استمع إلى الملخص
- **انتهاكات معايير الشحن والمعاملة**: تشهد صادرات الأغنام والماشية الحية من أوروبا إلى الدول العربية انتهاكات كبيرة في معايير الشحن والمعاملة، حيث تُنقل الحيوانات بطرق غير إنسانية وتُذبح بوحشية.
- **دور الاتحاد الأوروبي والحاجة إلى إصلاحات**: تصدير 160 مليون رأس من الحيوانات سنوياً يسبب معاناة كبيرة ويزيد من خطر انتشار الأوبئة، مما يستدعي تحسين اللوائح وتنفيذ تدابير صارمة لضمان حقوق الحيوان.
حذرت منظمة "إسّيرى أنيمالي" الإيطالية من مخاطر التخلص من بقايا الحيوانات المعدة للتصدير من أوروبا بشكل غير قانوني في مدافن النفايات الضخمة في الهواء الطلق، ما يؤدي إلى تلويث مناطق في ليبيا ولبنان.
وتعتبر صادرات الأغنام والماشية الحية من أوروبا إلى دول عربية من أبرز عمليات التبادل التجاري التي تشهد نشاطاً متزايداً، مدفوعة بالطلب العالي على اللحوم الحلال في تلك المناطق. وعلى الرغم من الفوائد الاقتصادية الكبيرة لهذه التجارة، إلا أنها محاطة بالعديد من المخاوف المتعلقة بها، حيث تتزايد التقارير حول انتهاكات معايير الشحن والمعاملة خلال عمليات النقل، وكذلك الذبح في البلدان المستوردة.
وتسلط هذه المخاوف الضوء على ضرورة تحسين اللوائح وتنفيذ تدابير أكثر صرامة لضمان احترام حقوق الحيوان والالتزام بالمعايير الإنسانية المعترف بها دولياً.
في هذا السياق، ذكر مسؤول التحقيقات في منظمة "إسّيرى أنيمالي" الإيطالية لحقوق الحيوان فرنشيسكو تشيكّاريللي أن منظمته وثقت، بالتعاون مع المؤسسة الألمانية للرفق بالحيوان، الرحلة الطويلة التي تضطر الأغنام والماشية التي تربت في أوروبا إلى مواجهتها لتُذبِح في بلدان غير أوروبية.
وتابع تشيكّاريللي، في تحقيق نشرته "إسّيرى أنيمالي" في الرابع من سبتمبر/ أيلول الجاري، تحت عنوان "تحقيق جديد: تربت في أوروبا وذُبحت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، أن نقطة انطلاقهم كانت ميناء رازا الكرواتي لتوثيق أجواء شحن الأغنام والماشية، التي تربت بشكل رئيسي في أوروبا الشرقية، إلى دول غير أوروبية، حيث تُذبح بوحشية من دون تغييبها عن الوعي.
الإشكاليات الموثقة
وشرح أن "الحيوانات تُنقل من الشاحنة إلى سفينة الشحن عبر ممر طويل، حيث تُجبر على التقدم عن طريق استخدام صاعق كهربائي أو ضربات بالعصا. وصورنا أيضاً بعض الأغنام العرجاء تُجَرّ من أرجلها على متن السفينة، وهي عملية غير قانونية نظراً لعدم إمكانية نقل الحيوانات غير القادرة على السير بشكل مستقل".
وأضاف أنه "عند دخول الحيوانات إلى دول غير أوروبية، حيث تقضي المرحلة الأخيرة من حياتها، يتعين عليها أن تواجه قواعد أقل كفاءة من تلك الأوروبية. وللدلالة على ذلك، التقطنا بعض الصور لحيوانات تُذبح من دون تغييب عن الوعي في مجازر ليبيا ولبنان. ولا يتدخل الأطباء البيطريون، في حال وجودهم، لتجنب المعاناة غير المجدية للحيوانات عند الذبح".
