متى يُغلق لبنان صفحة رياض سلامة؟

16 مارس 2023
قاضية لبنانية تدهم مقر مصرف لبنان بحثا عن رياض سلامة/ حسين بيضون/ العربي الجديد
+ الخط -

حتى صباح أمس الأربعاء، كان السؤال الذي يشغل بال قطاع كبير من اللبنانيين هو: من يحمي رياض سلامة (72 عاماً) حاكم البنك المركزي والمتهم بارتكاب جرائم فساد مالي، منها الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي.

كذلك، هناك شبهات حول تورط محافظ البنك في مساعدة ساسة وزعماء طوائف لبنانيين على تهريب أموالهم إلى الخارج، خصوصاً في الفترة التي سبقت مباشرة إعلان الدولة الإفلاس رسمياً، بل ولعب دور كبير في الانهيار المالي الذي تشهده الدولة منذ عام 2019 وحتى الآن، وتهاوي الليرة ومعها الاحتياطيات النقدية، وتكبد القطاع المصرفي خسائر تتجاوز 130 مليار دولار.

كذلك يجري التحقيق مع سلامة وشقيقه في لبنان وخمس دول أوروبية منها فرنسا على الأقل، وهذا وحده كفيل بإزالة الرجل من موقعه الذي يقبع فيه منذ 30 سنة إذا ما ثبتت إدانته في الجرائم المنسوبة إليه.

متى يسقط الرجل، ومتى تغلق صفحة أطول محافظ للمصرف المركزي اللبناني، وتبدأ إجراءات محاكمته على التهم المنسوبة إليه؟

لكن مع حلول ظهر أمس الأربعاء تغير السؤال من: "مَن يحمي رياض سلامة؟" إلى: "متى يسقط الرجل، ومتى تغلق صفحة أطول محافظ للمصرف المركزي اللبناني، وتبدأ بعدها إجراءات محاكمته بشكل جدي على الجرائم التي ارتكبها بحق المواطن والاقتصاد والقطاع المصرفي والمودعين، بل بحق الدولة اللبنانية التي بات إحدى أدوات تلطيخ سمعتها داخلياً وخارجياً؟".

صباح أمس الأربعاء، كان من المقرر أن يحضر رياض سلامة جلسة الاستجواب التي حُددت له بوجود وفد قضائي أوروبي ترأسه القاضية الفرنسية أود بورسي، للاستماع إليه في التهم الموجهة له، لكنه لم يحضر.

بعدها تطورت الأحداث سريعاً، فقد طلبت وزارة العدل اللبنانية، من القضاء، توقيف سلامة وشقيقه ومساعِدته، وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية، لمنعهم من التصرّف بها، حفاظاً على حقوق الدولة.

كذلك تقدّمت الدولة اللبنانية، ممثلةً برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل، بادعاء بحق سلامة، وشقيقه للتحقيق في الجرائم المنسوبة إليهما، ومنها الرشوة وغسل الأموال والإثراء غير المشروع.

وطلبت جهات قضائية في الدولة إصدار قرار في حقهم، تمهيداً لمحاكمتهم أمام محكمة الجنايات في بيروت لإنزال أشد العقوبات، لخطورة الجرائم المدّعى بها في حقهم.

هل تخلت الدولة عن حاكم مصرف لبنان القابع في موقعه منذ 1993، وهل تخلت معها النخبة السياسية عن الرجل في ظل الانهيار المالي المتسارع؟

وبالفعل حضر رياض سلامة اليوم الخميس إلى قصر العدل للمثول أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت الذي يستمع اليه بحضور وفد قضائي أوروبي في التهم الموجهة اليه بجرائم عدة منها الاختلاس وتبييض الأموال والاثراء غير المشروع.

تحرك الدولة اللبنانية ظهر أمس واليوم الخميس، والخطوات الأخيرة التي اتُّخِذَت بحق رياض سلامة، أثارت علامات استفهام، في مقدمتها: هل تخلت الدولة أخيراً عن حاكم مصرف لبنان القابع في موقعه منذ العام 1993؟

وهل تخلت معها النخبة السياسية عن الرجل في ظل الانهيار المالي المتسارع وتهاوي الليرة غير المسبوق؟ وهل سيتم إلقاء القبض على سلامة في نهاية تحقيقات اليوم؟

موقف
التحديثات الحية

أهمية تلك الأسئلة وغيرها تأتي في ظل ظرف محلي وخارجي حساس، فمصارف لبنان تغلق أبوابها ودخلت في إضراب، ولا سقف لتهاوي الليرة، ولا بادرة أمل في حماية أموال المودعين وردها، ويبدو أن هناك إصراراً أوروبياً على محاكمة الرجل.

قلت في مقالات سابقة إن رياض سلامة بات عبئاً على الدولة اللبنانية وقطاعها المصرفي وسمعتها الخارجية، وطالبت بتحرك الجهات المسؤولة لعزله، بسبب المخاطر الشديدة الناتجة من بقائه في منصبه.

كان لأطراف نافذة في الدولة اللبنانية رأي آخر في محاكمة وعزل محافظ مصرف لبنان، حيث دافعوا عنه وحموه بكل قوتهم، رغم الملاحقات القضائية

لكن كان لأطراف نافذة في الدولة رأي آخر في محاكمة وعزل محافظ مصرف لبنان، حيث دافعوا عن سلامة وحموه بكل قوتهم، رغم الملاحقات القضائية المحلية والخارجية، ولمَ لا؟ فقد ساعدهم في تهريب أموالهم إلى الخارج طوال سنوات طويلة، وفي الإفلات من العقاب عن الجرائم التي ارتكبوها بحق العملة المحلية والمودعين والقطاع المصرفي الذي تراجعت درجة ثقة العالم الخارجي والمواطن اللبناني به.

لبنان مطالَب اليوم قبل الغد بإغلاق ملف رياض سلامة، والبحث عن محافظ جديد لمصرف لبنان، لعل يساعد في وقف التهاوي المالي والاقتصادي للدولة، ويحمي أموال المودعين، ويعيد الثقة إلى القطاع المصرفي.

المساهمون