مصادر الطاقة.. احتلال إسرائيلي آخر في قطاع غزة

16 فبراير 2024
الاحتلال الإسرائيلي يمتد إلى المياه الإقليمية الفلسطينية (Getty)
+ الخط -

تراخيص دولية للتنقيب والاستكشاف والاستخراج تمنحها إسرائيل لشركات أجنبية قبالة سواحل البحر المتوسط في مناطق تخضع للسيطرة الفلسطينية، ما يعد احتلالا آخر لقطاع غزة إلى جانب الاحتلال البري.

إسرائيل التي قتلت عشرات الآلاف من المدنيين والأطفال في احتلالها غير القانوني لغزة وحربها هناك تحتل أيضا موارد المنطقة، من خلال تراخيص التنقيب عن الغاز الطبيعي التي تمنحها للشركات الدولية.

وفي التاسع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلنت إسرائيل عن نتائج المناقصة التي طرحتها في ديسمبر/كانون الأول 2022 بشأن التنقيب عن الغاز في المياه الفلسطينية.

وفي التوقيت ذاته، كثفت إسرائيل هجماتها على القطاع الذي تشن ضده حربا مدمرة، وفُسِّر ذلك على أنه محاولة لصرف الانتباه عن أمر واقع غير قانوني.

وفي نطاق المناقصة، منحت الحكومة الإسرائيلية تراخيص لست شركات محلية ودولية للتنقيب عن الغاز الطبيعي، في مناطق بحرية فلسطينية وفقا للقانون الدولي.

المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل "عدالة"، وجه رسالة إلى وزارة الطاقة الإسرائيلية في 5 فبراير/شباط الجاري، يطالب فيها بإلغاء تراخيص التنقيب عن الغاز الطبيعي الممنوحة بالمنطقة الواقعة ضمن الحدود البحرية لفلسطين.

وعقب رسالة "عدالة"، تلقت الشركات المرخصة تحذيرات من مراكز الميزان، والحق، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بعدم ممارسة أي نشاط بهذه المناطق.

وجاء في بيان "عدالة" أن "إسرائيل نظام محتل لقطاع غزة، وعليه فهي تسيطر بشكل تام على المناطق البحرية الفلسطينية، ويشكل إصدار المناقصة ومنح تراخيص التنقيب اللاحقة في هذه المنطقة انتهاكا للقانون الدولي الإنساني والأعراف الدولية".

وأضاف: "بموجب القانون الدولي المتعارف عليه، يُحظر على إسرائيل استغلال الموارد المحدودة غير المتجددة في المناطق المحتلة لتحقيق مكاسب تجارية ولصالح دولة الاحتلال، بموجب قواعد الانتفاع، على النحو المشار إليه في المادة 55 من أنظمة لاهاي، وعليه، يُحظَر على إسرائيل استنزاف الموارد الطبيعية".

وجاء في بيان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن المناقصة غطت مساحة كبيرة جداً، إلا أن المناطق G وE وH الموضحة على الخريطة كانت مثيرة للجدل.

وفازت شركات "سوكار" و"نيوميد إنرجي" و"بي بي" بمناقصة التنقيب عن الحقل الأول الذي يقع في المنطقة I غير المتنازع عليها.

وقال البيان إن "62% من المنطقة G تقع ضمن الحدود البحرية التي أعلنتها دولة فلسطين عام 2019، وفقا لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، والتي وقعت فلسطين عليها".

وإضافة إلى التراخيص التي جرى منحها بالفعل في المنطقة G، "أصدرت إسرائيل أيضا مناقصات للمنطقتين H وE حيث يقع 73% من المنطقة H ضمن الحدود البحرية المعلنة لفلسطين، إلى جانب 5% من المنطقة E".

مديرة وحدة القانون وحقوق الأراضي والتخطيط في "عدالة" المحامية سهاد بشارة قالت لـ"الأناضول" إن المناقصة الإسرائيلية في البحر المتاخم لغزة غير قانونية وفقا للقانون الدولي، وإن إسرائيل اتخذت خطوات غير قانونية.

وأضافت: "بالأساس، قررت إسرائيل تعليق جميع الأطر القانونية الدولية التي يجب عليها الالتزام بها وتنفيذ قانونها الوطني بدلا من ذلك، وهذه الإجراءات بما في ذلك التراخيص التي أصدرتها كلها غير شرعية".

وذكرت أن "مركز عدالة تقدم بطلب إلى وزارة الطاقة الإسرائيلية المسؤولة عن هذه التراخيص، وطلبنا منهم إلغاء تراخيصهم، والامتناع عن إصدار تراخيص جديدة في المناطق التي أعلنتها فلسطين منطقتها الاقتصادية الخالصة".

رئيس مركز الاستراتيجيات البحرية والعالمية التركي، عضو هيئة التدريس بجامعة توب قابي جهاد يايجي، قال إن "إسرائيل وقعت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص الرومية عام 2010، والمنطقة التي يجب أن تقع ضمن سيطرة فلسطين وفقا للقانون الدولي لم تُذكر في الاتفاقية".

وذكر في حديث للأناضول أن فلسطين يجب أن تتمتع بمساحة أكبر بكثير مما أعلنته للأمم المتحدة عام 2019، وقال: "وهذا مهم من حيث إظهار كيف يؤدي عدم المعرفة إلى فقدان الحقوق".

وأردف: "نرى بالنظر إلى المثلث الصغير، أن إسرائيل لم تكتف فعليا باحتلال 85% من فلسطين عام 1947 وحسب، بل احتلت أيضا 80% من البحر".

وأوضح يايجي أن إسرائيل لا تسمح بأي وسيلة نقل من ساحل غزة، مبينا أن "الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أنه تم فهم أن أحد أهم أهداف الحصار الإسرائيلي وعدم السماح بالتنقيب عن النفط والغاز وصيد الأسماك هناك، هو احتلال غزة واستخدام الثروات".

وشدد: "لا يوجد صراع هنا، هناك انتهاك لحقوق فلسطين، لكن على سبيل المثال، لا تسمح تركيا بالتنقيب في مناطقها المعلنة في شرق البحر المتوسط، وتنفذ عمليات عسكرية وتتخذ التدابير وتمنع ذلك، ولا يمكنهم إصدار تراخيص في تلك المناطق، وفي فلسطين لا يفعلون هذه الأشياء بسبب وضعها الضعيف".

وبعد إعلان فلسطين حدودها البحرية في نطاق اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار في 24 سبتمبر/أيلول 2019، جاء في إخطار مصر للأمم المتحدة في 31 ديسمبر/كانون الأول 2019، أن "الحكومة المصرية ترفض ولا تعترف بالنقاط التي تحدد الحدود الخارجية للمناطق البحرية المحددة في الإعلان الصادر عن فلسطين، وتتعارض هذه الحدود مع حدود مصر البحرية الشرقية في البحر المتوسط".

وفي 14 يناير/كانون الثاني 2020، اعترضت إسرائيل أيضا أمام الأمم المتحدة، قائلة إنها لا تعترف بالحدود التي أعلنتها فلسطين، وفي الإخطار الذي قدمته فلسطين إلى الأمم المتحدة في 12 و27 إبريل/نيسان 2022، جرى إرسال مذكرة بشأن الأنشطة البحرية غير المصرح بها في المناطق البحرية للبلاد.

(الأناضول)

المساهمون