استمع إلى الملخص
- الشكري لم يعلن موقفه بعد، مشيراً إلى شرط توافق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لقبوله المنصب، بينما نفى مصرف ليبيا المركزي شرعية قرارات المجلس الرئاسي.
- توترات وتحشيدات عسكرية في طرابلس على خلفية الانقسام حول قرار تغيير مجلس إدارة المصرف، مع تدخل البعثة الأممية وسفارات دولية ودعوات للحوار والتوافق لتجنب التصعيد.
كشفت مصادر ليبية مقربة من المجلس الرئاسي الليبي عن تأجيل مباشرة مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي الجديد مهامه إلى يوم غد الأحد، بعد أن كان من المقرر أن يباشر مهامه اليوم السبت. وعن سبب التأجيل، أوضحت معلومات المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" أن المجلس الرئاسي من المرجح أن ينتهي خلال الساعات القادمة من مشاورات واسعة يجريها مع مختلف الأطراف الليبية للتوافق حول تغيير مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي ومحافظه، مؤكدة أن الاتجاه يسير نحو الموافقة على تعيين المصرفي محمد الشكري محافظاً، والشخصيات التي سماها المجلس الرئاسي لعضوية مجلس إدارة المصرف.
وفي حين أشارت معلومات المصادر إلى إمكانية إحداث تغيير طفيف في أسماء بعض أعضاء مجلس الإدارة، توافقت معلوماتها على وصول الشكري إلى طرابلس خلال الساعات المقبلة ومباشرته أعماله محافظاً للمصرف اعتباراً من الغد الأحد. ويتكون مجلس إدارة المصرف الذي شكله الرئاسي من تسعة أعضاء، الشكري محافظاً، بالإضافة لنائبين له، وعضو من وزارة المالية بحكومة الوحدة الوطنية، وخمسة أعضاء آخرين يمثلون مختلف الأطراف الليبية الأخرى.
الشكري يقود مصرف ليبيا المركزي
ولم يعلن الشكري عن موقفه الجديد حتى الآن، بعد تدوينته التي كتبها على حسابه بفيسبوك الجمعة الماضي، التي اشترط فيها لقبوله منصب المحافظ اتفاق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة كونهما الجهتين التشريعيتين المختصتين بتسمية المحافظ. وفيما لم يرفض قرار المجلس الرئاسي تسميته محافظاً، ضمن قراره تشكيل مجلس إدارة جديد للمصرف استناداً إلى قرار مجلس النواب بتعيينه محافظا عام 2018، إلا أن الشكري تحفظ على قبوله بسبب التجاذبات السياسية بين مجلسي النواب والدولة منذ قرار تعيينه، مؤكداً أنه لن يبخل بجهده وخبرته في قيادة المؤسسة المصرفية شرط توافق مجلسي النواب والدولة، "ومستعيناً بكفاءات ليبيا وخبراتها لوضع حد لأزمات تُنهك أهلنا مثل سعر الصرف والسيولة ومحاربة التضخم وتفعيل أداء القطاع المصرفي ليقوم بدوره المنشود، على أن يكون ذلك وفقاً للتشريعات النافذة والقوانين السارية والاتفاقات الموقعة".
وعلى الرغم من تحفظ الشكري، إلا أن لجنة التسليم والتسلم المكلفة من المجلس الرئاسي أعلنت عن مباشرة مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي الجديد مهامه منذ اليوم السبت. وأوضحت اللجنة في بيان لها أمس الجمعة أنها انتهت من "التنسيق التام مع جميع الأجهزة الأمنية المعنية بإتمام عملية التسليم والتسلم بسلاسة كاملة بعد أن أبدت استجابتها لقرارات المجلس الرئاسي بالخصوص"، لافتة إلى أن هذه الخطوة جاءت بناء على إعلانها الأسبوع الماضي إتمامها إجراءات التسليم الإداري. ومن جانبه، نفي مصرف ليبيا المركزي، في بيان عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، "نفيا قاطعا" بيان لجنة التسليم والتسلم "المكلفة من المجلس الرئاسي.
وفيما كرر مصرف ليبيا المركزي في بيانه اليوم تأكيده السابق أن قرارات المجلس الرئاسي "صادرة عن غير ذي صفة وباطلة ومخالفة للقانون"، أكد استمرار تعليق عمل موظفيه إلى حين إلغاء المجلس الرئاسي قراراته، مستثنيا من تعليق العمل المهام المصرفية المرتبطة بالمنظمات والخدمات الإلكترونية. ومطلع الأسبوع الماضي، قرر المجلس الرئاسي تغيير إدارة المصرف وتفعيل قرار سابق أصدره مجلس النواب عام 2018 بإقالة المحافظ الصديق الكبير وتعيين الشكري بديلاً منه، لكن مجلس النواب أعلن عن وقف العمل بقرار إقالة الكبير وتعيين الشكري لمضي مدة على تعيين الأخير من دون تسلمه مهامه.
