مصر: تحذيرات من ارتدادات اقتصادية عنيفة لرفع الفائدة

29 مارس 2023
تضخم الأسعار قفز إلى معدل غير مسبوق (العربي الجديد)
+ الخط -

تعقد لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري اجتماعها الدوري، غداً الخميس، للنظر في تعديل أسعار الفائدة، وسط مخاوف خبراء الاقتصاد والصناعة، من رفع الفائدة، وتأثيرها سلباً في النشاط الإنتاجي والاستثماري، وزيادة كلفة الدين العام، ورفع تكلفة التشغيل والإنتاج والأسعار، بينما تسعى الحكومة لإرضاء مؤسسات التمويل الأجنبية، التي تدفع إلى زيادة معدلات الفائدة على الجنيه المتراجع أمام العملات الصعبة، وإعادة الأموال الساخنة التي يجذبها زيادة العائد.

يأتي الاجتماع وسط ضغوط مستمرة على العملة المحلية، مدفوعاً بزيادة الطلب على الدولار والعملات الصعبة، وعدم قدرة الحكومة على تدبير احتياجات الموردين، مع التزامها إعادة ودائع عربية، بقيمة 5 مليارات دولار خلال 6 أشهر، وسداد مخصصات خدمات الدين الأجنبي.

ألقى قرار البنك الفيدرالي الأميركي برفع الفائدة على الدولار 25 نقطة، ورفع الفائدة على اليورو بمعدل 50 نقطة، مع توجه البنوك المركزية إلى استمرار الزيادة في رفع معدلات الفائدة خلال العام الجاري، إلى دعم توقعات بأن يرفع البنك المركزي المصري معدلات الفائدة بنحو 200 نقطة دفعة واحدة.

يشير خبراء التمويل والاستثمار إلى استباق البنوك المحلية اجتماع لجنة السياسات النقدية، بطرح شهادات بعائد مرتفع بلغت 22%، ببنك ناصر الاجتماعي، مدتها 3 سنوات، في إطار سباق تتحفز البنوك الأخرى لتنفيذه، بهدف امتصاص السيولة النقدية المترتبة عن انتهاء شهادات الادخار التي طرحها بنكا مصر والأهلي بعائد 18%، مارس/ آذار 2022، بلغت حصيلتها 780 مليار جنيه (الدولار = نحو 30.95 جنيهاً)، وحل موعد استحقاقها منذ نهاية الأسبوع الماضي.

يؤكد محللون ماليون أن اعتماد الحكومة على سياسات التشدد النقدي لكبح التضخم الأساسي الذي قفز إلى معدل غير مسبوق بلغ 40.3% خلال فبراير/ شباط الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، سيدفع البنك المركزي حتماً إلى زيادة معدلات الفائدة، مستهدفاً الحد من تصاعد التضخم قبل نهاية العام الجاري، والعمل على تعزيز السيولة من النقد الأجنبي، في ظل استمرار الضغوط على الجنيه.

حذرت أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، يمن الحماقي، من الآثار السلبية العنيفة التي ستحدثها زيادة الفائدة على الجنيه.

وقالت الخبيرة الاقتصادية لـ"العربي الجديد": "لا أتمنى أن يواصل البنك المركزي توجهه نحو زيادة معدلات الفائدة، بعد أن وصلت معدلات الدين الحكومي إلى مستويات مرعبة، أحدثت تأثيراً سلبياً في الأداء الاقتصادي، لرفعها كلفة الإنتاج في وقت تبحث فيه الدولة عن سبل تحريك الإنتاج والاقتصاد الحقيقي".

أشارت الحماقي إلى أن رفع معدلات الفائدة له أثر سيئ على طول الخط، أدت إلى حاجة الدولة لــ600 مليار جنيه، لسداد خدمة الدين السنوي. ودعت البرلمانية السابقة الحكومة إلى البحث عن وسائل بديلة، توقف الاعتماد على رفع الفائدة، والتشدد النقدي كحل وحيد لمواجهة الأزمة الاقتصادية، وعلى رأسها إصدار صكوك إسلامية.

وأوضحت أن إصدار الصكوك الإسلامية بطريقة صحيحة، سيوفّر التمويل للمشروعات الإنتاجية والصناعية، عبر الاكتتاب العام أو الشراكة بين القطاعين، العام والخاص، دون تحميل ميزانية الدولة أية أعباء مالية.

اشترطت الحماقي أن تصدر الصكوك عبر نظام مؤسسي خاص بها، وتوافر مهارات بشرية، تستهدف مشروعات مدروسة، تخضع للاكتتاب وتعمل وفقاً للعائد والخسارة، بالإضافة إلى تطبيق أدوات استثمار تضمن زيادة الإنتاج، بدلاً من الدفع بالأموال عبر سياسات نقدية متشددة، تستهدف زيادة الأرباح الاسمية، دون إحداث تحولات هيكلية وإصلاح اقتصادي شامل، يضمن زيادة الإنتاج، ورفع معدلات التنمية.

كذلك استشهدت الخبيرة الاقتصادية بقدرة المواطنين على توجيه أموالهم لمشروعات قومية ضخمة، كما حدث في توسعة قناة السويس، رغم أنها لم تجرِ على الطريقة الصحيحة للصكوك، إلا أنها وفرت المال الرخيص للدولة، خلال فترة وجيزة، وساعدت على امتصاص السيولة النقدية في مشروع له عائد مربح.

يعتبر محللون ماليون أن الزيادة في معدلات الفائدة أمر لا مفر منه، مع تعرض الجنيه لضغوط قد ترفع الفائدة بمقدار 200 – 300 نقطة أساس، لمواجهة التضخم غير المسبوق، مع توقع زيادة جديدة في الأسعار، مع رفع أسعار الكهرباء، اعتباراً من يوليو/ تكوز المقبل، وتراجع الجنيه في السوق الموازية إلى نحو 35 جنيه مقابل الدولار، و40.75 في العقود الآجلة، لمدة 12 شهراً.

ويخشى أعضاء جمعيات رجال الأعمال والمستثمرين من دفع زيادة الفائدة المشروعات الإنتاجية إلى التوقف وخروج آلاف المشروعات من الخدمة، لعدم قدرتها على تدبير التمويل، بعد أن زادت معدلات الفائدة إلى نحو 25% في المتوسط، على الأنشطة الصناعية والزراعية، وتصل إلى 27%، بالقطاع العقاري، في وقت ترتفع أسعار مدخلات الإنتاج، بمعدلات غير متوقعة، مع تدهور قيمة الجنيه وشحّ الواردات.

المساهمون