مصارف لبنان تضرب عن العمل.. و"المركزي" يشدد قيود الشيكات والمضاربات

06 فبراير 2023
من مظاهر الاحتجاج على القيود المصرفية وانهيار الليرة (الأناضول)
+ الخط -

أعلنت "جمعية مصارف لبنان" أنها قررت بالإجماع الدخول في إضراب عام، في خطوة اعتبرتها "صرخة حول وجوب تأمين المعالجة السريعة للأزمة النظامية والوجودية لها ولمودعيها وللاقتصاد الوطني"، فيما تشدد "المركزي" في قيود الشيكات والمضاربة على الليرة.

وقالت الجمعية في بيان مساء اليوم أن جمعيتها العمومية عقدت عند الساعة الخامسة من بعد ظهر اليوم الإثنين بالتوقيت المحلي، اجتماعاً للتداول في نتائج بعض القرارات والاستدعاءات القضائية الأخيرة وتأثيرها على انتظام العمل المصرفي وحقوق المودعين.

واعتبرت في بيانها أن عدم الاعتراف بالشيك وخاصة بالشيك المصرفي وسيلة دفع قانونية والسماح بالتنفيذ على الساحب حتى قبل إثبات عدم تحصيل الشيك وعدم توفر المؤونة بصرف النظر عن كونه يخالف القانون، من شأنه إن يجعل التعامل مقتصراً على الدفع النقدي، مما يجبر المصارف على المعاملة بالمثل وعدم قبول تسديد الديون العائدة لها من قبل المدينين سوى نقداً وبنفس العملة، هذا في وقت تلزم المصارف بقبول الشيكات بالليرة اللبنانية تسديدا للديون حتى المحررة بالعملة الاجنبية، فتطبّق القاعدة نفسها بطريقة مختلفة حسب العارض والمستفيد.

كما رأت أن إلزام المصارف بالتعامل النقدي، فضلاً عن انه يجعلها في استحالة مكافحة تبييض الأموال مما يخرجها من النظام المصرفي العالمي، يفرض توفر مبالغ نقدية هائلة لا توجد حتى لدى أكبر المصارف في العالم، في وقت إن إمدادها بالمبالغ النقدية من قبل مدينيها وعلى رأسهم الدولة اللبنانية ومصرف لبنان، غير متوفر أو مقيّد حتى بالليرة اللبنانية.

ورأت أن أي حلّ فردي ولو خيّل للبعض انه يشكل انتصاراً لصاحبه، هو على حساب سائر المودعين وخسارة لهم. فللمرة الألف، إن الأزمة ليست أزمة مصرف واحد ولا حتى جميع المصارف، بل هي أزمة النظام المالي والمصرفي بكامله، بدءاً من الدولة إلى مصرف لبنان ثم إلى المصارف.

كما تعتقد الجمعية أنه لا يمكن حلّ هذه الأزمة النظامية سوى عبر تسريع الحلول التي طال اعتمادها، وفي طليعتها قانون الكابيتال كونترول وقانون إعادة هيكلة المصارف. وبالمناسبة، إن قانون الكابيتال كونترول لا يبرئ ذمة المصارف، بل يضع الضوابط على السحوبات والتحاويل إلى الخارج بانتظار توزيع الخسائر على الجميع، بمن فيهم المصارف ضمن قانون إعادة هيكلتها، بحيث إن ربط إقرار قانون الكابيتال كونترول بقانون إعادة الهيكلة يخالف ابسط قواعد العقل والمنطق. 

كذلك، لا يمكن، برأي جمعية المصارف، حلّ هذه الأزمة النظامية عن طريق الاستدعاءات التعسفية بحق المصارف بشبهة تبييض الأموال، بناء لطلب غير بريء ممن ليسوا حتى مودعين في هذه المصارف، بهدف الضغط عليها وإلزامها بمخالفة قانون سرية المصارف وبتعريضها للملاحقة الجزائية، كل ذلك بهدف منح جهات معروفة، معلومات مصرفية بصورة رجعية عن شرائح كاملة من المجتمع لا تقتصر على إدارة المصارف، حيث أعلِمَت الأخيرة شفهياً أنها ستمتدّ إلى شرائح الموظفين أي إلى كل من تعاطى ويتعاطى بالقطاع العام وذلك كله دون أي تبرير أو تحديد واصطياداً لما يرشح عن هذه المعلومات من مواد يمكن استغلالها.

