متسلحين بالحِرَف... جامعيون يحاربون البطالة في السودان

17 فبراير 2023
ظروف معيشية قاسية جداً يكابدها السودانيون هذه الأيام (أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -

اتجه خريجو الجامعات السودانية إلى الأعمال الحرفية بعيداً عن تخصصاتهم من أجل مواجهة البطالة التي تفاقمت بشكل كبير في البلاد.

وفي الأسواق الرئيسية بالعاصمة الخرطوم وفي الولايات توجد أماكن تجمعات معروفه للحرفيين يقصدونها كل صباح عارضين أدواتهم ومعداتهم المميزة لهم ليصلحوا الأعطاب الصغيرة ويقوموا بالأعمال المختلفة من كهرباء وتوصيلات وحفر وإصلاح صنابير المياه التالفة وغيرها.

ويعرض الحرفيون ومنهم جامعيون معداتهم في الشوارع رغم الشمس الحارقة، فالحياة تتطلب صراعا يوميا من أجل البقاء وكسب الرزق الحلال حسب جامعيين لـ"العربي الجديد".
وزادت نسبة البطالة بين الشباب في السنوات الأخيرة، حسب إحصائية رسمية إلى 40%. وسجل عدد العاطلين 69201 خريج متعطل بنسبة 40% من إجمالي الخريجين في الأعوام الثلاثة الأخيرة البالغ عددهم 101552 من الذكور والإناث، وفق البيانات الرسمية.

ومن الجاميعيين الذين اقتحموا هذا المجال، أحمد العركي، الحرفي المتخصص في الأعمال الكهربائية، وهو خريج هندسة ميكانيك من جامعه الخرطوم، تلقى دورة تدريبيه قصيره بإحدى الشركات ثم قدم أوراقه ومؤهلاته للتوظيف في عدد من المؤسسات ولكنه لم يحصل علي فرصة عمل، فدخل في عالم الأعمال الحرفية عوضا عن البقاء عاطلا.

وقال العركي لـ"العربي الجديد" إنه يعمل في مجال توصيلات الكهرباء منذ خمس سنوات بعد تخرجه، موضحا أن العمل في هذا المجال وخارج تخصصه أفضل من البقاء بلا عمل وسط ظروف معيشيه طاحنه وغلاء لا يرحم أحدا.

ويحلم العركي بالحصول علي وظيفه ثابتة في يوم ما حتى يستفيد مما درسه وتعلمه بصوره أفضل، مشيرا إلي أن هناك ندرة في فرص العمل المناسبة لشباب الخريجين.
وحول مجال عمله، يقول الشاب السوداني: الطرق الشائعة للحصول على أعمال في هذه المجال هي الهاتف أو عبر المعارف. ويشير إلى وجود شبكة متعاملين غالباً ما يرجعون إليهم عند الحاجة لتوفير الأعمال الحرفية المختلفة.

ويشكو من أن بعض راغبي الخدمة يستغلون الظروف المعيشية الصعبة ويدفعون مبالغ ضئيلة جدا حيث يتقبل البعض العمل مرغما.

أحمد إبراهيم شاهين قال لـ"العربي الجديد" إنه منذ فترة كبيرة يعمل في مهنة السباكة، مضيفا أنه في ذلك الوقت كانت مهنة ذات مدخول معتبر وعائد مجز والعمل ليس مرهقا لكنه يحتاج إلى الصبر والتجويد، ولكن تغير الحال في الفترة الأخيرة مع تراجع دخول المواطنين. وعن دخل من هذه الحرفة يرى شاهين أن الفرص المتوفرة متفاوتة وليست بشكل يومي.

وفى ذات الاتجاه يشير إلى الصعوبات التي تواجههم كحرفيين وتتمثل بالدرجة الأولى في ضيق المساحة التي تحاذبي الطريق الرئيس الذي ينتشرون حوله، كما أن سائقي بعض المركبات يتخذونه موقفا لهم ما يحجب عنهم الرؤية ويجعلهم منزوين خلف صفوف تلك المركبات.

ويرى فني النقاشة محمد عبد القادر أن العمل يحتاج إلى المهارة والدراية بجانب الصدق والأمانة. ويوضح أن بعض الحرفيين من المزاولين للحرفة وتحت ضغط عدم توفر فرص عمل يقوم باستلام العمل في مجال لا يجيده.

ويقول اقتصاديون إن مشكله البطالة ممتدة منذ سنوات، إلا أنها تفاقمت خلال الفترة الأخيرة بسبب عدم الاستقرار وتدهور مختلف القطاعات الاقتصادية.

وطالب الخبير الاقتصادي محمد توفيق في حديثه لـ"العربي الجديد" الحكومة بأن تعي خطورة البطالة، قائلا: يجب أن تولي مؤسسات الدولة اهتماماً كبيراً في إيجاد المعالجات الجذرية لخفض معدَّلات البطالة بصورة عاجلة.

وأشار إلى أن التعليم أنتج عددا ضخما من الخريجين وهذا أمر جيد لأن الشباب المتعلم أفضل، ولكن لابد أن تكون مخرجات التعليم متوافقة تماماً مع سوق العمل.

وأكد على أهمية تدريب الشباب على المهن المختلفة كأحد الحلول المهمة لتقليص البطالة.

المساهمون