لا يستبعد محللون أن تواصل العملات الرقمية انهيارها خلال الأشهر المقبلة، وأن ينهار سعر العملة القيادية "بيتكوين" إلى 12 ألف دولار.
وبات الانهيار الكبير الذي تعيشه العملات المشفرة يطرح التساؤل حول ما إذا كانت العملات الرقمية ستكون مقبرة للثروات التي تدفقت عليها خلال العقد الماضي، وحولت العديد من المستثمرين فيها إلى مليونيرات بين ليلة وضحاها، وهي الآن تتجه لتحويلهم إلى فقراء وربما بنفس السرعة.
محللون بمصرف "جي بي مورغان": سعر عملة بيتكوين، الأشهر بين العملات الرقمية، قد يتراجع إلى 13 ألف دولار
في شأن الانهيار، قال محلل سوق العملات المشفرة كانترنغ كلارك، لموقع "بيتكوين تلغراف"، إن سعر بيتكوين قد ينهار إلى 12 ألف دولار قبل أن يتمكن من الصعود.
من جانبهم، قال محللون بمصرف "جي بي مورغان" الاستثماري الأميركي إن سعر عملة بيتكوين، الأشهر بين العملات الرقمية، قد يتراجع إلى 13 ألف دولار.
وجرى التعامل في بيتكوين عند سعر يقل عن 16 ألف دولار لأول مرة مقارنة بسعر 18 ألف دولار يوم الأربعاء، حسب بيانات موقع "كوين بيز" المتخصص في العملات المشفرة.
وتواجه شركات تعدين العملات المشفرة ارتفاع أسعار الكهرباء لتشغيل الحواسيب الضخمة التي تستخدم في إنتاج العملات المشفرة.
ويقدر خبراء أن كلفة الكهرباء لإنتاج وحدة بيتكوين تصل إلى نحو 15 ألف دولار، وهو ما قد يؤدي إلى توقف العديد من شركات التعدين، إذا تراجع سعر العملة إلى مستوى 12 ألف دولار.
وكانت شركة "كريبتو كوانت" أثارت قلق المستثمرين في العملات الرقمية عبر توقعات، أطلقتها الخميس، بأن بعض معدّني العملات الرقمية قد يواجهون الإفلاس بسبب الكلف العالية وتراجع أسعار العملات المشفرة، وذلك وفقاً لما ذكر موقع "كوين تلغراف" المتخصص في العملات الرقمية.
وأشار التحليل إلى أن عمليات تعدين العملات المشفرة تتناقص تدريجياً بسبب الكلف العالية وتعطل بعض شركات التعدين أو بيعها لتغطية النفقات. ويشير تحليل "كوين تلغراف" إلى أن بعض شركات التعدين المدرجة في بورصة ناسداك ربما لن تتمكن سداد ديونها خلال العام الجاري. وفي حال إفلاسهم، لن يكون أمامهم خيار سوى محافظهم في عملة بيتكوين.
كلفة الكهرباء لإنتاج وحدة بيتكوين تصل إلى نحو 15 ألف دولار، وهو ما قد يؤدي إلى توقف العديد من شركات التعدين
وإضافة إلى هذه الحوادث المقلقة التي تعيشها العملات المشفرة، يرجع محللون الانهيار الحاد الذي تشهده العملات الرقمية، وعلى رأسها بيتكوين، إلى أربعة عوامل رئيسية، وهي أولاً ارتفاع الفائدة المصرفية على الاقتراض الذي جعل المستثمرين خاصة من الشباب يترددون في استخدام أدوات الاقتراض البنكية الباهظة للاستثمار في العملات المشفرة ذات المخاطر العالية.
أما العامل الثاني فهو مخاوف المستثمرين في العملات المشفرة كذلك من تشديد البنوك المركزية والحكومات قوانين الاستثمار في عملة البيتكوين وأخواتها، لحماية عملاتهم التي تعيش فترة من الاضطراب من مزيد من الانهيار.
أما العامل الثالث فإنه يلاحظ أنه خلال العام الجاري مُنعت البورصات من تداول العملات المشفرة بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، حيث تخوفت الدول الغربية من استخدام الشركات والمصارف الروسية نوافذ بيتكوين وإخواتها للهروب من العقوبات المالية الغربية.
أما العامل الرابع فهو التضخم المرتفع الذي ضغط على ادخار العائلات في الدول الغربية والضوابط المالية الصارمة التي نفذتها السلطات الصينية ضد منصات تعدين العملات المشفرة.
في هذا الصدد، ترى نشرة "سمارت أست" الأميركية، في تحليل، أن التضخم يؤثر بشكل مباشر على العملات المشفرة، حيث إن الاستثمار في الأصول ذات المخاطر العالية مثل العملات المشفرة يكون مفضلا في أوقات الأموال الرخيصة والتدفقات المرتفعة من السيولة.
رفع مجلس الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة على الدولار سيؤدي على الأرجح إلى انخفاض سعر العملات المشفرة
يذكر أن من بين العوامل التي أدت إلى نمو قيمة العملة المشفرة في العالم هي أن المستثمرين ببساطة لديهم الكثير من المال خلال العقد الماضي وقليل من البدائل الاستثمارية.
ويرى تحليل "سمارت أست" أن رفع مجلس الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة على الدولار سيؤدي على الأرجح إلى انخفاض سعر العملات المشفرة، إلى جانب العديد من الأصول التي ربما تحقق أرباحاً عالية ولكنها في ذات الوقت ذات مخاطر عالية.
وإضافة إلى العوامل السابقة، فإن هناك مخاوف من وقوع الاقتصادات العالمية في هاوية الركود الاقتصادي، وهو ما يؤثر سلبا على الاستثمار في العملات الرقمية.
وخلال أعوام الركود، يلجأ المستثمرون عادة إلى الأدوات الاستثمارية الآمنة مثل المعادن الثمينة، وعلى رأسها الذهب والفضة وأخواتهما، وذلك مقارنة بالاستثمار في الأدوات المالية عالية المخاطر التي تزدهر في بيئة تكون فيها لدى المستثمرين أموال زائدة عن حاجتهم ويشعرون بالثقة في تحمل المخاطر.
ومنذ بداية هذا العام الجاري، واجه المستثمرون صعوبات مالية جمة بسبب التضخم المرتفع وغلاء الوقود والغذاء وفواتير الخدمات والإيجارات، وبالتالي لم تكن لديهم فوائض مالية يمكنهم المخاطرة بها في العملات المشفرة عالية المخاطر.