للأجور" في مصر، برئاسة وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد، الثلاثاء، بدء تطبيق الحد الأدنى للأجور في مؤسسات القطاع الخاص لأول مرة، اعتباراً من 1 يناير/كانون الثاني المقبل، وذلك بواقع 2400 جنيه شهرياً، أي ما يعادل 152 دولاراً تقريباً.
ووافق المجلس، في اجتماع له، على تحديد قيمة العلاوة الدورية السنوية بـ3% فقط من الأجر التأميني، بقيمة 70 جنيهاً كحد أدنى، وتطبيقها على جميع منشآت القطاع الخاص بشكل متوازن، وفقاً للعام المالي المحاسبي لكل منشأة.
وأضاف أن تطبيق الحد الأدنى للأجور سيكون إلزامياً لمنشآت القطاع الخاص، بعد منح المنشآت المتعثرة منها مساحة من المرونة للتقدم بطلبات إلى المجلس باستثنائها من تطبيق هذا الحد، تحت ذريعة الضغوط الاقتصادية التي فرضتها أزمة جائحة كورونا على أنشطتها.
وأشار المجلس إلى تلقيه 3090 طلباً فردياً، و2855 طلباً من 22 قطاعاً في القطاع الخاص، بشأن استثنائها من تطبيق الحد الأدنى للأجور، خلال فترة تلقي الطلبات بداية من يوليو/تموز، وحتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضيين.
وانتهى "المجلس القومي للأجور" إلى تأجيل تطبيق الحد الأدنى على المنشآت التي تقدمت بتلك الطلبات، استناداً إلى الظروف الاقتصادية الناجمة عن أزمة كورونا، حتى تاريخ 15 فبراير/شباط المقبل، إلى حين الدراسة والفحص والتحقق من طلبات الاستثناء.
ونصت المادة الثانية من قرار المجلس رقم 57 لسنة 2021، على أنه "في حال تعرض المنشأة لظروف اقتصادية يتعذر معها الوفاء بالحد الأدنى للأجر، يجوز لها أن تتقدم بطلب الاستثناء من هذا الالتزام عن طريق الاتحادات التابعة لها، شرط أن يتضمن الطلب مبررات الإعفاء، وأن يكون مشفوعاً بالمستندات الدالة على ذلك".
من جهتها، اعتبرت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن "إعلان بدء تطبيق الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص يمثل خطوة مهمة وغير مسبوقة في تفعيل مهام المجلس"، مدعية سعي لجان المجلس لتحقيق التوازن بين حقوق العمال في الحصول على أجر مناسب، يضمن لهم الحق في مستوى معيشي مناسب، وفي الوقت نفسه مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها قطاعات عديدة، وعدم استطاعتها تحمل أعباء جديدة.
وفي بيان صادر عن المجلس، قالت الوزيرة إن قرارات "القومي للأجور" ستكون مُلزمة وفقاً لأحكام قانون العمل الجديد، الذي لا يزال يخضع للمناقشة داخل لجان مجلس الشيوخ، ومن المقرر طرحه أمام مجلس النواب في غضون أسابيع قليلة.
وأضافت أن "القومي للأجور" يضم تمثيلاً متوازناً لكافة الأطراف من الوزارات ذات الصلة، وممثلي القطاع الخاص، والغرف التجارية، واتحاد الصناعات، واتحاد عمال مصر، على حد قول وزيرة التخطيط.
وشهد اجتماع المجلس حضور كل من وزير التموين والتجارة الداخلية علي المصيلحي، ووزير القوى العاملة محمد سعفان، ورئيس جهاز التعبئة العامة والإحصاء خيرت بركات، فضلاً عن ممثلين عن وزارتي التضامن الاجتماعي وقطاع الأعمال العام، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، واتحادات الصناعة، والغرف السياحية، والتشييد والبناء، واتحاد العمال، والاتحاد العام لجمعيات ومؤسسات المستثمرين، واتحاد جمعيات المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
ويبلغ حد الفقر عالمياً 3.2 دولارات للفرد في اليوم، ما يعادل 96 دولاراً شهرياً، أي أن العامل في القطاع الخاص الذي لا يعيل سوى زوجته يحتاج إلى 192 دولاراً شهرياً، وبالتالي فهو لا يزال يقبع تحت خط الفقر، حتى مع الحد الأدنى الجديد للأجور الذي أعلن "المجلس القومي للأجور" عن تطبيقه بداية من الشهر المقبل.
ولا تكشف البيانات الحكومية في مصر عن معدلات الفقر الحقيقية، بينما أعلن سابقاً رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أنها وصلت إلى 29.7% في العام المالي 2019-2020، مقارنة بـ32.5% من إجمالي السكان في العام المالي 2017-2018.
لكن خبراء اقتصاد يؤكدون أن النسبة الحقيقية للفقر تتجاوز 55% في مصر، في ظل الغلاء المستمر مع فرض زيادات متواصلة على أسعار السلع والخدمات والضرائب، علماً أن وباء كورونا زاد من تعقيدات الوضع، خصوصاً للعاملين في القطاع غير الرسمي البالغ عددهم نحو 4 ملايين شخص، والذين فقدوا (أو باتوا مهددين) بفقدان أعمالهم.
ويعزو الخبراء الارتفاع الكبير في نسب الفقر إلى السياسات الاقتصادية للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي لم يضع محدودي الدخل ضمن أولوياته، ورضخ إلى تعليمات صندوق النقد بشأن تقليص الدعم، وتحرير أسعار الوقود والكهرباء نهائياً، وخفض أعداد الموظفين الحكوميين، ما أدى إلى إنتاج مزيد من الفقراء. وفي المقابل، اتجه الرئيس المصري نحو مشروعات عملاقة ليس لها أي مردود على المواطن، مثل مشروعات العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة وغيرها.