ما الذي يمكن توقعه من اجتماع البنك الفيدرالي الأميركي؟

12 يونيو 2024
جيروم باول رئيس البنك الفيدرالي - واشنطن 1 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- مجلس الاحتياط الفيدرالي يتوقع الحفاظ على أسعار الفائدة العالية، مع انتظار الأسواق لإشارات حول خفض محتمل للفائدة هذا العام لكن بوتيرة أبطأ مما كان متوقعًا.
- التضخم يلعب دورًا مهمًا في قرارات الفائدة، حيث يتطلب البنك الفيدرالي تأكيد انخفاض التضخم بشكل كافٍ قبل البدء في خفض الفائدة، مع التركيز على أهمية البيانات الاقتصادية المستقبلية.
- التحديات تبرز في تحديد التوقيت المناسب لخفض الفائدة دون إعادة إشعال التضخم أو دفع الاقتصاد نحو الركود، مع ترقب المستثمرون والمحللون لخطاب باول السنوي للحصول على مزيد من الإشارات حول مستقبل السياسة النقدية.

تكاد تجمع أسواق المال على إبقاء مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي، اليوم الأربعاء، أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها في 23 عامًا للاجتماع السابع على التوالي، بينما يتوقع البعض إشارة جيروم باول، رئيس البنك الفيدرالي، إلى أنه سيخفض أسعار الفائدة هذا العام عدد مرات أقل مما كان يعتقد سابقًا.

وسوف يولي المستثمرون وغيرهم من مراقبي السوق اهتماماً وثيقاً بأحدث التوقعات الاقتصادية لمسؤولي البنك والمعروفة باسم "مخطط النقاط"، التي يمكن للمحللين من خلالها استنتاج تحركات البنك بصورة كبيرة خلال الفترة القادمة. ويتوقع الاقتصاديون على نطاق واسع أن يقوم مسؤولو البنك الفيدرالي بتخفيض واحد أو بتخفيضين لأسعار الفائدة هذا العام، بدلاً من الثلاثة التي توقعوها في مارس/آذار. وستكون توقعاتهم للتضخم أيضًا بمثابة دليل مهم لتوقيت التخفيض الأول لسعر الفائدة.

وتوقف تباطؤ التضخم في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، ما أطاح آمال وول ستريت في أن يتمكن البنك الفيدرالي من خفض أسعار الفائدة بقوة في عام 2024، لكن البيانات الاقتصادية أظهرت بعد ذلك أن التضخم انخفض مرة أخرى في إبريل/نيسان. ويحتاج صناع القرار في البنك الفيدرالي إلى التأكد من أن التضخم قد انخفض بدرجة كافية قبل بدء دورة جديدة لخفض الفائدة، ستكون الأولى منذ عام الجائحة.

ويمكن أن تقدم تصريحات رئيس البنك الفيدرالي، خلال مؤتمره الصحافي المقرر عقده بعد الاجتماع أيضًا، بعض التلميحات حول ما يمكن توقعه من البنك المركزي الأكبر في العالم في اجتماعات السياسة القادمة. ومن المرجح أن يشدد رئيس البنك الفيدرالي على استراتيجيته الحالية المتمثلة في الانتظار بصبر للحصول على المزيد من البيانات التي تثبت أن التضخم يتجه نحو هدفه البالغ 2% قبل أن يبدأوا في خفض تكاليف الاقتراض. وتساهم سوق العمل القوية، كما ظهر في أحدث بيانات للوظائف، في إبقاء البنك الفيدرالي متماسكاً، رغم بقاء معدلات الفائدة على ارتفاعها.

ويتناقض تباطؤ البنك الفيدرالي في خفض تكاليف الاقتراض بشكل ملحوظ مع البنوك المركزية الأخرى التي بدأت بالفعل في خفض تكاليف الاقتراض، مثل البنك المركزي الأوروبي وبنك كندا والمركزي السويسري.

البنك الفيدرالي وخفض الفائدة الأول

وتشير العقود المستقبلية في الوقت الحالي بوضوح إلى أن أفضل رهان لـ"وول ستريت" لإجراء الخفض الأول لأسعار الفائدة هو سبتمبر/أيلول. ولكن قبل ذلك الاجتماع، من المتوقع أن يلقي باول خطابه السنوي في الندوة الاقتصادية السنوية في "جاكسون هول" في أغسطس/آب، والذي عادة ما يحتوي على تلميحات رئيسية لتحركات السياسة في وقت لاحق من العام. ويبدو أن هناك اتفاقاً واسع النطاق بين مسؤولي البنك الفيدرالي على إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة بالقدر الكافي لفترات مطولة، مدعومين بمرونة الاقتصاد.

وقال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز، قبل بضعة أسابيع، في حدث استضافه النادي الاقتصادي في نيويورك، عند سؤاله عما إذا كان سيدعم خطة لخفض الفائدة: "لا أشعر بأي إلحاح أو حاجة إلى اتخاذ قرار الآن". وأضاف ويليامز: "السياسة التي وضعناها ناجحة. لكن وجهة النظر حول المسار المناسب للسياسة تتأقلم مع التغير في التوقعات".

