استمع إلى الملخص
- **استقبال الأسواق لترشيح هاريس**: لم تتأثر الأسهم الأميركية بشكل كبير، لكن حملة هاريس جمعت 1.4 مليون دولار، مما يشير إلى دعم قوي من الحزب الديمقراطي، رغم أن الأسواق تراهن على فوز ترامب.
- **التأثيرات الاقتصادية والسياسية المحتملة**: تتوقع الأسواق أن تواصل هاريس سياسة التضييق على الصين، مما يؤثر على العلاقات التجارية، وقد يؤدي تقدمها إلى تفكيك "تجارة ترامب" وسحب عائدات السندات الأميركية، مما يكون إيجابياً للذهب.
بات السؤال المطروح داخل أسواق المال الأميركية والعالمية هو: هل يمكن أن تنقذ المرشحة الرئاسية كامالا هاريس الحزب الديمقراطي من هزيمة محققة أمام دونالد ترامب، كما نجحت مثل هذه التغييرات في أستراليا حيث فاز مالكولم تورنبول بالانتخابات الفيدرالية لعام 2016 بعد أن حل محل توني أبوت، وفاز سكوت موريسون في عام 2019 بعد أن حل محل تورنبول؟
وفق تحليل في صحيفة نيويورك تايمز يوم 24 يوليو/تموز الجاري، بينما كان بايدن يخسر في استطلاعات الرأي، تشير استطلاعات مجلس الشيوخ الأميركي في الولايات المتأرجحة مثل بنسلفانيا ونيفادا وويسكونسن وميشيغان وأريزونا إلى أن المرشحين الديمقراطيين يفوزون، ويحققون أداء أفضل بكثير من بايدن.
على الصعيد الاقتصادي ليس لدى هاريس تاريخ في إدارة السياسة الاقتصادية، خاصة الملفات الكبيرة، ولكنها تستفيد في حملتها الانتخابية من تراجع معدل التضخم الذي انخفض بنسبة 0.1% بعد أن ظل دون تغيير في مايو/أيار الماضي، وانخفاض التضخم لمدة 12 شهراً إلى 3%، وهو أدنى مستوى له منذ يونيو/حزيران 2023.
ووفق "نيويورك تايمز"، يقول مسؤولون، إن هاريس انجذبت نحو عدد قليل من القضايا الاقتصادية المختارة، والتي تطورت على مدى السنوات القليلة الماضية، إذ كانت من أوائل المدافعين عن الإعفاء الضريبي الموسع للآباء، إلى جانب مجموعة من المقترحات لرعاية الأطفال والإجازات مدفوعة الأجر وغيرها من سياسات اقتصاد الرعاية الاجتماعية.
كما شملت مجالات تركيز المرشحة هاريس على مساعدة الشركات الصغيرة في الوصول إلى رأس المال وتنشيط المجتمعات الريفية والحضرية التي كان أداؤها سيئاً في العقود الأخيرة. وقادت المرشحة الرئاسية إنشاء مجموعة تسمى "تحالف الفرص الاقتصادية"، والتي تسعى إلى جذب عشرات المليارات من الدولارات من رأس المال الاستثماري إلى المجتمعات الملونة في الولايات المتحدة، كما أنها دعمت النقابات العمالية. ومن ثم ربما تكسب هاريس أصوات النساء والجماعات الملونة والنقابات العمالية، وهذا ما رفع شعبيتها في استفتاءات الرأي. ويرى محللون أن سياستها الاقتصادية في حال فوزها ستكون مكملة لسياسة جو بايدن إلا أنها تميل قليلاً إلى اليسار.