ورأت أن هذه الاستدعاءات لم تأبه إلى تغليف طلبها بشبهة تبييض الأموال، رغم كل التحذيرات من انعكاسات هذه الشبهة غير المبررة على المصارف المراسلة الأجنبية التي قد تقفل حسابات المصارف اللبنانية وتوجه إلى الاقتصاد الوطني الضربة القاضية. 

وعليه، طالبت المصارف الدولة اللبنانية بإقرار قانون معجل مكرر يلغي بشكل كامل وبمفعول رجعي السرية المصرفية، ويسمح للمصارف بمنح المعلومات المصرفية على جميع حسابات زبائنها وفي طليعتهم القيمين على إدارتها ومساهميها وسواهم، وذلك منذ تاريخ فتحها، إلى من يشاء من السلطات القضائية وغيرها، فتنتهي مهزلة الاتهامات والشكوك التي تساق بحقها وبحق مساهميها.

وانتهت إلى القول إن المصارف العاملة في لبنان، التي تحملت وزر أزمة لم تتسبب بها وتحاملت على خسارتها لجنى عمرها بهدف الاستمرار في تقديم الحد الأدنى من الخدمات المصرفية لزبائنها وإعادة النهوض من جديد، لا يمكنها ممارسة نشاطها خارج الحد الأدنى من أصول التعامل المصرفي وفي ظلّ خطوات ممنهجة وغير بريئة لتدمير القطاع.

وختمت أنه "مع تأمين الخدمات الأساسية لزبائنها عبر ماكينات الصرف الآلي، تعلن المصارف الإضراب العام مطلقة الصرخة حول وجوب تأمين المعالجة السريعة لهذه الأزمة النظامية والوجودية لها ولمودعيها وللاقتصاد الوطني".

تحالف "متحدون" يرد على قرار جمعية مصارف لبنان

وردّ تحالف "متحدون" كلّ ما ورد في بيان جمعية المصارف، لـ"مجافاته الواقع والقانون لا سيما التبريرات المتعلقة بالشيك المصرفي كوسيلة إيفاء ومآل التعاملات النقدية في ظل مكافحة تبييض الأموال وسواها، ما لا يأتلف إطلاقاً مع قواعد العمل المصرفي المعمول بها عالمياً والقائمة على الثقة بين المصرف والمودع والتي نسفتها المصارف اللبنانية من أساسها، لا بل تخطّتها إلى أبعد حدود المتاجرة غير الشرعية بأمانات الناس وما ارتكبت معها من جرائم فاضحة على صعيد الابتزاز وأعمال السرقة".

وتوقف التحالف عند وجود حلقة مترابطة بدءاً بتعاميم مصرف لبنان مروراً بالإتجار بالشيكات المصرفية وأموال منصة "صيرفة" المعدّة أساساً لصالح المودعين وانتهاء بخلق سوق سوداء تديرها مافيا المصارف وتجترح فيها كل أشكال الجرائم المالية الخطيرة من تبييض للأموال وإثراء غير مشروع وسواها، كل ذلك بشكل غير أخلاقي وغير دستوري وغير قانوني.

وقال التحالف، إن "المعادلة باتت واضحة، إما العبور إلى دولة القانون والمؤسسات عبر قضاء عادل حر مقتدر سيلقى احتضان كل اللبنانيين مهما كانت الشدائد، وإما البقاء في حظيرة نتنة تحت ذل وطغيان مافيا مجرمة تسرق الناس وتهينهم وتقتلهم وترقص فوق جثثهم غير مكترثة بعذاباتهم".

بيان من مصرف لبنان المركزي حول الشيكات والمضاربة على الليرة

وما لبث حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة أن أصدر قراراً معدلاً قال فيه: على المصارف عند إصدار شيكات مصرفية وشيكات مصدقة بالليرة اللبنانية التأكد على مسؤوليتها أن الغاية من طلب إصدار هذه الشيكات (تسديد ضرائب ورسوم وتأمينات قضائية...)، ولا تؤدي إلى عمليات المضاربة على العملة الوطنية.

الصورة
قرار مصرف لبنان حول الشيكات والمضاربة على الليرة 2023-02-06 at 7.41.44 PM
المساهمون