في ظل أزمة نقص العملة الأجنبية الطاحنة التي تمر بها مصر، ومع خسارة حوالي 50% من عائدات قناة السويس وتراجع السياحة وانخفاض تحويلات المصريين بالخارج بحوالي 30%، لجأت السلطات والأجهزة الأمنية إلى شن حملات مكثفة على السوق الموازية، وصلت إلى حد نصب كمائن أمنية لتفتيش سيارات ومتعلقات المواطنين، وعمل قضايا بمبالغ ضئيلة، وهي الظاهرة التي أطلق عليها المصريون "كمائن الدولار".
الظاهرة انتشرت بشكل كبير مؤخراً في إطار تمهيد السلطات والإعلام المحلي لتعويم أو تحريك سعر مترقب للجنيه، وروج لها الإعلام باعتبارها انتصارات كبيرة على تجار العملة. رصد الظاهرة آلاف المصريين، وتناولوها بالتفاعل والنقد والتحذير على مواقع التواصل، خوفا من تفاقم أزمة الدولار، ومن فشل كل الحملات الأمنية السابقة.
الفنان عمرو واكد عبر عن صدمته من انتشار الظاهرة، وقال: "سمعت أنهم في مصر بقوا بيمسكوا الناس اللي بتسحب دولاراتها من البنوك. لما كتبت في الصيف اللي فات كنت فاكر أنهم هيمتنعوا عن دفع الدولارات لأصحابها، إنما يديله الدولارات بتاعته وبعدها يقبض عليه ويصادر الدولارات دي عاهة لم أتخيلها الصراحة".
وقص محمد الشريف كشاهد عيان ما رآه، وكتب: "شفت بعيني كمين دولارات في مدخل الشيخ زايد من الصحراوي، واخدين 5 سيارات خاصة على جنب الطريق وفاتحين الأبواب والشنط وبيفتشوا حقائب ومحافظ وأوراق الناس. الضابط شاورلي امشي فسألته هو في إيه؟ قال لي بنأمن الطريق".
واعتذر راجي الذي يتمتع بخبرة في مجال البنوك لمتابعيه، وسرد الأسباب بالقول: "بعد حادث القبض على ناس من على أبواب البنوك لسحبهم دولارات من حساباتهم البنكية ومصادرتها، أنا باعتذر لكل واحد على تويتر وسألني في يوم فلوسي بأمان في البنك وجاوبت بأن فلوسك بأمان وما تخاف".
وأضاف: "وباعتذر كمان لمحمود وهبة لما اتخانقت معاه لما طلب من الناس تسحب فلوسها بالعملة الأجنبية من البنوك، أنا لم أضلل أحداً، أنا كنت فاكر بسذاجتي وبعد خبرة 25 سنة بالبنوك أن البنوك هي القلعة الأخيرة التي لن تسقط نتيجة الحكم العسكري. آسف ليكم جميعا واللعنة على اليوم الأسود اللي فقدنا فيه الثقة بالبنوك وبتبلغ عن العملاء بتوعها للشرطة لما يسحبوا دولارات".
وتواجه مصر تحديات اقتصادية جمّة، تتمثل بصورة أساسية في ندرة العملة الأجنبية، ما ضغط على الجنيه، واضطر البنك المركزي المصري إلى خفض قيمته تدريجياً، اعتباراً من شهر مارس/آذار 2022. وفقدت العملة المصرية أكثر من نصف قيمتها منذ ذلك التاريخ في السوق الرسمية، بينما كان الانهيار أكبر كثيراً في السوق الموازية.
ويتجاوز متوسط سعر الدولار في السوق غير الرسمية 60 جنيهاً مصرياً، مقارنة بنحو 30.95 جنيهاً في البنوك الرسمية. وتحاول الحكومة المصرية منذ مدة الحد من التعاملات في السوق الموازية، حيث اعتبرت تلك التعاملات سبباً رئيسياً في استمرار وضع العملة المصرية تحت ضغوط، وأيضاً في تقويض ثقة المصريين والأجانب بالجنيه.
وتعليقاً على خبر القبض على أحد رجال الأعمال وفي حوزته نصف مليون دولار، والذي انتشر بقوة على المواقع المؤيدة كباقي الأخبار التي انتشرت بقوة لتسويق الظاهرة باعتبارها إنجازاً للأجهزة الأمنية للسيطرة على السوق الموازية، كتبت داليا جميل: "رجل أعمال ومعاه دولارات فين القضية؟ مش فاهمة يعني أنتوا بتخربوا البلد وبتطفشوا الناس!".
وحذر الكاتب إسماعيل حسني من عواقب الخطوة الأمنية قائلاً: "ما الذي يحدث في وادينا.. لا يوجد قانون يمنع حيازة الدولارات. الكمائن الدولارية لن تحل المشكلة بل سوف تزيد الطينة بلة وستجعل الدولار يتوحش ويطير في السما".
أيضاً تساءل خالد العشري عن كيفية تحري أجهزة الأمن لمعرفة تجار العملة من رجال الأعمال، وكتب: "طيب بتعرفوا اللى رايح يودعهم في البنك عشان يستورد ويفتح اعتماد من اللي بيتاجر في العملة منين؟ يبقى بيتحرك بموظف البنك في شنطة العربية؟".
واليوم الجمعة، أعلن مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، عن إتمام الاتفاق مع الإمارات على إقامة مشروع ضخم في منطقة رأس الحكمة، التي تبعد نحو 350 كيلومتراً شمال غرب القاهرة على ساحل البحر المتوسط، في صفقة تدر على مصر 35 مليار دولار خلال الشهرين القادمين، وما يقرب من 150 مليار دولار على مدار فترة تنفيذ المشروع، في صورة استثمارات أجنبية مباشرة، ما يمكن أن يعزز الاقتصاد المصري المأزوم، ويساعد في تخفيف أزمة النقد الأجنبي.