كيف استقبلت الأسواق ترشيح كامالا هاريس وما هو برنامجها الاقتصادي؟
يلاحظ أنه حتى الآن لم تتأثر الأسهم الأميركية إلا طفيفاً بأخبار تخلي الرئيس جو بايدن عن إعادة انتخابه ودعم نائبته كامالا هاريس لتحل محله. وعلى الرغم من أن هاريس بصفتها مرشحة ديمقراطية غير مضمونة، لكن التأييد وأموال الحملة الانتخابية بدأت تتراكم عليها. وفي تقرير لصحيفة ذا هيل بواشنطن مساء السبت الماضي، تمكنت هاريس في أول حملة لجمع التبرعات من حشد أكثر من 800 شخص في ماساتشوستس: وقالت "نحن المستضعفون وأمامنا معركة، ولكن هذه حملة مدعومة من الناس ولدينا زخم".
ومن المتوقع أن تجمع هاريس أكثر من 1.4 مليون دولار من حملة جمع التبرعات تلك، وفقاً لوكالة أسوشييتد برس يوم السبت.
وكان من المتوقع أن تجمع حملة جمع التبرعات ما يقرب من 400 ألف دولار فقط عندما كان الرئيس بايدن لا يزال المرشح الديمقراطي للرئاسة. وهذا واحد من الأدلة التي تشير إلى أنها تحظى بدعم قوي من الحزب الديمقراطي يجعل منها المرشح المؤيد في مؤتمر الحزب الديمقراطي المقرر عقده في 19 أغسطس/ آب المقبل. وقالت في أول هجوم شرس على ترامب، "دعونا لا نخطئ. هذه الحملة لا تتعلق فقط بنا ضد دونالد ترامب، بينما نكافح من أجل دفع أمتنا إلى الأمام، ينوي دونالد ترامب أن يعيد بلادنا إلى الوراء".
على صعيد الملفات المهمة، يلاحظ أن هذه الانتخابات الرئاسية يتم خوضها على أساس الملفات الاقتصادية الكبرى، وعلى رأسها ملفات التضخم والتجارة والصناعة النفطية وإدارة العلاقات التجارية والتقنية مع الصين.
يقول اقتصاديون في هذا الشأن، من غير المعروف للمرشحة هاريس سياسة اقتصادية واضحة حول التعامل مع المواضيع الرئيسية مثل التضخم والاقتصاد الكلي، وربما تعتمد سياسات جو بايدن خلال سنواته في الحكم. ومن ثم يقول تحليل في صحيفة ذا هيل: لا تزال الأسواق لدى موقفها تراهن على فوز ترامب بدليل الزخم الذي تجده أسهم ما يسمى بـ" تجارة ترامب". وتجارة ترامب هي في الأساس تعني شراء الأسهم التي يعتقد المستثمرون أنها ستستفيد من سياسات المرشح الجمهوري ترامب، مثل أسهم الطاقة وأسهم البنوك.
ورغم أن اختيار المرشحة هاريس أفضل اختيار ديمقراطي وربما يكون قد أدى إلى تضييق السباق على انتخابات الرئاسة، لكن "مع استمرار ترامب في المركز الأول، تعتقد الأسواق أن "تجارة ترامب" ستظل قائمة"، ومن ثم ربما يؤدي اختيار هاريس إلى عدم تمكن الجمهوريين من نيل الأغلبية في الكونغرس الأميركي.
على مستوى الأسهم الأميركية أظهرت استطلاعات سابقة أن ترامب يتقدم بسبب انخفاض معدلات تأييد هاريس. ومع ذلك، أظهر استطلاع جديد أجرته رويترز/إبسوس أن كامالا هاريس تتقدم على ترامب بنسبة 44% مقابل 42%. ومن الجدير بالذكر أن استطلاعات الرأي السابقة غالباً ما كانت تزيد من تمثيل الناخبين الديمقراطيين، ولا تزال استطلاعات الرأي الأخرى تشير إلى وجود فرصة أكبر لفوز ترامب.
