تلقى سوق الصرف الأجنبي في مصر إشارات إيجابية خلال الأيام الأخيرة، قد تخفف الضغوط، ولو مؤقتاً، عن الجنيه المصري، وربما تؤجل قرار تعويمه مجدداً إلى وقت لاحق، ربما شهر سبتمبر/أيلول، وفق توقعات مصرف "سيتي بنك" الأميركي.
من بين تلك الإشارات عودة الصناديق السيادية الخليجية للمنافسة على شراء الأصول المصرية، وسط حديث رسمي عن ارتفاع معنويات المستثمرين تجاه الاقتصاد المصري خلال شهر مايو/أيار الماضي، على خلفية التقدم في برنامج الطروحات الحكومية وبيع أصول الدولة.
جهاز قطر للاستثمار مثلا يتفاوض لشراء 30% من أسهم الشركة القابضة للفنادق التاريخية والمالكة سبعة فنادق، منها ماريوت الزمالك وميناهاوس الهرم وسيسل الأسكندرية، بـ750 مليون دولار، وأبدى الصندوق السيادي القطري رغبته في شراء حصة رئيسية في شركة فودافون مصر.
من بين تلك الإشارات عودة الصناديق السيادية الخليجية للمنافسة على شراء الأصول المصرية، وسط حديث رسمي عن ارتفاع معنويات المستثمرين تجاه الاقتصاد
والحكومة المصرية سرّعت خطوات بيع حصتها في بنك الإسكندرية، رابع أكبر بنك في مصر، وكذا بيع المصرف المتحد المملوك للبنك المركزي المصري كاملاً.
وهناك صناديق سيادية إماراتية وقطرية مهتمة بالاستحواذ على مشروعات للطاقة في مصر بقيم تصل إلى 3 مليارات دولار.
كما أبدى مستثمرون أجانب رغبتهم في شراء أصول محطات الكهرباء والطاقة المتجددة، ومن ضمنها محطة كهرباء بني سويف التي نفذتها شركة سيمنس الألمانية، ومجمع محطات طاقة رياح الزعفرانة وجبل الزيت.
إضافة إلى طرح شركتي وطنية وصافي اللتين تلقيان اهتماماً من مستثمرين إماراتيين. وهناك أيضاً خطة لبيع حصة إضافية في شركة موبكو للأسمدة وشركات أخرى.
يصاحب تلك الخطوات دخول الحكومة في سباق مع الزمن لجمع ملياري دولار لسداد أعباء ديون خارجية قبل نهاية الشهر الجاري عن طريق بيع أصول وشركات حكومية.
لكن هدف الحكومة جمع ملياري دولار خلال أيام قليلة عبر بيع تلك الأصول يبدو صعباً وبطيئًا للغاية في ظل ترقب بعض المستثمرين اجراء تعويم جديد للجنيه، وهو ما يخفض من كلفة الاستحواذ على الشركات والبنوك المصرية من وجهة نظرهم.
لكن في المقابل، فإن هناك ضغوطاً شديدة لا تزال تتعرض لها العملة المحلية في مصر، منها مثلا ما ذكره بنك غولدمان ساكس الاستثماري الأميركي في تقرير، صدر قبل أيام، عن حاجة البنك المركزي المصري إلى 5 مليارات دولار لضمان سعر صرف مرن وقبل الاقدام على تعويم جديد للجنيه.
هناك ضغوطاً شديدة تتعرض لها العملة المحلية، منها حاجة البنك المركزي المصري إلى 5 مليارات دولار لضمان سعر صرف مرن
حتى السلطات المصرية تعترف بتعرض سوق الصرف لضغوط، فقد قدر وزير المالية، محمد معيط، إجمالي قيمة البضائع الموجودة بالموانئ بنحو 5.5 مليارات دولار. وهذه البضائع بحاجة إلى تدبير البنوك لهذا المبلغ حتى يُتم الافراج عنها وتجد طريقها إلى الأسواق والمصانع.
وسط هذه الأجواء، هناك عامل آخر ومهم يجب أخذه بعين الاعتبار وهو تأخر تمرير المراجعة الأولى لبرنامج صندوق النقد الدولي، إذ تترقب الأسواق الدولية ما إذا كانت بعثة الصندوق ستزور القاهرة خلال أسبوعين من الآن، أم ستؤجل الزيارة كما حدث قبل أشهر، حيث أرجأ الصندوق تلك المراجعة التي كانت مقررة في الأصل في منتصف شهر مارس/آذار، بسبب تأخر الحكومة في تنفيذ العديد من شروطه الرئيسية.
ولا نلحظ حتى الآن صدور أي إشارات حكومية تؤكد الاستجابة الجدية لشروط صندوق النقد، بل العكس هو ما يحدث على أرض الواقع، فسعر صرف الجنيه شبه ثابت منذ أشهر، وهناك تأكيد رسمي على صعوبة تحرير السعر في الأجل القريب، وهو ما يخالف ما جرى الاتفاق عليه مع الصندوق على أن يكون السعر مرنا، ولم يحدث تقدم سواء في برنامج بيع الأصول أو تقليص دور الدولة ومؤسساتها في الأنشطة الاقتصادية.
في ظل هذه الأجواء الملبدة، من المتوقع أن تعيش سوق الصرف الأجنبي في مصر حالة من الترقب الأقرب إلى التقلب، إلى حين اتخاذ صانع القرار قراره النهائي بشأن احتواء أزمة شح النقد الأجنبي ووضع نهاية لأزمة الدولار، وتحديد الموعد المقبل لتعويم الجنيه المصري.