مزارعون هنود يقفون بالمرصاد لتعديلات حكومية تضعهم تحت رحمة الشركات الكبرى

29 نوفمبر 2020
مزارعون غاضبون من تعديلات قانونية تمهد لإلغاء دعم القمح والأرز (فرانس برس)
+ الخط -

خرج آلاف المزارعين الهنود الغاضبين من تعديلات في القطاع الزراعي في يوم ثالث من الاحتجاجات في ضواحي العاصمة الهندية نيودلهي، وقطعوا الطرق المؤدية إلى المدينة، اليوم الأحد، متجاهلين مناشدة الحكومة لهم التحرك إلى مكان خُصِّص لإقامة الاحتجاج.

ودعت الحكومة، أمس السبت، زعماء نقابات المزارعين لإجراء محادثات حول قانون جديد لتحرير عمليات شراء المنتجات الزراعية، لكن ذلك لم يؤد إلى تسكين حالة الشعور بالغضب لدى المزارعين إزاء ما يعتبره كثيرون "قوانين مضادة للمزارع"، ويبدو أن هذا الموقف آخذ بالانتشار.

وقال راكيش تيكايت، المتحدث باسم اتحاد كيسان بهاراتيا، وهو واحد من بين أكثر من 30 اتحاداً يشارك في الاحتجاجات، بينما كان هو ورفاقه يقطعون طريقاً مؤدية إلى دلهي من الشرق: "لن نبرح المكان هنا اليوم".

وبموجب القوانين التي أقرتها حكومة مودي في سبتمبر/ أيلول الماضي، يكون للمزارعين حرية بيع منتجاتهم في أي مكان، بما في ذلك الشركات الكبرى، بدلاً من أسواق الجملة الخاضعة لتنظيمات الحكومة، حيث كانوا يضمنون حداً أدنى لسعر الشراء.

لكن العديد من صغار المزارعين يخشون أن يصبحوا تحت رحمة الشركات الكبرى وأن تلغي الحكومة في نهاية المطاف دعم أسعار سلع أساسية مثل القمح والأرز.  فيما تقول الحكومة إنها لا تعتزم إلغاء أسواق الجملة، وإن للمزارعين حرية اختيار المشترين.

وسعى مودي إلى طمأنة مخاوف المزارعين، اليوم الأحد، وقال في كلمته الشهرية عبر الإذاعة وفق وكالة رويترز: "بهذه التعديلات سيحصل المزارعون على حقوق وفرص جديدة". إلا أن مسؤولاً في إحدى تلك النقابات قال إن العديد من المتظاهرين يطالبون بأن تسحب الحكومة هذه القوانين.

في المقابل، وصفت أحزاب المعارضة وبعض حلفاء مودي، التعديلات بأنها مناهضة للمزارعين ومؤيدة للشركات. ولطالما كان ينظر إلى المزارعين على أنهم قلب الهند وروحها، حيث تدعم الزراعة أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة. لكن المزارعين شهدوا أيضاً تضاؤل نفوذهم الاقتصادي على مدى العقود الثلاثة الماضية.

فبعد أن كانوا يمثلون في يوم من الأيام ثلث الناتج المحلي الإجمالي للهند، فإنهم ينتجون الآن 15% فقط من اقتصاد الدولة البالغ 2.9 تريليون دولار.

وغالباً ما يشتكي المزارعون من التجاهل وينظمون احتجاجات متكررة للمطالبة بتحسين أسعار المحاصيل، والمزيد من الإعفاءات من القروض وتحسين أنظمة الري لضمان المياه في أثناء فترات الجفاف.

وتأتي الاضطرابات الحالية في الوقت الذي سجّل فيه الاقتصاد الهندي انكماشاً بنسبة 7.5% بين يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول، فكان أداؤه بين الأسوأ ضمن الاقتصادات الرئيسية المتقدّمة والناشئة لتدخل البلاد في حالة ركود للمرة الأولى منذ استقلالها، بحسب بيانات رسمية نشرت يوم الجمعة الماضي.

ومع أن الأرقام تشكّل تحسناً عن الانكماش القياسي الذي بلغ 23.9% في الربع الثاني من العام، إلا أنها تشير إلى أن ثالث أكبر قوة اقتصادية في آسيا تستعد لمعركة صعبة في وقت تحاول فيه إعادة إحياء الطلب وخلق الوظائف، على الرغم من ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا الجديد.

ويعني تسجيل انكماش على فصلين متتاليين أن البلاد دخلت الآن في "ركود تقني" لأول مرة منذ عام 1947. وحاولت نيودلهي جاهدة إعادة إطلاق اقتصادها الذي يتوقع أن ينكمش بنسبة 9.5% هذا العام، وفق تقديرات نشرها حاكم البنك المركزي الهندي شاكتيكانتا داس في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وتوقّع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الهندي بنسبة 10.5% هذه السنة، في أكبر تراجع لأي اقتصاد رئيسي ناشئ والأسوأ منذ الاستقلال.

المساهمون