وافق مجلس النواب المصري، اليوم الثلاثاء، بصفة نهائية، على قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي رقم 218 لسنة 2022 بإصدار التعريفة الجمركية، والذي يقضي بزيادة الضريبة الجمركية للعديد من السلع المستوردة، تحت ذريعة أنها إحدى الدعامات التي تبنى عليها اقتصاديات الدول، وتساهم بشكل مباشر في صنع القرار الاقتصادي، من خلال وضع فئات ضريبية ملائمة للسلع الواردة من الخارج.
وقال وكيل لجنة الخطة والموازنة في البرلمان ياسر عمر، إن "فرض ضرائب أو رسوم جديدة من أهم أدوات السياسة المالية لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في أي مجتمع، من أجل تحقيق متطلبات العدالة الاجتماعية، ومواجهة العجز في الموازنة العامة للدولة، وزيادة مواردها، وتوجيهها إلى مجالات الاستثمار المنتجة المختلفة، بالإضافة إلى حماية صناعتها المحلية".
وأضاف عمر، خلال استعراض تقرير اللجنة بشأن القرار، أن "التعريفة الجمركية تتعامل مع المتغيرات الاقتصادية على المستويين المحلي والعالمي، بغرض تحقيق أهداف المشروعات الإنتاجية بما يتلاءم مع هذه المتغيرات، وتحسين بيئة الاستثمار في مصر".
وتابع: "ما يشهده العالم من أزمات متتالية خلف آثاراً على الاقتصاد المصري، ودفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات وقرارات من شأنها حماية الصناعة المحلية، وتشجيع المستثمرين على التوسع في أنشطتهم الإنتاجية، وحمايتها من الممارسات الضارة التي تؤثر على قدرتها التنافسية".
تفاصيل القرار
وأضاف: "القرار استهدف إقرار فئات ضريبية ملائمة للسلع الواردة من الخارج، ومراعاة تحقيق التوازن المطلوب بين الضريبة المفروضة على السلع تامة الصنع، وبين السلع الوسيطة، والمواد الخام الأولية التي تدخل كلياً أو جزئياً في إنتاجها"، مستطرداً: "القرار يتماشى مع سياسة الدولة لتوطين صناعة السيارات، وتوفير الرعاية الصحية وسبل العلاج للمرضى في مصر".
وزاد عمر: "القرار راعى توصيات وحدة الأوزون للحفاظ على البيئة، وذلك بخفض التعريفة الجمركية لغازات التبريد الصديقة للأوزون، والرفيقة بالمناخ، في إطار مواكبة التوجه العالمي في مجال تحديث التكنولوجيا للحفاظ على البيئة، وتحقيق التنمية المستدامة، وسعياً نحو الحد من الغازات التي تساهم في تفاقم ظاهرة التغيرات المناخية".
ونص القرار على تحصيل ضريبة جمركية على البضائع التي تصدر بصفة مؤقتة لإصلاحها عند استيرادها، بواقع 10 في المائة من جميع تكاليف الإصلاح، مضافاً إليها مصاريف النقل والتأمين. كما تحصل الضريبة على البضائع التي تصدر بصفة مؤقتة لتكملة صنعها عند إعادة استيرادها، بالفئة المقررة على المنتج بالكامل من جميع تكاليف تكملة الصنع، مضافاً إليها مصاريف النقل والتأمين.
وحدد القرار ضريبة جمركية بواقع 20 في المائة من القيمة أو ضريبة الوارد المقررة (أيهما أقل)، تحصل على ما تستورده المنشآت الفندقية والسياحية من الآلات والمعدات والأجهزة، مع استثناء سيارات الركوب الخاصة، وفق الشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من وزير المالية.
وقضى القرار بتحصيل ضريبة جمركية بواقع 2 في المائة من القيمة أو ضريبة الوارد (أيهما أقل)، على ما تستورده المصانع المرخص لها بإنتاج محضرات من ألبان للرضع، سواء نصف دسم أو حمضية أو علاجية، من خامات ومستلزمات لازمة للإنتاج، فضلاً عن تحصيل ضريبة 2 في المائة على ما تستورده "الشركة العربية لأنابيب البترول" لتنفيذ وتشغيل مشروعاتها، من معدات وآلات ومهمات وأدوات وأجهزة فنية وقطع غيار ووسائل نقل (عدا سيارات الركوب).
