كشف وزير الموارد المائية العراقي، مهدي رشيد الحمداني، عن التحضير لاجتماع سوري- عراقي- تركي مشترك للبحث في ملف المياه، وحصص دمشق وبغداد في مياه نهر الفرات.
وأضاف خلال تصريحات صحافية أمس الأحد: "لا يمكننا القول اليوم إنّ ملف المياه مع تركيا معطل، بل على العكس، إذ بدأت بوادر انفراج مع الجانب التركي في هذا الملف، ومشاركة الجانب السوري في المفاوضات الخاصة بتقاسم مياه الفرات سيكون لها طابع إيجابي أكثر". ولا يمانع نظام بشار الأسد لقاء الجانب التركي، بحسب الوزير العراقي.
وفي هذا السياق، يقول العامل السابق بوزارة الري السورية المهندس، محمد علي، لـ"العربي الجديد" إنّ سورية بعد الاتفاق مع العراق في يوليو/ تموز الماضي، على تنظيم ملف المياه والنسب، وبعد اجتماعات فنية عدة "حتى مع تركيا" عن بُعد، ركزت على تقسيم حصص مياه نهر الفرات بعد تراجع المنسوب، في سورية والعراق إلى أدنى منسوب منذ وقعت الدول الثلاث على اتفاقية تقاسم الحصص عام 1987.
ويضيف: "حان الوقت للقاء وجاهي لحلّ مشكلة الجفاف في سورية، وقد يكون الاجتماع في العراق خلال الشهر الجاري".
وينبع نهر الفرات، من تركيا ويخترق جبال طوروس التركية باتجاه الجنوب نحو سورية ليدخلها عند مدينة جرابلس، عابراً مدينة الرقة وبعدها دير الزور ثم يخرج من الأراضي السورية عند مدينة البوكمال، ليدخل العراق عند مدينة القائم في الأنبار.
وسبق للمؤسسة العامة لسد الفرات في سورية (حكومية) أن كشفت عن مفاوضات عن بعد مع الأتراك وأنّ الجانبين العراقي والسوري ضغطا على أنقرة لإعادة المنسوب كما هو متفق عليه، مؤكدة مدى الأضرار التي لحقت بسورية، بعد "خسارة نحو 200 متر مكعب في الثانية من مخزون مياه بحيرة الفرات لتزويد أهالي دير الزور بالمياه وإعطاء العراق حصته".
وتتهم حكومة الأسد أنقرة بالاستيلاء على أكثر من نصف حصة سورية التي يجب ألّا تقل عن 500 متر مكعب في الثانية حسب البروتوكول المتفق عليه مع الجانب التركي في عام 1987، في حين يتم حالياً ضخ نحو 200 متر مكعب فقط.
لكنّ تركيا التي تعاني من نقص المياه، ردت بأنّ منسوب المياه في نهر الفرات قد تراجع بسبب الجفاف وتراجع الهطول المطري جنوبي البلاد، كاشفة من خلال خريطة نشرتها المديرية العامة للأرصاد الجوية التركية، عن مستوى الجفاف الذي يضرب مناطق جنوبي تركيا المحاذية لمناطق شمال شرقي سورية.
ويقول المحلل التركي، أوكتاي يلماظ، لـ"العربي الجديد" إنّ بلاده لا تسعى "لتعطيش سورية والعراق كما يروّج بعضهم، أو تبيع المياه كما يبيعون النفط" فتركيا بحسب قوله: "ملتزمة بالاتفاق الموقع بين الدول الثلاث على اقتسام مياه النهر، وإطلاق 500 متر مكعب في الثانية، ليتقاسمها العراق وسورية (العراق 58 في المائة من مياه الفرات مقابل 42 في المائة لسورية).
سبق للمؤسسة العامة لسد الفرات في سورية (حكومية) أن كشفت عن مفاوضات عن بعد مع الأتراك وأنّ الجانبين العراقي والسوري ضغطا على أنقرة لإعادة المنسوب كما هو متفق عليه
يضيف: "لكنّ تراجع منسوب المياه في نهر الفرات، بسبب الجفاف وليس بسبب ملء السدود، هو ما قلل حصة الدول المجاورة، بعدما انعكس بأضرار وجفاف على ولايات جنوبي تركيا".
وتعاني سورية من أزمة مياه "غير مسبوقة" تصل إلى حد الكارثة، حسب الخبير المائي خالد نعمة، خاصة بمدن شمال شرق سورية، وذلك بعد تراجع منسوب مياه نهر الفرات خمسة أمتار وتراجع منسوب بحيرة سد تشرين أربعة أمتار.
ويقدّر نعمة خلال تصريح لـ"العربي الجديد" حاجة سورية السنوية بنحو 23 مليار متر مكعب سنوياً لتكون حصة الفرد فيها مساوية لخط الفقر المائي البالغ ألف متر مكعب للفرد، لكنّ ضعف الهطول وتراجع منسوب المياه الجارية، هبط بحصة الفرد إلى نحو 750 مترا مكعبا، كما تراجع الإنتاج الزراعي في المدن الشرقية (دير الزور والرقة) إلى أقل مستوى منذ 30 سنة.
وتشير مصادر سورية إلى أنّ العجز المائي وصل هذا العام إلى 7 مليارات متر مكعب، ولم يكن يزيد عام 2011 عن 3 مليارات متر مكعب.