كشفت مصادر مطلعة أن قرار الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلغاء الدعم تدريجياً عن رغيف الخبز يستهدف تدبير 7.7 مليارات جنيه (نحو 490 مليون دولار)، بصورة مبدئية، لتوفير وجبات غذائية للتلاميذ في المدارس الرسمية، مع انطلاق العام الدراسي الجديد في 9 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وقالت المصادر في حديث خاص مع "العربي الجديد" إن السيسي اجتمع مؤخراً مع اللواء وليد أبو المجد، المدير العام لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، التابع للقوات المسلحة (الجيش)، من أجل تولي الجهاز مسؤولية تدبير الوجبات المدرسية بالتنسيق مع وزارتي التربية والتعليم والزراعة.
وأضافت المصادر، التي رفض ذكر اسمها، أن السيسي حدّد سعر الوجبة بسبعة جنيهات عن الطفل الواحد، بحيث تتضمن بسكويت سادة، وآخر محشواً عجوة، وفطيرة مدرسية، مع العلم أن تكلفة هذه الوجبة تقل كثيراً عن المبلغ المحدد؛ ما يدر أرباحاً طائلة على جهاز الخدمة الوطنية مع كل عام دراسي.
وتابعت: "من المقرر أن يغطي برنامج التغذية المدرسية جميع تلاميذ مرحلة رياض الأطفال، والمرحلة الابتدائية للشريحة العمرية حتى 12 عاماً في المدارس الحكومية الرسمية، وذلك بإجمالي 12 مليوناً و212 ألفاً و596 طالباً وطالبة في 31 ألفاً و403 مدارس".
تصريحات الرئيس المصري جاءت خلال مؤتمر افتتاح المدينة الصناعية الغذائية "سايلو فودز"، المملوكة للقوات المسلحة، أول من أمس، والتي أكد مصدر بوزارة التعليم أنها هي التي ستتولى عملية إمداد الوزارة بالوجبات الغذائية للطلاب.
وقال المصدر، مفضلاً عدم نشر اسمه، إن "حصول وزارة التعليم على الوجبات الغذائية التي تقدمها للطلبة، من القوات المسلحة، أمر جيد، لأنها بذلك ستضمن جودة المنتجات، التي أحياناً ما يشوب توريدها عمليات فساد". وأضاف أن "تولي القوات المسلحة المسألة، سيمنع الفساد تماماً".
وفي 15 يوليو/ تموز الماضي، وجه السيسي بتوفير وجبات تتمتع بقيمة غذائية مرتفعة لتلاميذ المدارس، في لقاء جمعه برئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير التربية والتعليم طارق شوقي، ووزير المالية محمد معيط، ووزيرة الصحة هالة زايد، بالإضافة إلى المدير العام لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.
وقال السيسي، خلال افتتاح مشروع غذائي بمدينة السادات الصناعية، أول من أمس، إنه "يتحمل المسؤولية عن زيادة سعر رغيف الخبز، ولن يترك الأمر للحكومة وحدها"، مضيفاً أن "الوفر الذي سيتحقق جراء الزيادة سنوجهه لصالح التغذية المدرسية، حيث نحتاج إلى تدبير 8 مليارات جنيه لتوفير وجبات للتلاميذ في المدارس".
وأشار السيسي إلى أنه سيشرف على خطة لزيادة سعر رغيف الخبز المدعم، الذي يبلغ سعره حالياً خمسة قروش (الجنيه = 100 قرش)، ويعتبر مكوناً رئيسياً في الوجبات الغذائية لعموم المصريين؛ علماً أن وزن الرغيف خُفض مرتين من 130 غراماً إلى 110، ثم إلى 90 غراماً قبل أقل من عام، ما يعني ارتفاع سعره أكثر من 30%، في عملية سرقة موصوفة لدعم الخبز وفق مراقبين.
يذكر أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية قد تورط في واقعة تسمم نحو 2243 تلميذاً في محافظة سوهاج بصعيد مصر، إثر تناولهم وجبات مدرسية منتهية الصلاحية ورّدها الجهاز في عام 2017، ما أثار تساؤلات مشروعة عن تغول الجيش في قطاعات عديدة، واختيار شركة النصر للخدمات (كوين سرفيس) التابعة للجهاز، لتولي توريد التغذية لتلاميذ المدارس الحكومية والمعاهد الأزهرية بـ"الأمر المباشر".
وكانت "العربي الجديد" قد كشفت في مايو/ أيار 2020 أن وزارة التربية والتعليم قد تعاقدت مع القوات المسلحة لتولي تطهير وتعقيم لجان امتحانات الثانوية العامة، بمبلغ يقدر بنحو 950 مليون جنيه سنوياً، في إطار الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار وباء كورونا.
كذلك قالت مصادر متطابقة في وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي، إن عدداً كبيراً من فنادق ودور القوات المسلحة في العاصمة القاهرة باتت تؤجر قاعاتها للمدرسين المتميزين في مراحل التعليم الأساسي مقابل مبالغ مالية كبيرة، بما فيها نظام الدبلومة الأميركية، وشهادة الثقافة البريطانية؛ استغلالاً لاستثنائها من قرار مجلس الوزراء غلق التجمعات في الأماكن المغلقة في مواجهة جائحة كورونا.
وأفادت المصادر بأن تأجير القاعات في المباني المملوكة للجيش لم يقتصر على طلاب الشهادات الأساسية، مثل الإعدادية والثانوية العامة، بل شمل أيضاً طلبة الجامعات في مختلف الكليات والتخصصات، بالاتفاق مع المعيدين والأساتذة المعروفين في مجال الدروس الخصوصية؛ بما يعد مخالفاً لقرارات الحكومة منع التجمعات والمراكز التعليمية.
أما شركة "سايلو مصر للصناعات الغذائية، "SILO FOODS"، التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة، فهي مدينة صناعية متكاملة لا تحتاج لأي عنصر خارجي، سوى القمح اللازم لإنتاج الدقيق الذي يدخل كمادة خام أساسية في مختلف المنتجات التي تعمل عليها مصانع الشركة.