ضرائب مختلفة
كذلك نص على تحصيل ضريبة جمركية بنسبة 5 في المائة على ما تستورده الشركات التابعة لـ"الهيئة العربية للتصنيع" من مستلزمات ومكونات وقطع غيار لازمة لعمرة المحركات التوربينية لقاطرات السكك الحديدية، و2 في المائة على ما يستورد من معدات تجهيز محطات تموين المركبات بالكهرباء أو بالغاز الطبيعي، ومكونات تحويل المركبات للعمل بالكهرباء أو بالغاز الطبيعي، ومعدات الرصد البيئي، وقطع الغيار الخاصة بها، ومعدات ومكونات الطاقة الجديدة والمتجددة مثل طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، وقطع الغيار الخاصة بها.
ونص القرار على تحصيل 2 في المائة على ما تستورده المصانع المرخص لها بإنتاج الباصات الكهربائية، من بطاريات ومواتير كهربائية ووحدات تحكم وأنظمة مساعدة، ووحدات توجيه وتبريد البطاريات وأجهزة التكييف، وفقاً للشروط والأوضاع التي يصدر بها قرار من وزير المالية.
في حين نص على تخفيض ضريبة الوارد المقررة بجدول التعريفة الجمركية بنسبة 35 في المائة على السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي. ونص القرار أيضاً على إنشاء مجلس أعلى للتعريفة الجمركية برئاسة وزير المالية، وعضوية الوزراء الذين يصدر بتحديدهم قرار من رئيس الحكومة، يختص ببحث واقتراح التعديلات الملائمة للتعريفة، وتطوير النظم الخاصة بها، بما يتلاءم مع المتغيرات الاقتصادية.
ويكون للمجلس أمانة فنية تابعة لوزير المالية، يرأسها أحد شاغلي وظائف الإدارة العليا من الدرجة الممتازة، ويعين بقرار من رئيس مجلس الوزراء، بناءً على ترشيح من وزير المالية.
وكان البرلمان قد وافق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، على قرار السيسي رقم 558 لسنة 2021 بـ"فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المائة على واردات أجهزة الهواتف لشبكة المحمول، أو أية شبكات لا سلكية أخرى، من قيمة التكاليف الإجمالية للاستيراد التي تشمل سعر المنتج، مضافة إليه قيمة الشحن".
وأصدر السيسي قرارين سابقين بتعديل بعض الفئات الجمركية وإضافة أصناف جديدة في عامي 2016 و2018، ليرفع الرسوم الجمركية على مئات من السلع الغذائية، وألبان الأطفال، والأجهزة الكهربائية، والآلات والمعدات، بنسب تصل إلى 40 في المائة، وهو ما انعكس على ارتفاع أسعارها بصورة كبيرة في السوق المحلي.
وعمليات الاستيراد مقيدة الآن في مصر بمجموعة من الإجراءات الحكومية المشددة، بهدف السيطرة على سعر الدولار في السوق، والذي ارتفع بنسبة تزيد على 20 في المائة مقابل الجنيه، منذ قرار رفع سعر الفائدة في 21 مارس/آذار الماضي، وتقليل الفجوة في الميزان التجاري للبلاد، من خلال قصر الاستيراد على السلع الضرورية والأساسية.
ورفعت مصر سعر الدولار الجمركي من 17 جنيهاً إلى 18.64 جنيهاً بارتفاع نسبته 9.6%، اعتباراً من 1 يونيو/حزيران الجاري، ما يزيد من الضغوط والأعباء على المواطنين الذين باتوا يتحملون الزيادة في أسعار جميع السلع المستوردة والمحلية، والتي بدأت موجاتها الشديدة في التصاعد منذ تخفيض قيمة الجنيه مقابل الدولار، على خلفية تداعيات الحرب في أوكرانيا.