كما أن الاتجاه الصعودي الحالي لسوق الأسهم مدفوع دفعاً أساسياً بأرباح الشركات القوية، خاصة المدرجة في مؤشر S&P 500، الذي يسجل أعلى نمو في الأرباح منذ سنوات. ومع ذلك، حتى مع النتائج الجيدة، يمكن أن تنخفض الأسهم مثل Alphabet حيث تؤدي توقعات المستثمرين المرتفعة إلى جني الأرباح. ويراهن المستثمرون على أن برنامج ترامب الخاص بخفض الضرائب على الشركات والأثرياء سيقود إلى زيادة ربحية الشركات، ثم إلى انتعاش أكبر لسوق "وول ستريت" المالي، ولكن هذه السياسة ستقود إلى ارتفاع التضخم والفائدة المرتفعة، مقارنة بسياسة هاريس التي تستفيد حالياً من تراجع التضخم.
أمّا ما يخص أسهم النفط فقد تراجعت في وقت مبكر من بداية الأسبوع الماضي وسط مخاوف من أن نائبة الرئيس كامالا هاريس قد تتخذ موقفاً أكثر صرامة بشأن صناعة النفط والغاز، إذا فازت بالسباق إلى البيت الأبيض. ولاحظ محللون أن هاريس عندما كانت المدعي العام لولاية كاليفورنيا، رفعت دعاوى قضائية ضد شركات الوقود الأحفوري، ودعمت الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. وتدعم هاريس بشدة فرض حظر على أعمال التكسير الهيدروليكي.
ووفقاً لما ذكرته شركة Offshore Technology. انتقدت هاريس أيضاً التنقيب عن النفط البحري ودافعت عن معيار الوقود منخفض الكربون في كاليفورنيا. وهذا التحول المحتمل في المشهد السياسي أثار قلق المستثمرين، حيث شهدت شركات النفط الكبرى انخفاضات منذ إعلان ترشيحها للرئاسة الأميركية.
وفي ما يخص أسواق المعادن النفيسة، يتغذى انتعاش الذهب على توقعات التخفيضات المحتملة في أسعار الفائدة من بنك الاحتياط الفيدرالي. ووفق موقع غولد بيرو في تحليل يوم 23 يوليو الجاري، أصدر مصرف غولدمان ساكس، تقريراً يقترح على المستثمرين شراء الذهب للتحوط ضد التضخم إذا اكتسح دونالد ترامب والجمهوريون انتخابات عام 2024. ويعتقد غولدمان ساكس أن فوز الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس من شأنه أن يشكل المخاطر الأكثر أهمية على التضخم وعوائد السندات، الناجمة عن ارتفاع الرسوم الجمركية على الواردات، وتباطؤ الهجرة، وتشديد العقوبات على النفط الإيراني، وانخفاض الضرائب. ومن ثم لن يكون فوز هاريس في صالح الذهب الذي ربما تنخفض أسعاره.
ولكن هنالك عامل آخر يؤثر على سعر الذهب وهو أن تقدم المرشحة كامالا هاريس قد يؤدي إلى تفكيك "تجارة ترامب" وسحب عائدات السندات الأميركية إلى الانخفاض، وكلاهما عاملان إيجابيان للذهب. وأمّا الحرب التجارية المتوقعة مع الصين، فما يهم بكين في السياسة الأميركية هو موقف واشنطن من تايوان والرسوم الجمركية، ووفق صحيفة بوليتيكو في تحليل الأسبوع الماضي، ستواصل هاريس على الأرجح الدعم غير الرسمي للجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، خاصة في أعقاب التهديدات العسكرية الصينية المتزايدة. وفي سبتمبر/أيلول 2022، قالت: "سنواصل دعم الدفاع عن النفس لتايوان، بما يتوافق مع سياستنا طويلة الأمد".
وعلى صعيد السياسة التجارية يتوقع محللون أن تواصل هاريس سياسة التضييق على الصين في صادرات التقنية وربما تواصل سياسة الرسوم التجارية الحالية على المنتجات الصينية المصدرة للولايات المتحدة.