مرونة دائمة لسعر الصرف وبيع شركات الجيش.. تعهدات مصرية للصندوق

11 يناير 2023
من المتوقع أن يحفز الاتفاق مع الحكومة المصرية تمويلاً إضافياً لها (فرانس برس)
+ الخط -

أظهر تقرير لخبراء صندوق النقد الدولي، صدر الثلاثاء، التزام مصر بمجموعة من الإصلاحات النقدية والمالية، لكي تتمكن من الحصول على الدفعات التالية، ضمن اتفاقها على حزمة دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار مع المؤسسة الدولية.

وأكد تقرير الصندوق إن الحزمة تتضمن تحولًا دائمًا إلى نظام سعر صرف مرن، وسياسة نقدية تهدف إلى خفض التضخم تدريجيًا، وضبط أوضاع المالية العامة لضمان مسار الدين العام التنازلي، مع عرض الشركات المملوكة للجيش للبيع للقطاع الخاص، للحد من تدخل الدولة في الاقتصاد، وتعزيز الحوكمة والشفافية.

وقال الصندوق إن البرنامج المدعوم من قبله يقدم لمصر حزمة متكاملة، تستهدف الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، واستعادة الهوامش المطمئنة، وتمهيد الطريق لنمو شامل يقوده القطاع الخاص.

وأكد الصندوق أنه من المتوقع أن يحفز الاتفاق مع الحكومة المصرية تمويلاً إضافياً لها، من الشركاء الدوليين والإقليميين، قدره الصندوق بأكثر من 14 مليار دولار.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأشاد مسؤولو الصندوق بقرار تحريك سعر الصرف في مصر، وصولا إلى سعر يعتمد على العرض والطلب، مشيرين إلى أن تثبيت سعر الجنيه سابقا أضر بأداء السوق.

واتجهت مصر للصندوق، للحصول على رابع قرض في أقل من ست سنوات، بعد تعرضها لواحدة من أكبر أزمات العملة في تاريخها.

وجددت مصر، خلال العام الأخير، ودائع بمليارات الدولارات كانت مستحقة لدول خليجية داعمة، واقترضت عدة مليارات أخرى، كما باعت حصة الحكومة في العديد من الشركات الرابحة، وعطلت استيراد كميات ضخمة من السلع، لتوفير العملة الأجنبية للوفاء بالتزاماتها، بعد خروج أكثر من عشرين مليار دولار من الأموال الساخنة من البلاد، مطلع العام الماضي.

وخلال الأشهر العشرة الأخيرة، ارتفع الدولار مقابل العملة المصرية بأكثر من 75%، الأمر الذي تسبب في ارتفاع التضخم في البلاد، واختفاء بعض السلع الأساسية، أو ارتفاع أسعارها بصورة غير مسبوقة.

وأعلن البنك المركزي المصري، اليوم الثلاثاء، عن ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي في البلاد إلى 24.4% بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2022، مقارنة بـ21.5% بنهاية نوفمبر/تشرين الثاني السابق.

وقالت كريستالينا جورجييفا، رئيسة مجلس إدارة الصندوق والعضو المنتدب، إن "التزام السلطات الأخير بالتحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن والتخلص من تشوهات السياسة السابقة، بدعم من تشديد السياسة النقدية المسبق، والمزيد من التعزيزات لشبكة الأمان الاجتماعي، هي خطوات مرحب بها".

وجاء في التقرير المنشور اليوم أن "التحول الدائم إلى نظام سعر الصرف المرن سيساعد في تخفيف الصدمات الخارجية ومنع الاختلالات من الظهور مجددًا والسماح للسياسة النقدية بالتركيز على الحفاظ على استقرار الأسعار".

وأيضاً "سيضمن الضبط المالي القدرة على تحمل الديون على المدى المتوسط، بينما سيساعد التوسع في الإنفاق الاجتماعي على التخفيف من حدة الفقر وحماية الفئات الضعيفة. ستقلل الإصلاحات الهيكلية من دور الدولة وتجعل الساحة متكافئة بين القطاعين العام والخاص، وتعزز النمو الذي يقوده القطاع الخاص، وتعزز الحوكمة والشفافية".