تلويث مناطق في ليبيا ولبنان
ترفع العديد من السفن التي تنقل الحيوانات الحية من أوروبا إلى دول أخرى علماً أسود، وهذا الإجراء يشير إلى معايير الجودة المنخفضة التي تعرض سلامة البيئة والحيوان والمعدات للخطر. وهذه الرحلة من الممكن أن تستغرق عدة أشهر، لكن العديد من الحيوانات تنفق قبل الوصول إلى ميناء الوجهة ومن ثم تُلقى في البحر من دون بطاقة التعريف، وفقاً للمنظمة.
وغالباً ما يتم التخلص من الجثث في مدافن النفايات الضخمة في الهواء الطلق، وهي ممارسة غير قانونية من شأنها تعريض سلامة المياه والتربة الليبية واللبنانية للخطر. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن العديد من الشركات التي تدير هذه المواقع ممولة من قبل الاتحاد الأوروبي.
وأوضح تشيكّاريللي أنه يجري تفريغ السفن من الحيوانات على منحدرات زلقة قد تعرضها للإصابة، ثم تُحمَّل على الشاحنات، حيث تظهر على الحيوانات علامات على المعاناة بسبب الاكتظاظ والضغط.
ترفع العديد من السفن التي تنقل الحيوانات الحية من أوروبا إلى دول أخرى علماً أسود، وهذا الإجراء يشير إلى معايير الجودة المنخفضة
ووصف الوضع في المجازر التي شملها التحقيق بأنه "مريع، حيث يجري التعامل مع الحيوانات بوحشية، وتعليقها من أرجلها بالسلاسل وهي لا تزال واعية، وأخيراً تُذبَح من دون تغييبها عن الوعي. وفي العديد من الحالات الموثقة، يتم التخلص من بقايا هذه الحيوانات بشكل غير قانوني في مدافن النفايات الضخمة في الهواء الطلق، ما يؤدي إلى تلويث مناطق في ليبيا ولبنان".
دور الاتحاد الأوروبي
هذه المواقع تمثل مثوى لأطنان من الجثث غير المعالجة شديدة التلوث والتي غالباً ما تكون من أصل أوروبي. وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى تلقي العديد من الشركات المسؤولة عن إدارة مدافن النفايات هذه عشرات الملايين من اليوروهات من الاتحاد الأوروبي من أجل إدارة النفايات، وفقاً للمسؤول الحقوقي.
ويتم تصدير ما يزيد عن 160 مليون رأس من الحيوانات الحية سنوياً إلى خارج حدود الاتحاد الأوروبي، منها أكثر من خمسة ملايين من الأغنام والأبقار والخنازير والباقي من الدواجن. والحقيقة هي أن الرحلة الطويلة والمرهقة التي يتعين على هذه الحيوانات سلوكها تسبب لها معاناة بلا داع وتزيد إمكانية الإصابة بأوبئة وبانتشار الأمراض. ولكي نتجنب كل هذا، فإنه من الضروري التحول إلى تصدير اللحوم والحيوانات المذبوحة وفقاً للمقترح المقدم للمفوضية الأوروبية.
وختم تشيكّاريللي بقوله إنه "في ما يتعلق بالنقل البري، فإننا نطلب الحد الأدنى من الشروط المحددة للحيوانات المنقولة، الواردة في الكتاب الأبيض بشأن مراجعة لائحة المجلس (رقم 1/2005) من قبل المجموعة الأوروبية من أجل الحيوانات.
ومع ذلك، فمن الضروري أن تنتقل المفوضية الأوروبية الآن إلى تطبيق هذا المقترح".
بدورها، رأت مسؤولة العلاقات المؤسسية في منظمة "إسّيرى أنيمالي" كيارا كابريو أن "الوقائع التي وثقتها منظمة إسّيرى أنيمالي والمؤسسة الألمانية للرفق بالحيوان غير مقبولة على الإطلاق، واليوم نرى أن الاتحاد الأوروبي قد فشل، من خلال مقترح الإصلاح المقدم إلى المفوضية الأوروبية، في النقطة الأكثر أهمية، ألا وهي ضمان وجود تشريع طموح وسليم لتنظيم عمليات نقل الحيوانات بحيث يحظر نهائياً نقلها إلى بلدان غير أوروبية".