ومع ذلك، أكد باول ومسؤولون آخرون في خطاباتهم الأخيرة أن البنك الفيدرالي من المرجح أن يخفض أسعار الفائدة في وقت ما من هذا العام، ويمكن لرئيس البنك إعادة التأكيد على هذا الرأي في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع. وقال رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في مينيابوليس نيل كاشكاري، في حدث بلندن في أواخر مايو/أيار: "بالتأكيد لن يكون هناك أكثر من تخفيضين هذا العام".

وعادة ما يكون قرار بدء دورة خفض جديدة لأسعار الفائدة صعبًا، لأن هناك مخاطر إذا خفض البنك الفيدرالي أسعار الفائدة في وقت مبكر جدًا، ومخاطر إذا خفضها بعد فوات الأوان. وقد يؤدي الأول إلى ارتفاع معدلات التضخم مرة أخرى، وقد يؤدي الأخير إلى انزلاق الاقتصاد إلى الركود لأن أسعار الفائدة كانت مرتفعة للغاية مدة طويلة جدًا.

ولا يزال الاقتصاد الأميركي يتمتع بصحة جيدة من خلال العديد من التدابير الرئيسية، ولكن البيانات تظهر أن العديد من الأميركيين يتعرضون للضغوط، فأسعار الفائدة عند أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من ربع قرن، ولا يزال التضخم مرتفعا، ويستمر المقترضون في مراكمة الديون، بينما تتضاءل المدخرات التي كُوِّنت خلال فترة الوباء. وأبطأ المستهلكون إنفاقهم في الأشهر الأخيرة، حيث يقول تجار التجزئة إن المتسوقين غيروا سلوكهم الشرائي.

وبالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تُعدَّل توقعات مسؤولي البنك الفيدرالي للبطالة هذا العام إلى الأعلى، نظرًا لأن معدل البطالة يبلغ حاليًا 4%، وهو ما يتوافق بالفعل مع متوسط ​​توقعات المسؤولين الحالية لعام 2024، رغم أن باول توقع وصوله إلى 4.5% قبل نهاية العام. وأثار إجمالي الوظائف الأضعف من المتوقع لشهر إبريل مخاوف من تدهور الاقتصاد بسرعة، لكن البيانات الممتدة على مدى عدة أشهر تشير إلى أن هذا الشهر كان على الأرجح مجرد شهر واحد ولا يعكس اتجاهًا جديدًا.

وقال غاريت ميلسون، مسؤول استراتيجيات المحافظ في Natixis لإدارة الاستثمارات، لشبكة "سي أن أنط الإخبارية: "إننا نشهد تهدئة من المستويات الإسمية التي لا تزال مرتفعة للغاية، لذلك نحن في الأساس نعود إلى مستويات نمو أكثر استدامة". ومع ذلك، يتوقع الاقتصاديون عمومًا أن يشهد الاقتصاد الأوسع وسوق العمل مزيدًا من التباطؤ في النصف الثاني من العام. ومن شأن الاقتصاد البارد أن يبشر بالخير بالنسبة لتوقعات خفض أسعار الفائدة.

هل سيستمر التضخم في التباطؤ؟

من الواضح أن بنك الاحتياط الفيدرالي غير راضٍ عن مستوى التضخم في الوقت الحالي، ويبقى أن نرى ما إذا كان المسؤولون سيكونون راضين في أي وقت قريب. ويبلغ التضخم المستهدف لمجلس الاحتياط الفيدرالي نسبة 2%، وبالتالي فإن البنك المركزي سيبقي على معدلات الفائدة عند مستواها الحالي حتى يصل التضخم إلى هذه العتبة ويظل هناك عدة أشهر.

وارتفع مقياس التضخم المفضل لدى البنك الفيدرالي، وهو مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، بنسبة 2.7% في إبريل، بانخفاض كبير من 4.4% في إبريل 2023. ولكن على أساس سنوي، ارتفعت أسعار المستهلكين بنسبة 2.9% خلال الأشهر الستة حتى إبريل، بتسارع من 2.4% في الأشهر الستة السابقة. وقال باول: "نحن غير راضين عن معدل التضخم بنسبة 3%".

وكان المأوى (الإيجار) من الفئات العنيدة التي واصلت الضغط على التضخم بشكل خاص عدة أشهر، وهو يشكل جزءًا كبيرًا من مؤشر أسعار المستهلكين، وبدرجة أقل، نفقات الاستهلاك الشخصي. وبقي صناع القرار والاقتصاديون في البنك الفيدرالي في انتظار ظهور انخفاض الإيجارات في البيانات، وهو ما ظهرت بشائره في تقرير التضخم الصادر اليوم في الثامنة والنصف صباحاً بتوقيت واشنطن.

المساهمون