اقتصاد الجيش 

وشمل البرنامج الذي قال الصندوق إن الحكومة المصرية وافقت عليه، إصلاحات هيكلية لتقليص دور الدولة، وتحفيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص.

وقال الصندوق إن السياسة ستغطي جميع الشركات المملوكة للدولة، بما في ذلك "الشركات المملوكة للجيش"، في ما اعتبر اعترافا نادرا من صندوق النقد الدولي بتوسيع الجيش لدوره في الاقتصاد المصري بدءا من عام 2013.

وبموجب هذه السياسة؛ ستحدد الحكومة القطاعات "الاستراتيجية" التي ستستمر في العمل بها، بينما تسحب الدولة نفسها تدريجياً من "القطاعات غير الاستراتيجية"، عن طريق بيع الأصول، كما جاء في تقرير الصندوق.

كما سيُطلب من الكيانات المملوكة للدولة تقديم حسابات مالية إلى وزارة المالية مرتين في السنة، وتقديم معلومات عن أي أنشطة "شبه مالية"، في محاولة لتحسين الشفافية. وقال الصندوق إن الوزارة ستتمكن من الاطلاع على البيانات المالية الخاصة بالشركات المملوكة للجيش.

ومنذ وصوله لرئاسة البلاد في 2014، اعتبر الرئيس عبد الفتاح السيسي الجيش الأداة الرئيسية للمساعدة في إعادة بناء الاقتصاد المنهار، بعد الاضطرابات التي اندلعت بسبب ثورة 2011، التي أطاحت بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك. وتم تكليف القوات المسلحة، وقتها وحتى يومنا هذا، بالمئات من مشاريع البنية التحتية، وتوسيع نطاق مصالحها في قطاعات طاولت الضيافة والأطعمة والمشروبات إلى الإسمنت والحديد.

وفي أكثر من مناسبة، قلل السيسي من حجم اقتصاد الجيش، كما تعهد بتقليص دوره في الاقتصاد، وبيع بعض شركاته، إلا أن أياً من ذلك لم يحدث على مدار السنوات السابقة.

وقال الصندوق إنه سيملأ جزءًا من فجوة التمويل من خلال تنفيذ حزمة السياسة الأساسية لإطلاق تمويل إضافي كبير من شركاء مصر، بما في ذلك الأموال التي تأتي في شكل استثمارات.

السياسات الرئيسية

وتحت عنوان جانبي "السياسات الرئيسية"، قال الصندوق إن السلطات المصرية وضعت برنامجًا شاملاً للسياسات والإصلاحات، للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، واستعادة الهوامش، وتمهيد الطريق لتحقيق نمو مستدام طويل الأجل. وأشار إلى أن حزمة السياسات تتضمن ما يلي:

  • التحول الدائم إلى سعر الصرف المرن، لامتصاص الصدمات الخارجية وللمساعدة في إعادة بناء احتياطي النقد الأجنبي الذي تم استنزافه.
  • تركيز السياسة النقدية على الحفاظ على استقرار الأسعار، بدعم من جهود لتحسين انتقال السياسة النقدية وتعميق سوق الصرف الأجنبي.
  • ضبط أوضاع المالية العامة، لضمان استمرار المسار الهبوطي للدين العام، مدعوماً بتعبئة الإيرادات وتنفيذ قانون إدارة المالية العامة، فضلاً عن إدارة الديون لتقليل احتياجات التمويل الإجمالية.
  • توسيع شبكة الأمان الاجتماعي للتخفيف من حدة الفقر وحماية الفئات الهشة.
  • إصلاحات هيكلية لتقليص دور الدولة، وتحفيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص، وخلق فرص العمل، من خلال تكافؤ الفرص، وتقليل الحواجز التجارية، وتعزيز الحوكمة والشفافية.
المساهمون