يناقش البرلمان الجزائري مشروع قانون تقدمت به الحكومة، يتضمن تدابير ردعية ضد كل عمليات الاستيلاء على الأراضي والعقارات المملوكة للدولة، وتسليط عقوبات بالسجن تصل إلى 20 عاماً، للحد من عمليات البناء العشوائي، وضم أراض بدون وجه حق قانوني.
ويحمل القانون الذي اطلعت عليه "العربي الجديد"، تدابير تسمح "بمكافحة الأبنية غير القانونية المنجزة على أراضي الدولة، بشكل فعال، وتعزيز مسؤولية مسيريها، وضمان الاستغلال الأمثل لأراضي الدولة''، ويحظر القانون المنتظر أن يصوت عليه البرلمان نهاية الشهر الحالي، أي مساس أو استيلاء على الأراضي المملوكة للدولة، سواء كان لغرض البناء عليها أو استغلالها في أغراض أخرى.
ويقر القانون الذي عرضه وزير العدل، عبد الرشيد طبي، على النواب عقوبات شديدة قد تصل إلى السجن لمدة 20 سنة، وفرض غرامات مالية كبيرة، على كل تعدّ على أراضي الدولة أو أفعال تؤدي إلى تدهور قيمتها أو تغيير وضعها أو طابعها، خاصة مع تزايد عمليات البناء العشوائي، والاستيلاء على أراض مملوكة للدولة، وتوسيع غير قانوني من قبل مستفيدين من قطع للبناء، على مساحات مجاورة.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعلن، في أغسطس/آب 2022، عن التحضير لقانون يعاقب بقوة المستولين على أراضي الدولة، وقال في حوار تلفزيوني حينها "سيكون هناك قانون عن قريب، يكون فيه العقاب وخيماً لمن يستولي على أراضي الدولة بدون وجه حق".
وأضاف: "نأسف أن بعض الأراضي حررناها من السكن القصديري، وقمنا بترحيل سكانها السابقين إلى شقق تتوفر على كل الضروريات، ليأتي سكان آخرون لاحتلالها بتواطؤ من بعض المسؤولين، وهذا الأمر سنقضي عليه".
وخلال العقود الماضية، خاصة في فترة الأزمة الأمنية، وبسبب فوضى إدارة الشأن العام، جرى الاستيلاء على أراض زراعية ومساحات بناء مملوكة للدولة، وإنشاء عقارات وأحياء سكنية بصورة فوضوية، خاصة أن الدولة كانت منشغلة بمعالجة تداعيات الأزمة الأمنية الحادة التي كانت شهدتها الجزائر في التسعينيات.
واستغل رجال المال والنفوذ الظروف نفسها للاستيلاء على عقارات ومساحات مجاورة، بعضها ذات طابع زراعي، لمخصصات منحت لهم للبناء، أو إنجاز مشاريع من دون رخصة قانونية. وفي أغسطس/آب 2016، مارست مجموعات النفوذ ضغوطاً حادة لدفع الحكومة والبرلمان إلى تبنّي قانون يسمح بتسوية قانونية لهذه القطع الأرضية التي جرى الاستيلاء عليها.
وفي السياق، أكد النائب البرلماني عن جبهة التحرير الوطني أن "القانون الذي بادرت به الحكومة جاء ليسد فراغ قانوني كبير، فيما يتعلق بتسيير أملاك الدولة، وطرق استرجاعها في حال الاستيلاء عليها من طرف المواطنين وحتى شركات اقتصادية، وذلك من خلال توسيع صلاحيات الوزراء والمنتخبين المحليين، لتشمل طلب استرجاع الأملاك عبر القضاء، كما منح القانون للنيابة العامة حق تحريك الدعوى العمومية في حال تسجيل أي تعدٍ على أملاك الدولة مع منح المبلغين على حالات النهب كل الحماية القانونية".
وأضاف النائب في تصريح لـ"العربي الجديد" أن " النواب ركزوا على نقطة مهمة في مناقشة القانون الجديد، وهو عدم التعسف في تطبيق القانون، في حالات هدم بنايات سكانية أو استثمارات، وذلك حتى لا يكون ضرر متباين بين أطراف القضية".