وفي مقابل استناد المجلس الرئاسي في قراره بشأن تشكيل مجلس إدارة جديد للمصرف إلى صلاحياته الرئاسية التي منحها له اتفاق جنيف الذي جاء به الى السلطة مطلع عام 2021، وخوله تعيين القيادات في مؤسسات الدولة، أعلن مجلس النواب عن إنهاء ولاية المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية بانتهاء الآجال المحددة لاتفاق جنيف بـ18 شهراً منذ توقيعه في نوفمبر 2020. وتبادل المجلسين، المجلس الرئاسي ومجلس النواب، التصريحات حول شرعية قراراتهما، حيث أشار مسؤولين مقربين من المجلس الرئاسي إلى عدم شرعية قرارات مجلس النواب بانتهاء آجال اتفاق جنيف، وعدم حصول مجلس النواب على نصاب كامل لإلغاء العمل بقراره السابق بشأن إقالة الكبير وتعيين الشكري.
ومن جانبه، هدد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خلال حديث لفضائية ليبية محلية، الخميس ليلا، بإغلاق الحقول النفطية لمنع تحويل الإيرادات إلى مصرف ليبيا المركزي في حال مضيّ المجلس الرئاسي في إنفاذ قرارته بتغيير محافظ المصرف. واتهم صالح المجلس الرئاسي بالسعي لنهب المال العام من خلال تغيير إدارة المصرف ومحافظه، وقال "لن نسمح باستمرار ضخ أموال الثروة الليبية وإيصالها إلى يد أشخاص جاءوا إلى السلطة بطريقة مشبوهة"، محذرا من أن المساس بالمصرف ومحافظه في الوقت الحالي قد يهدد استقرار المؤسسة النقدية في ليبيا وتعاملاتها الدولية.
وفي تطور جديد، نقلت وسائل إعلام ليبية مقربة من مجلس النواب إعلان مجلس أعيان منطقة الواحات بحوض النفط والغاز في الجنوب الشرقي عن عزمه إغلاق الحقول النفطية في منطقتهم. ووفقا لذات الوسائل الإعلامية فإن مجلس أعيان الواحات قرر استمرار الإغلاق، مشيراً إلى أن هذه الخطوة جاءت "ردًا على محاولة السيطرة على مصرف ليبيا المركزي بالقوة والاستفراد بالأموال لتعطيل التنمية".
وخلال الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة، شهدت طرابلس تحشيدات عسكرية كبيرة، وسط توتر أمني عال، على خلفية انقسام مواقفها حيال قرار تغيير مجلس إدارة المصرف والمحافظ الصديق الكبير، بين موالية للأخير وأخرى موالية للمجلس الرئاسي، قبل أن يخرج وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، ليل الأمس، ليعلن إتفاق جميع قادة التشكيلات المسلحة في طرابلس على النأي عن الاختلاف القائم حول قرار تغيير إدارة المصرف وترك الأمر للمجلس الرئاسي كونه شأناً إدارياً.
وفي خضم التحشيدات، أصدرت البعثة الأممية بياناً أعربت فيه عن قلقها بشأن التقارير حول تحشيد القوات في العاصمة طرابلس و"التهديد باستخدام القوة لحل الأزمة المحيطة بمصرف ليبيا المركزي"، مشيرة إلى أنها تجري اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف للتهدئة والتوصل إلى اتفاق سلمي لحل الأزمة. وفيما أكدت البعثة أنه "لا مناص من الحوار حلاً وحيداً لجميع القضايا الخلافية"، فقد اعتبرت أن "هذه التحركات لا يمكن أن تُنتج حلاً مقبولاً أو عملياً للأزمة الحالية أو للجمود السياسي الذي طال أمده، بل ترى فيها سبباً إضافياً يفاقم الأزمة ويقلل من فرص التوصل إلى حل سياسي".
وشاركت سفارات الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وفرنسا لدى ليبيا بيان البعثة الأممية، ودعوة الأطراف الى الانخراط في حوار جاد من أجل التوافق وإنهاء الجدل حول المؤسسة المصرفية، لما للأمر من عواقب وخيمة على سلامة المؤسسة الحيوية واستقرار البلاد، فضلاً عن التأثيرات الخطيرة المحتملة على موقف ليبيا في النظام المالي الدولي.