متى تتوقف الإمارات عن شراء أصول مصر؟

05 مارس 2024
مقر البنك المركزي المصري (Getty)
+ الخط -

لا يمر أسبوع واحد حتى يتم الإعلان عن استحواذ الإمارات على أصل ثمين في مصر، بل وربما يتم خلال الأسبوع الواحد الإعلان عن ابرام عدة صفقات لصالح شركات إماراتية يتم بموجبها شراء واحد من الأصول المصرية، سواء كانت في القطاع الطبي كالمستشفيات ومعامل التحاليل أو الفنادق التاريخية والعقارات والبنوك والمؤسسات المالية ومحطات الوقود والأراضي.

وامتدت عملية الاستحواذ للفضائيات ووسائل الإعلام وشركات الاتصالات الكبرى، وحتى قطاع الدخان لم يسلم من الصفقات الإماراتية الكثيفة، حيث استحوذت شركة إماراتية على حصة رئيسية من أسهم شركة الشرقية للدخان، وهي أكبر شركة لإنتاج الدخان في منطقة الشرق الأوسط. 

أمس تم الكشف عن تلقى صندوق مصر السيادي عرضا من شركة إماراتية للاستحواذ على حصة 40% من شركة مصر لتأمينات الحياة المملوكة للدولة والأكبر في هذا القطاع بالسوق المحلية.

ولمن لا يعلم، فإن شركة مصر لتأمينات الحياة تعد أقدم شركات التأمين المصرية وهي واحدة من أهم شركات التأمين في منطقة الشرق الأوسط.

وقبلها مباشرة تم الكشف عن صفقة رأس الحكمة، والتي بمقتضاها اشترت الإمارات واحدة من أجمل المناطق في مصر في صفقة غامضة من حيث التوقيت والقيمة، حيث بلغت قيمتها 35 مليار دولار يتم سدادها خلال شهرين فقط.
وهذا الأسبوع أعلنت هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في مصر عن تخصيص قطعة أرض مساحتها 157 فدانا بمنطقة حدائق الأندلس بالقاهرة الجديدة لشركة إماراتية لإقامة نشاط عمراني متكامل بكلفة 60 مليار جنيه.

ومع اندلاع أزمة سوق الصرف في مصر في بداية عام 2022 اقتنصت الإمارات حصة رئيسية في أفضل 5 شركات مصرية، منها أكبر بنك خاص هو البنك التجاري الدولي، وشركة فوري، في صفقة بلغت قيمتها نحو ملياري دولار.

وبالإضافة إلى امتلاك حصص في بنوك مصرية، تمتلك الإمارات في مصر وبشكل مباشر 5 بنوك، وهي حصة كبيرة بالنظر إلى حساسية القطاع المصرفي الذي يتولى إدارة أموال المودعين، وخاصة أن أصول البنوك الخمسة تتجاوز 500 مليار جنيه.

وفي قطاع الموانئ بالغ الحساسية، فإن المال الإماراتي له صوت عال وصفقات لا تتوقف، أذكر منها فوز تحالف شركات موانئ أبوظبي بصفقة تنفيذ مشروعات في عدد من موانئ البحر الأحمر، تشمل إدارة وتشغيل أرصفة ومحطات السفن السياحية في موانئ شرم الشيخ والغردقة والسخنة.

وفي ديسمبر/ كانون الأول منحت مصر الإمارات حق إدارة وتشغيل ميناء سفاجا لمدة 30 عاماً، ووقعت حكومة مصر اتفاقية مع مجموعة موانئ أبوظبي لتشغيل وصيانة محطة "سفاجا 2" متعددة الأغراض بالميناء. وللإمارات وجود قوي في عدد من الموانئ المصرية، منها العين السخنة والبحر الأحمر وشرم الشيخ.

وجديد صفقات الإمارات هذه الأيام هو دخول الجانب الإماراتي في مفاوضات مع الجانب المصري لشراء عدة شركات وأصول، منها المحطات المملوكة للشركة الوطنية لخدمات البترول، المملوكة للجيش والمالكة لعدد كبير من محطات الوقود، بعد طرحها للمستثمرين من جانب صندوق مصر السيادي.

وعلى مدى السنوات العشر الماضية توسعت شركات وبنوك وصناديق استثمار إماراتية حكومية وخاصة في شراء أصول مصرية بشكل ملحوظ، امتدت عملية الشراء لكل القطاعات والأنشطة الاقتصادية، وباتت الشركات الإماراتية تحتكر بعض القطاعات الحيوية والحساسة سواء للاقتصاد أو للمواطن، مثل القطاعين الصحي والمالي وقطاع التعليم.
وعلى مستوى الاقتصاد الكلي بات الوجود الإماراتي داخل القطاع المصرفي المصري ملحوظاً وبقوة، واستطاعت بنوك إماراتية عدة شراء العديد من البنوك المملوكة لعرب وأجانب في مصر.

أما بالنسبة لأشد القطاعات حساسية لدى المواطن، وهو القطاع الطبي أو الرعاية الصحية، فتستطيع أن تحصي عشرات المستشفيات ومعامل التحاليل الكبرى التي استحوذت عليها شركات إماراتية في السنوات الأخيرة.

الملفت هنا أن الإمارات تسارع الخطى للاستحواذ على حصص وأصول مصرية في الوقت الذي تتخذ فيه مواقف يراها البعض تهديدا مباشرا للأمن القومي المصري، سواء في السودان عبر دعم قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، أو دعمها إثيوبيا في ملف سد النهضة وتقديم دعم مالي ضخم للاقتصاد الإثيوبي، أو دعم مشروعات التطبيع مع دولة الاحتلال والتي تمثل تهديداً مباشراً لمشروعات مصرية كبرى، منها قناة السويس وخط سوميد، وكذلك في ملفات إقليمية أخرى.

التركز خطر حتى لو كان في الاستثمارات وتدفق الأموال وشراء الأصول، ولنأخذ العبرة من دول كبرى مثل الولايات المتحدة وألمانيا وغيرها، والتي ترفض عروضاً أجنبية لشراء جزء من أصول حساسة فيها، وأبرز مثال على ذلك رفض عروض الصين شراء موانئ وقطاعات إنتاجية في الولايات المتحدة وأوروبا.

المساهمون