مصر: ارتفاع الدولار إلى 27.65 جنيهاً في البنوك رغم شهادات الادخار

09 يناير 2023
مخاوف المواطنين من الزيادة المستمرة في أسعار السلع ومزيد من التدهور للجنيه (Getty)
+ الخط -

عاود الجنيه المصري تراجعه في الأسواق، اليوم الإثنين، حيث زاد سعر الدولار في البنوك العامة والخاصة نحو 30 قرشاً عن السعر المسجل نهاية التعاملات الخميس الماضي، وبلغ الدولار نحو 27.45 جنيها، في البنوك الحكومية، ووصل في بعض البنوك إلى 27.65 جنيهاً للدولار حتى الساعة الواحدة ونصف ظهر اليوم بالتوقيت المحلي "11.30 بتوقيت غرينتش" حيث استقر. 

ولم تفلح شهادات الادخار التي طرحها بنكا الأهلي ومصر بتعليمات من البنك المركزي، بفائدة غير مسبوقة بلغت 25٪ في وقف تهافت المصريين على شراء الدولار. 

وأكدت مصادر بنكية تجاوز حصيلة بيع الشهادات 110 مليارات جنيه، حتى ظهر اليوم، بزيادة 15% عن معدلات البيع التي تمت على مدار 5 أيام. 

وشهدت بورصة الذهب ارتفاعاً جديداً في الأسعار، حيث بلغ سعر الذهب عيار 24 نحو 2045 للشراء و2080 للبيع وعيار 21 الأكثر تداولا 1790 للشراء و1820 للبيع، وعيار 18 بلغ 1534 للشراء و1560 للبيع وتداول عيار 14 عند 1193 للشراء و1213 للبيع. 

كما دعم ارتفاع الدولار والذهب توجه المستثمرين العرب والأجانب إلى بيع الأسهم في بورصة الأوراق المالية، بينما أقبل المصريون على الشراء، خلال تعاملات اليوم.

وفسر إيهاب مهدي الخبير المالي لـ "العربي الجديد" التذبذبات اللحظية في البورصة بإقدام المتعاملين على الشراء في بداية التداول، مع عدم معرفة تطورات سعر الدولار، وحينما ظهرت المؤشرات الأولى لأسعار التداول للدولار في البنوك والسوق الموازية والذهب، اتجهت عمليات البيع والشراء اتجاها تصحيحيا نحو إعادة تسعير أسهم الشركات وفقا لسعر الدولار السائد بالأسواق.

وأشار مهدي إلى أن توجه المدخرات إلى شراء شهادات الاستثمار سيزيد من تراجع أداء المؤشرات في البورصة، مع الارتفاع القياسي في سعر الفائدة، إلى 25٪ لم يتحقق من قبل في البنوك الرسمية. 

وعكست الأسعار السائدة في الأسواق خلال الساعات الماضية، الضغوط المتعارضة ومتغيرة القوة التي يعتبرها الاقتصاديون الكلاسيكيون مؤشرا مهما لتحقيق التوازن في السوق وضبط الأسعار.

بينما الواقع في الأسواق الذي رصده "العربي الجديد" يزداد إيلاما على كاهل المستهلكين، حيث تتجه أسعار السلع إلى الارتفاع يوميا، بدافع ضاغط من تدهور الجنيه، الذي تراجع ليفقد 70٪ من قيمته منذ مارس/آذار الماضي 2022، وخسر منذ الأسبوع الماضي نحو 2.95 جنيه ليصل سعر الدولار إلى 27.65 جنيها من 24.7 جنيها قبل التعويم الأخير. 

يأتي ذلك وسط مخاوف المواطنين من الزيادة المستمرة في أسعار السلع، ومزيد من التدهور للجنيه، تفقد عملتهم القوة الشرائية، حيث لا تملك الحكومة، إلا توجيه رسائل طمأنة بأن الوضع مستقر ولا داعي للهلع، بينما تأتي الأنواء بما لا تشتهي السفن، حيث تخرج أنباء معاكسة لتصريحات الحكومة عن الاستقرار المالي، وتوقعها توقف التراجع في الجنيه.

تلك الأنباء يؤكدها طلب الحكومة من بنكي الأهلي ومصر، اقتراض 705 ملايين دولار من البنوك العالمية، بفائدة متصاعدة في الأسواق الدولية، لتدبير شراء مستلزمات سلع حيوية للدولة، وتأخر البنوك في توفير الدولار عند طلبه من الموردين والمستثمرين، رغم تطبيقها سياسات سعر الصرف المرن وفقا للعرض والطلب، واتفاق مسبق مع صندوق النقد الدولي، الذي سيصدر تقييماً أولياً غداً بشأن مدى التزام الحكومة بضوابطه، خلال الأسبوع الماضي. 

ووافق البنك الدولي على تمويل هيئة السلع التموينية بقرض قيمته 500 مليون دولار، لشراء القمح في مناقصة دولية تجري غدا. 

وشكا رجال الأعمال في اجتماع لبحث الأزمة الاقتصادية وتداعيات رفع سعر الفائدة على المشروعات الصناعية، من تباطؤ الإفراج عن طلبات التوريد المكدسة بالبنوك. 

وأشار خبراء إلى ما رصدته صحف عالمية متخصصة، الأسبوع الماضي، عن شح الدولار في البنوك المحلية، ولجوء كثير من التجار إلى تمويل الواردات عبر صفقات تحويلات للعملة خارج البلاد، بعد أن تعددت شكاوى مواطنين أجبرهم موظفو البنوك على صرف تحويلات الدولار بالجنيه، بالمخالفة للقانون، بما ساهم في زيادة التحويلات عبر وسائل غير رسمية. 

واستقر سعر الدولار في السوق الموازية عند 31.5 للشراء و32 جنيها للبيع، متأثراً بتوجه المصريين إلى الاستثمار في شهادات ادخار بنكي الأهلي ومصر بفائدة 25%. 

ويشير مستثمرون إلى أن سياسة التشدد النقدي التي تتبعها الحكومة دون إعادة هيكلة اقتصادية شاملة تدعم المنتجين، ستواصل الضغط على العملة المحلية، مع تراجع الإنتاج للاستهلاك المحلي والموجه للتصدير، مع زيادة العجز السنوي بين الصادرات والواردات. 

ولم تجد الحكومة حلاً أسرع من تشديد القبضة الأمنية بالتوازي مع التشدد النقدي، أملا في السيطرة على الأسواق من خلال قبضة أمنية حديدية. 

وأعلنت وزارة الداخلية أول من أمس، القبض على 36 من تجار العملة – غير معلومي الهوية- يتاجرون في العملات الأجنبية، وبحوزتهم ما قيمته نحو 72 مليون جنيه. 

ووعدت وزارتا الداخلية والتموين بانفراجة قريبة بالأسواق، مع استمرار تنفيذ حملات مكثفة على التجار "الجشعين" لتحقيق التوازن في العرض والأسعار ومنع المتلاعبين و"تخفيف الأعباء عن المواطنين". 

ويأمل مستثمرون أن تتمكن الحكومة من تهدئة الأسواق عبر توفير العملة الصعبة بالبنوك، وشركات الصرافة، باعتبارها الوسيلة الوحيدة، لبث الطمأنينة بقدرتها على تلبية احتياجات الناس من الدولار، وتطبيق سياسة مرونة الصرف وفقا للعرض والطلب. 

المساهمون