مصر بين بعثة صندوق النقد وتوقعات "كريدي سويس"

01 يونيو 2023
توقعات جديدة بزيادة سعر الدولار في مصر (Getty)
+ الخط -

نحن أمام مشهد معقد في مصر، فهناك فجوة تمويلية وشح شديد في النقد الأجنبي حتى في السوق السوداء، وتشهد سوق الصرف أزمة دولار متفاقمة وتطل برأسها منذ شهور.

والخزانة العامة مطالبة بسداد ملياري دولار هذا الشهر تمثل قيمة أعباء الدين الخارجي الذي يتجاوز 160 مليار دولار، وهناك تأخر في وصول الاستثمارات الأجنبية وأموال الصناديق الخليجية، وتأخر كذلك في عودة الأموال الساخنة التي استخدمها البنك المركزي ولسنوات في الدفاع عن الجنيه المصري و"النفخ" في قيمته بشكل مبالغ فيه.

الخزانة العامة مطالبة بسداد ملياري دولار هذا الشهر تمثل قيمة أعباء الدين الخارجي الذي يتجاوز 160 مليار دولار

ولدى الأسواق مخاوف وقلق من حدوث خفض جديد في تصنيف مصر الائتماني، وقلق من الانزلاق نحو دوامة القروض، والإفراط في بيع أصول الدولة بما فيها البنوك وشركات التأمين وإنتاج الكهرباء بحيث يؤثر ذلك سلبا على الإيرادات العامة.

في ظل هذا المشهد يخرج علينا وزير التموين علي المصيلحي بتصريح صادم يعترف فيه بالتأخر في سداد مستحقات القمح للموردين الخارجيين، ويقول إن الدولة تؤخر سداد مدفوعات مشترياتها الكبيرة من القمح لشهور في بعض الحالات حتى لا تضغط على البنك المركزي المطالب أصلا بتدبير النقد الأجنبي اللازم لسداد أعباء الديون وتمويل واردات الحبوب والوقود وكبح المضاربات على العملة المحلية.

صاحب هذا التصريح خروج "كريدي سويس"، وهو أكبر بنك سويسري، بتقرير صادم منذ أيام يتوقع فيه زيادة سعر الدولار إلى 45 جنيها خلال مدة زمنية قصيرة هي 3 شهور، أي بتراجع 30% عن السعر الحالي المتداول في السوق.

علما بأن هذا البنك الذي يدير أموال الأثرياء حول العالم توقّع في بداية شهر مارس/آذار الماضي اتجاه الجنيه المصري إلى مزيد من الهبوط، ليصل إلى 35 جنيها مقابل الدولار، خلال الربع الثاني من العام الحالي " إبريل – يونيو 2023"، وهو ما حدث بالفعل داخل السوق الموازية.

هناك ضغوط شديدة لى صانع القرار في مصر منها ما يتعلق بقرب وصول بعثة صندوق النقد للقاهرة لإجراء مراجعة دورية للبرنامج المصري

أمام هذا المشهد هناك ضغوط شديدة أخرى على صانع القرار في مصر منها ما يتعلق بقرب وصول بعثة صندوق النقد الدولي للقاهرة لإجراء مراجعة دورية للبرنامج المصري تمهيدا للإفراج عن شريحة جديدة من قرض بقيمة اجمالية 3 مليارات دولار.

علما بأن الصندوق أجل إرسال بعثته من شهر مارس الماضي حتى الشهر المقبل للتأكد من التزام الحكومة المصرية بالتعهدات التي قطعتها على نفسها ومنها مرونة أكبر لسعر الصرف، وخضوع قيمة الجنيه للعرض والطلب وليس التدخل الإداري من قبل البنك المركزي، والإسراع في برنامج بيع أصول الدولة، وتخفيف وجود الدولة والأجهزة السيادية التابعة لها في الأنشطة الاقتصادية.

المشهد معقد كما قلت، والحكومة تحاول من ناحيتها إيجاد حلول لمواجهة تلك التحديات الصعبة قبل نفاد الوقت، ولذا تحاول الإسراع في بيع أصول الدولة، وطرح 32 شركة للبيع إما من خلال البورصة أو على مستثمر استراتيجي، بهدف حصد ملياري دولار هذا الشهر قيمة أعباء الدين الخارجي، و5 مليارات أخرى خلال العام المالي المقبل.

لكن هل لا يزال في الوقت متسع لتلك المحاولات البطيئة والتي لا تأخذ في الاعتبار التطورات المتلاحقة والواقع على الأرض خاصة المتعلقة بأزمة الدولار وأعباء الدين الخارجي وتراجع مصادر النقد الأجنبي من موارد رئيسية مثل تحويلات المغتربين؟

المساهمون