مبيد حشري فاسد يقضي على أحلام المزارعين في إدلب

03 ابريل 2023
مخيم نازحين سوريين في إدلب في سورية (الأناضول)
+ الخط -

يتجول الحاج السبعيني أبو أحمد في حقله بريف سلقين، شمال غرب سورية، يعاين الأشجار التي يكسوها الذبول بعد أن كانت وارفة الظلال قبل يومين، يتلمس أوراقها التي أوشكت على اليباس يفركها بيده ثم يلقيها أرضاً فلم يعد لديه ما يفعله لإنقاذها.

أبو أحمد واحد من عشرات المزارعين الذين يخسرون مواسمهم نتيجة خلل في تركيبة أحد المبيدات الحشرية التي يستعملونها في هذا الوقت من العام.

يقول أبو أحمد لـ"العربي الجديد": مع انتهاء موسم الزهر في الأشجار المثمرة وبدء عقد الثمار، يعمد المزارعون لتحصين أشجارهم ورشها وقائياً بمبيدات حشرية تمنع الحشرات من الاقتراب من عقد الثمار الصغيرة، وتتكرر هذه العملية عدة مرات حتى توشك الثمرة على النضوج، لكن هذا العام لن تكون هناك ثمار ناضجة، فقد ذبلت الأشجار بعد رشها ولم نعرف السبب الرئيسي بعد.

استعمل أبو أحمد مبيداً حشرياً يحمل الاسم التجاري "DELTA FILDE"، وبعد الرش بساعات بدأت علامات الذبول تظهر على أشجار الخوخ والجارنك. راجع أبو أحمد الصيدلية الزراعية مصطحباً بعض الأغصان لكن المهندس الزراعي أخبره بأن الأشجار متأثرة بالمبيد الذي تم استعماله ولا يوجد دواء يمكن أن يحل المشكلة.

للوهلة الأولى توقع أبو أحمد أن يكون قد أخطأ في خلط النسب الصحيحة، إلا أن الأخبار بدأت بالتوارد من الأصدقاء والجيران الذي تحدثوا عن الحالة نفسها في حقولهم.

عبد الله الإدلبي، مزارع آخر من سلقين ذبل حقله المزروع بأشجار اللوز بعد رشه بالمبيد ذاته. يقول عبد الله لـ"العربي الجديد"، إنه دقيق جداً باستعمال الأدوية والمبيدات الحشرية ولا يستعملها إلا ضمن النسب الموصى بها، وقد جزم منذ اللحظة الأولى بأن الدواء غير سليم رغم أنه يحمل ختم نقابة المهندسين الزراعيين.

كافة الحقول التي أصيبت بالذبول استعمل أصحابها الدواء نفسه، وهي حادثة جديدة لم يعهدوها من قبل. تواصلت مجموعة من المزارعين مع نقابة المهندسين الزراعيين لكنهم لم يجدوا أجوبة عن تساؤلاتهم.

تباينت نسبة الأضرار في الحقول، وفقاً لمن تحدثنا معهم، بحسب توقيت الرش، وحسب تركيز الدواء في الخلطة، إذ ظهرت علامات ذبول الأوراق على بعض الحقول، بينا تطور الأمر لمرحلة اليباس وتساقط أوراق الشجر في حقول أخرى.

يقول الحاج أبو أحمد إنه لن يجني أي حبة ثمار من أشجاره هذا العام، حيث بدأت الثمار بالذبول والتساقط، فصغر حجم الحبة يضعف مقاومتها ويجعلها عرضة أكثر للتأثر بالمبيد، بينما سعى المزارع أبو سليمان لتدارك الوضع عبر غسل الأشجار بالمياه للتخفيف من تركيز الدواء على الأشجار إلا أن العملية لم تكن ذات جدوى وسيكون مصير أشجاره مشابها لمصير من سبقوه.

من جانبه، يرى محمد غفير، رئيس دائرة الحجر الزراعي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الدواء المستعمل هو مبيد حشري "ملامسة" ويستعمل طيلة فترة السنة للقضاء على الحشرات التي تسبب الضرر لأزهار الأشجار المثمرة (حشرة المن والذبابة البيضاء)، كما يستعمل للنباتات في فترة الإزهار. وقد تأثرت حقول المزارعين بعد استخدام هذا المبيد لأن المادة الحاملة للمبيد كانت عالية التركيز وتحتوي على مواد قابلة للاشتعال، ما أدى لإتلاف الأشجار.

ويؤكد غفير أن جميع المواد الزراعية التي تدخل إلى المنطقة تخضع عادة للرقابة ويتم أخذ عينات منها للتأكد من مطابقتها للمواصفات، وخلال تلك الفترة لا يسمح بتداولها في الأسواق إلا بعد أن يصدر قرار من دائرة الحجر الزراعي بتداولها، لكن المهندس غفير لم يحدد سبب وجود هذه المادة في الأسواق، وإذا ما كان الخلل في التركيبة نفسها أو بطريقة تخزينها وخلطها.

المساهمون