- الاستثمارات الأميركية في إسرائيل، خاصة في قطاع التكنولوجيا، تثير جدلاً بسبب قلة الشفافية وتعكس العلاقات الوثيقة بين البلدين في مجال الابتكار.
- حركة طلابية عبر جامعات أميركية تنادي بإنهاء الاستثمارات في إسرائيل، معتبرة ذلك دعمًا للاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدة على أهمية الشفافية والمسؤولية الاجتماعية في استثمارات الجامعات.
في السابع عشر من إبريل/نيسان الجاري، وبينما كانت نعمت (مينوش) شفيق، رئيسة جامعة كولومبيا الأميركية العريقة تدلي بشهادتها أمام الكونغرس الأميركي حول هتافات وصفت بأنها معادية للسامية في جامعتها، كان مئات الطلاب ينصبون خياماً للاعتصام في حرم الجامعة، داعين إياها لسحب استثماراتها من الشركات التي لها علاقات مع إسرائيل.
وفي الأيام التالية، تضامن آلاف الطلاب، من العديد من الجامعات الأميركية العريقة، مع الاحتجاجات التي أصبحت مناهضة للحرب على غزة، فيما بقي مطلب سحب الاستثمارات بنداً رئيسياً ضمن شروط التفاوض. وفي حين أن حجم الأموال التي تستثمرها الجامعات الأميركية في الشركات المتعاملة مع إسرائيل غير معروف إلى حد كبير، أظهرت قاعدة بيانات وزارة التعليم الأميركية أن الكليات والجامعات الأميركية أبلغت عن حوالي 342 مليون دولار من الهدايا والعقود من إسرائيل في الفترة من 2014 إلى 2024.
استثمارات الجامعات الأميركية في إسرائيل
وتعد استثمارات الجامعات الأميركية في إسرائيل قضية معقدة ومثيرة للجدل، وغالباً ما تفتقر إلى الشفافية الكاملة. ومع ذلك، يمكن بصورة عامة تقسيمها إلى استثمارات مباشرة، تقوم فيها الجامعات الأميركية بالاستثمار مباشرة في شركات إسرائيلية من خلال الصناديق الاستثمارية الخاصة بها، ويشمل ذلك الأسهم أو السندات أو صناديق رأس المال المخاطر التي تركز على الشركات الإسرائيلية، واستثمارات غير مباشرة، يجري فيها استثمار أموال صناديق الجامعات في شركات استثمار خارجية، يكون لديها عادة استثمارات أو حيازات في شركات إسرائيلية.
وتتعاون الجامعات الأميركية مع مؤسسات إسرائيلية في مشاريع بحثية متنوعة، وعادة ما يأتي تمويل هذه المشاريع من مصادر مختلفة، بما في ذلك المنح البحثية من الحكومة الأميركية أو المؤسسات الخاصة. ويدفع بعضهم بأن الاستثمار في إسرائيل يمكن أن يوفر عائداً ماليّاً جيداً للجامعات، مما يساعد على تمويل الأبحاث والتعليم.
ويشير هيكل الاقتصاد الإسرائيلي والمصالح الأميركية، وفقاً لما ذكرته المواقع الإلكترونية الرسمية لبعض الجامعات الأميركية، إلى أن استثمارات تلك الجامعات تتركز في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، أخذاً في الاعتبار سمعة دولة الاحتلال في هذا المجال، وتركيز الولايات المتحدة على الابتكار.
ويعد قطاع التكنولوجيا الأكثر بروزاً بالنسبة للاستثمارات الأميركية، التي لن تخلو من أموال صناديق الجامعات. وتُشكّل الشركات الأميركية ما يقرب من ثلثي مراكز البحث والتطوير التي أنشأتها شركات متعددة الجنسيات في إسرائيل، والتي يزيد عددها عن 300 مركز، وفقاً لبيانات وزارة الخارجية الأميركية عن مناخ الاستثمار في عام 2023.
وفي جامعة كولومبيا، طالب الطلاب الجامعة باسترداد استثماراتها المباشرة في الشركات التي تمارس أعمالاً تجارية في إسرائيل أو معها، بما في ذلك شركتا التكنولوجيا أمازون وغوغل العملاقتان اللتان حصلتا على جزء من عقد للحوسبة السحابية بقيمة 1.2 مليار دولار مع الحكومة الإسرائيلية؛ ومايكروسوفت، التي تستخدم خدماتها وزارة الدفاع الإسرائيلية والإدارة المدنية الإسرائيلية؛ بالإضافة إلى مقاولي الدفاع المستفيدين من الحرب، مثل شركة لوكهيد مارتن، التي أعلنت يوم الثلاثاء عن ارتفاع أرباحها بنسبة 14%.
وبالمثل، دعا الطلاب في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، إلى سحب الاستثمارات من إسرائيل في جميع المجالات، كما فعلت المجموعات الطلابية في جامعة نيويورك. ودفعت مجموعات أخرى، مثل تحالف العدالة في جامعة ييل، والمجموعات الطلابية في جامعة كورنيل، المسؤولين إلى التخلص من الاستثمارات في شركات تصنيع الأسلحة على وجه التحديد.
وتتمتع شركات مثل إنتل وسيسكو وموتورولا وأبلايد ماتريالز وهيوليت باكارد، التي عادة ما تجتذب أموال صناديق الجامعات الأميركية، بحضور كبير في إسرائيل، مما يساهم في دعم سمعة البلاد بوصفها "دولة الشركات الناشئة".
وعلى سبيل المثال، وقبيل انتصاف العام الماضي، وافقت شركة إنتل الأميركية، إحدى أكبر الشركات المتخصصة في تصنيع معالجات الكمبيوتر والشرائح الإلكترونية وغيرها من المنتجات ذات الصلة. وقدر بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، قيمة الصفقة بـ 25 مليار دولار، وقال إنها أكبر استثمار أجنبي في إسرائيل، "وتعد تعبيراً عن الثقة" في اقتصاد الدولة.
وإلى جانب التكنولوجيا، تستثمر الشركات الأميركية في مجالات متنوعة مثل التكنولوجيا الحيوية وعلوم الحياة والحلول الصحية والطاقة والمستحضرات الصيدلانية والمأكولات والمشروبات والصناعات الدفاعية والأمن السيبراني والطيران، وفقاً لبيانات السفارة الأميركية في دولة الاحتلال. وأشارت السفارة إلى أن هذه الاستثمارات تساهم في التقدم وخلق فرص العمل في جميع أنحاء الاقتصاد الإسرائيلي، وأن التعاون فيها بين الولايات المتحدة وإسرائيل قويّ، ما يدعم فكرة وجود تعرض غير مباشر لصناديق وقف الجامعات الأميركية فيها.
ويركز المطالبون بوقف استثمارات الجامعات على إشكالية أن الاستثمار في الشركات الإسرائيلية يمكن أن يدعم بشكل غير مباشر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ويعتقدون أن الجامعات يجب أن تسحب استثماراتها من الشركات التي تستفيد من الاحتلال، وبصورة خاصة بسبب ما يشوب هذه الاستثمارات من تعتيم وعدم وجود شفافية في الإعلان عن البيانات. أيضاً دعا العديد من المجموعات الطلابية إلى سحب الاستثمارات من إسرائيل، بحجة أن الجامعات لا ينبغي أن تكون متواطئة في انتهاكات حقوق الإنسان.